الهاتف المحمول في الطائرة
الهندسة والآليات >>>> الالكترونيات
من المؤكد أنَّ معظمنا قد سمع هذه العبارات كثيرًا، لكن هل جميعنا ملتزمٌ بها؟ هل نسيت ذات مرة أن تُطفئ جوّالك أو جهازك اللوحي؟ وهل من الممكن حقًّا أن تسقط الطائرة لهذا السبب؟
تعمل الأجهزة الإلكترونية الشخصية عملًا مُشابهًا لآلية عمل الأجهزة الإلكترونية للطائرة؛ إذ تُستخدَم المئات من الأنظمة الإلكترونية المعروفة بـ ’’avionics’’ للتوجيه والتواصل مع الأرض والسيطرة على الأجزاء والمكوِّنات المسؤولة عن إبقاء الطائرة في الهواء.
قد تحوي بعض الأجهزة الإلكترونية الشخصية مكوناتٍ من الممكن أن تتبادل المعلومات مع أجهزة مقصورة الطائرة، والمشكلة غير مُقتصِرة على الجوالات، بل تشمل: قارئات الكتب الإلكترونية ومُشغِّلات الأغاني والحواسيب المحمولة وحتى مُشغِّلات الألعاب أيضًا.
قد تبعث هذه الأجهزة إشاراتٍ راديوية التي قد تؤثر في عمل أجهزة الملاحة للطائرة (avionics) إذا كانت بتردد قريب من ترددها، مما يؤدِّي إلى إعطاء قراءاتٍ و إشاراتٍ خاطئة، وهذا سيؤثر بأجهزة الطائرة؛ كالرادار وأجهزة الاتصالات وتقنيات تفادي الاصطدامات.
وقد تتفاقم هذه المشكلة إذا كان الجهاز الشخصي متضررًا، وبدأ بإرسال أمواجٍ راديويةٍ أقوى من الحالة الطبيعية، أو إذا اجتمعت أكثر من إشارةٍ من أكثر من مصدر لتكوِّن إشارة واحدة قوية.
وتُعدُّ الهواتف النقَّالة مركز اهتمام؛ لأنَّها مُصممة أساسًا لإرسال الأمواج واستقبالها التي يجب أن تكون قوية بما يكفي لتُستقبَل عن بُعد.
وعلى الرَّغم من أنَّه لا يوجد أيُّ إثبات حقيقي على ما سبق، لكنَّ هناك العديد من الأدلَّة (مبنية على شهادات أشخاص وليس على أساس علمي) التي تشير إلى أنَّ الخطورة يجب أن تُعامَل بجديةٍ أكبر. وقد نشرت ناسا شهرَ يناير هذا العام تقريرًا يُلخِّص 50 حالة من مشكلات تتعلق بالسلامة التي سببتها الأجهزة الإلكترونية الشخصية.
جُمِعت هذه الحالات من نظام تقارير الطيران الأمريكي (US Aviation Safety Reporting System)، وهو قاعدة بيانات تُديرها ناسا، وفيها يمكن لأعضاء الطاقم أن يُقدِّموا تقاريرهم بسِريَّة عن مشكلات السلامة.
تلخصت إحدى هذه الحالات كالآتي: "أشار الضابط الأول إلى وجود خطأٍ في آليّة عمل نظام البوصلة في أثناء الإقلاع، وعندما طلب طاقم الطائرة من الركَّاب التأكد من أنَّ جميع أجهزتهم الإلكترونيّة مغلقة، عاد النظام إلى العمل طبيعيًّا".
لكن هل من المعقول أنَّنا الآن في عصر السرعة والاتصال في عام 2014، وما زلنا لا نستطيع استخدام آخر ما توصل إليه العلم من تكنولوجيا على متن الطائرة؟
بدأت علاقة الطيران بالتكنولوجيا في التَحسُّن في السنوات القليلة الماضية، وقد اتُخِذَت إجراءات عديدة للسماح باستخدام الأجهزة الإلكترونية استخدامًا أكبر وأكثر فعالية في الجو، وقد بدأنا فعلًا بملاحظة هذا التَحسُّن؛ فقد نشاهد أنَّ طاقم الطائرة يَستخدم الأجهزة اللوحية في عمله أو نجد أنَّ الطائرة مُجهزة بخدمة wi-fi، وحتى من الممكن أن تُتاح لك إمكانية الاتصال والتحدُّث مع من ترغب أو إرسال الرسائل القصيرة عن طريق الجوال.
كان سبب تنفيذ حظر استخدام الأجهزة الإلكترونية في الطائرات على النحو الكبير والواسع؛ لأنَّها قد تُشوش على أجهزة الاتصال الخاصة بالطائرة، ولكن مثل هذه المخاوف قد تبدَّدت إلى حدٍّ كبير.
في السنة الماضية؛ وبأمرٍ من مدير الطيران الفيدرالي في الولايات المتحدة (Federal Aviation Administrator-FAA)؛ بدأت لجنة وضع قوانين الطيران للأجهزة الإلكترونية المحمولة (the Portable Electronic Devices Aviation Rulemaking Committee -ARC) بالعمل للتحقُّق إذا ما أصبح من الآمن أن يُسمَح باستخدام الأجهزة الإلكترونيّة استخدامًا أكبر على متن الطائرات اليوم. وتلخَّصت أهمُّ نتائج هذا التقرير في النقاط الآتية:
• معظم الطائرات التجاريّة قادرةٌ على تَحمُّل اشارات التشويشِ الراديويِّ الصادرِ عن الأجهزة الإلكترونيّة المحمولة.
• على شركات الطيران التحقُّق من أنَّ طائراتها قادرة على تَحمُّل التشويش وتخطيه؛ ففي حال تخطِّي الاختبار يُمكن للشركة أن تسمح لركَّابها باستخدام الأجهزة الإلكترونية المحمولة على متن طائراتها بجميع الارتفاعات.
• قد يطلب طاقم الطائرة من الركَّاب الاستمرار بإغلاق أجهزتهم في أثناء الهبوط في بعض حالات اضطرابات الجوِّ وضعف الرؤية.
• يجب أن توضع الأجهزة الأكبر حجمًا، كأجهزة الحاسب المحمولة، على نحوٍ آمنٍ تحت المقعد أو في المكان المُخصَّص فوق الرأس، وذلك في أثناء الهبوط واإاقلاع.
وفي تصريح صادرٍ عن اللجنة الأوروبية بعنوان: ’’الطيران: الاتحاد الأوروبي يوسِّع استخدام الأجهزة الإلكترونية على متن الطائرات’’، وقد وردَ فيه أنَّ وكالة سلامة الطيران في الاتحاد الأوروبي (EU's Aviation Safety Agency -EASA) حدَّثت تعليماتها في مجال استخدام الأجهزة الإلكترونية المحمولة (كالجوالات أو الأجهزة اللوحية أو قارئات الكتب الإلكترونية) في الطائرات.
وأكدت أنَّ هذه الأجهزة يمكن أن تبقى مُشغَّلة ما دام أنها وُضِعت في نمط الطيران (نمط عدم الإرسال أو الاستقبال)، وذلك طوال وقت الرحلة من الصعود إلى الطائرة ثُمَّ الاقلاع، وحتى الهبوط.
من الجدير بالذكر أنَّه لا توجد حتى الآن أيُّ مجموعة قوانين دولية ثابتة تُحدِّد متى يمكن للركَّاب تشغيل أجهزتهم.
تسمح معظم شركات الطيران الأمريكية باستخدام الأجهزة في الارتفاعات فوق الـ 10000 قدم (3000 متر)، أمَّا بعض الشركات الأُخرى تمنع استخدامها في الإقلاع والهبوط فقط، والبعض الآخر يسمح بذلك طوال الرحلة شرط استخدامهم نمط الطيران.
بدأت العديد من شركات الطيران بتطبيق أنظمة الـ Wi-Fi على متن طائراتها، ممَّا يُمكِّن المسافرين من الاتصال بالإنترنت، وكذلك بعض الشركات الأُخرى (كطيران الإمارات) توفِّر إمكانية إرسال المكالمات أو استقبالها أو تبادل الرسائل القصيرة عبر الهاتف الجوال.
من الممكن القول أنَّ الجيل الجديد من الطائرات أكثر مناعةً وأفضل تحصينًا ضدَّ التشويش الصادر عن الدارات الإلكترونية للأجهزة المجاورة.
ولكن هل من الممكن لنا أن نتحقَّق من عُمرِ الطائرة التي سنسافر على متنها؟ أو ما مدى جودة تحصينها ومناعتها؟
هل استخدام هاتفك النقَّال سيؤدِّي إلى سقوط الطائرة بسبب رسالةٍ لنصفك الآخر؟
بالتأكيد لا، ولكن هناك احتمال أن يكون لها تأثير أكبر إذا حدثت في الوقت أو المكان غير المناسبين.
برأيك، هل ذلك يستحقُّ المخاطرة؟
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا
5- هنا
6- هنا
7- هنا
8- هنا