التقاط أول حبيبات غبار قادمة من خارج النظام الشمسي
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
مؤخراً استطاع العلماء التقاط حبيبات غبار بين نجمية والجميل في الاكتشاف أنه تم بمساعدة هواة مهتمين بالفلك. تم التقاط سبع جسيمات بواسطة مجس تابع لناسا قد تكون أول العينات المعروفة عن الغبار بين النجميّ التي تمَّ جلبها إلى الأرض. على مدار السنوات الثمانية الماضية، قام فريق من الباحثين -بمساعدة عدد كبير من المتطوعين حول العالم - بمسح وتحليل العينات التي قدمت إلى الأرض بوساطة المركبة الفضائيةStardust .
يتدفق الغبار بين النجمي بشكلٍ مستمر عبر النظام الشمسي، لكنه متبعثر بشكلٍ كبير ولذلك يُعد التقاط هذه الجسيمات أمراً صعباً جداً. حتى الآن،يعود كل ما يعرفه العلماء حول مثل هذا الغبار الى التحليل الطيفي للضوء المتشتت والممتص من قبل الوسط بين-النجمي. لكن لا تكشف تلك المراقبات عن الكثير من خواص الجسيمات المنفردة.
درس اتحاد مكون من 65 عالم التصادمات المجهرية التي قامت بها الجسيمات مع مجمعات Stardust ،تتكون هذه المجمعات من مادة فائقة الخفة والرقة قادرة على التقاط حبيبات الغبار دون تدميرهاوتُعرف بالإيروجيل.لخص العلماء نتائجهم في مجلة Science وفي 12 ورقة أخرى نشرت في Meteoritics & Planetary Science.
يشرح الفيزيائي أندرو ويستفال من جامعة كاليفورنيا في بيركلي والمؤلف الرئيسي للورقة العلمية، أن فريقه واجه مشكلة البيضة والدجاجة. يقول ويستفال، ‘‘لأننا لم نشاهد في السابق الغبار بين-النجمي أبداً، كان من الصعب جداً التعرف عليه وتمييزه عن جسيمات الغبار بين-الكوكبي. ما كنا نعرفه هو المسارات المتوقعة للجسيمات خلال انتشارها في الهليوسفير (وهي فقاعة مغناطيسية تحيط بنظامنا الشمسي تنشأ من تفاعل الرياح الشمسية مع الوسط بين النجوم)" . بكلماتٍ أخرى، كان الباحثون يفتشون عن حبيبات الغبار القادمة من اتجاه معين في السماء، الحالة مماثلة للقيادة على طريقٍ سريع أثناء عاصفة ثلجية: تضرب ندفات الثلج النافذة الأمامية أكثر بكثير من قيامها بصدم النوافذ الجانبية. بشكلٍ مشابه لذلك، خلال قيام النظام الشمسي بالدوران حول مركز المجرة، نشاهد الغبار قادماً من اتجاه معين في السماء وهذا الأمر ناتج عن حركتنا بالنسبة للوسط بين-النجمي .
من بين سبعة جسيمات مرشحة لأن تكون جسيمات بين نجمية ثلاثة منها- كبيرة نسبياً، بعرض يصل إلى 2 ميكرون لكل واحدة، اكتشفت على قطع الإيروجيل في مجمع الستارداست. وُجدت الجسيمات الأربعة المتبقية، بعرض أقل بكثير من بضعة أعشار الميكرون، في رقائق الألمنيوم المتوضعة بين الإيروجيل. حتى هذا التاريخ، تم مسح ما يصل إلى نصف الغبار الموجود في قطع الايروجيل، لكن ويستفال لا يتوقع إيجاد أكثر من 12 جسيمة في المجموعة كلها.
تم الكشف عن مرشحين في الاجتماع الذي حصل في العام 2010 (بمشاركة جيش من المتطوعين للبحث عن حبيبات الغبار بين-النجمي) لكن لم يقم الفريق بنشر تحليلاته لهذه الجسيمات حتى هذا اليوم. يقول دون براونلي ، فلكي في جامعة واشنطن بسياتل وهو الباحث الرئيسي في مهمة Stardust أنه وزملاؤه كانوا سعيدين بنتائجهم ويضيف "لم نكن نعرف مدى نجاح عملية التجميع، سواء في قطع الإيروجيل أو رقاقات الألمنيوم، لأنه لم يقم أي أحد في السابق بالتقاط مواد بين-نجمية عالية السرعة". يوضح التحليل أن الجسيمات السبع المرشحة مختلفة عن بعضها البعض من ناحية البنية والتركيب بشكلٍ يفوق كل ما كان متوقعاً.
يعتبر أدولف ويت، فلكي من جامعة توليدو في أوهايو، أن هذا الأمر تقدم مفاجئ لطالما تم انتظاره. توافق بريسيلا فريش، فلكية من جامعة شيكاغو في إلينوي، على ذلك،إذ تقول ‘‘تحتاج نماذج حبيبات الغبار للمراجعة من أجل أخذ هذه النتائج بعين الاعتبار. جسيمات الغبار بين-النجمي عبارة عن عينات مخبرية كونية لدراسة فيزياء السطوح المجهرية، وتقدم نتائج Stardust أساساً أكثر قرباً للواقع لتخمين الطريقة التي تكتسب فيها حبيبات الغبار شحنة كهربائية ،وتشتت الإشعاع الذي يصدمها".
ما كان حاسماً في المشروع هو وجود 30،714 متطوع يُشارك في stardust@home ، واحد من بين أكبر مبادارات العلم المدني على الانترنت. قاموا معاً بأخذ أكثر من 100 مليون صورة تمَّ من خلالها البحث عن تأثيرات الغبار بين النجمي على الأيروجيل ضمن مجالات مكبرة . شاهدت نعومي وردزوث، من بوكينغ هامشير في بريطانيا،إعلان المشروع على الـ BBC، إذ تقول ‘‘بدا أنه من الرائع المشاركة في مشروع علمي حقيقي مفتوح لأي شخص يريد استخدام مهاراته للمساعدة". في العام 2010، بعد أربعة سنوات على كونها "متفحصة للغبار"، استقبلت ايميلاً من ويستفال يخبرها فيه أنها اكتشفت واحدة من بين الجسيمات المرشحة لأن تكون غباراً بين-نجمياً. تقول نعومي ، ‘‘شعرت وكأنني ربحت اليانصيب‘‘. كجائزة على اكتشافها، سُمح لها أن تختار اسماً للجسيم -أطلقت عليه اسم هيلابروك نسبة لمكان اقامة عائلتها.
لتأكيد هذه النتائج الأولية ستكون الخطوة الجوهرية التالية هي قياس وفرة نظير الأكسجين النسبية في جسيمات الغبار بالاعتماد على التحليل الكتلي الطيفي فالتركيز المختلف عن ما هو موجود في نظامنا الشمسي سيبرهن أنها قادمة من نظام خارج مجموعتنا الشمسية. يمتلك الفريق الأجهزة الضرورية وفقاً لما يصرح به ويستفال، لكن الجسيمات لازالت مدفونةً داخل الإيروجيل ومن الصعب جداً التعامل معها. لذلك تتضمن الخطة قضاء السنوات الثلاث القادمة تقريباً في تحسين التقنيات لضمان عدم ضياع هذه المجموعة الصغيرة من الجسيمات.
المصدر: هنا
حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech/LMSS