مفارقة خط الساحل
الرياضيات >>>> الرياضيات
إنَّ ذلِك يعتمِدُ بصورة أكثر تحديداً على طريقةِ قياسِكَ لها! حيثُ أنَّ قياسَ طولِ ساحِلٍ ما ليسَ بالأمرِ السّهلِ إطلاقاً كما يبدو، بل هو أمرٌ صعبٌ ومعقَّدٌ ويحتمِلُ أعداداً لا متناهيةً من النّتائجِ المختلفةِ المعتمدةِ على طرق ووسائل مختلفةٍ مستخدَمَةٍ في القياسْ.
لَقَدْ كانتْ الملاحظةُ الأولى المُسجّلةُ لهذهِ الظاهرةِ عن طريق العالِمِ الإنجليزي لويس فراي ريتشاردسون Lewis Fry Richardson وهو ما عُرِفَ باسْم (أثَرْ ريتشاردسون Richardson Effect).
كيفَ يُمكِنُ للقياساتِ أن تكونَ مختلفةً عن بعضها بشدّة؟ وأيّ واحدةٍ منها هي الصّحيحة؟
في الواقِعْ، الإجاباتُ جميعُها صحيحةٌ، و النّاتجُ يعتمدُ على طولِ المسطرةِ المستخدمةِ في القياس، و بالتّالي على كميَّة التّفاصيلِ المرادِ قياسُها، فاستخدامُ مسطرَةٍ أقصر في القياس يتيحُ لنا الإحاطَةَ بعددٍ أكبرَ من التّفاصيل من تعرجاتٍ وانعطافاتٍ دقيقةٍ تشمُلُ رؤوساً وخلجاناً منتشرةً على طولِ الخطِّ الساحليِّ، لذلِك فإنّ الطّولُ المُقدَّرُ يزداد بنقصـانِ طـــولِ المسطرةِ المستخدمةِ. حيث يمكن توضيح ذلك كما في الصّورة في الأسفل:
إنَّ تقديرَ طولِ القوس يتعلَّقُ بعددِ القطعِ المُستقيمةِ المُستخدمةِ في القياس، وهذه المنهجيِّة هي نفسُها المُستخدمةُ في تقديرِ قياسِ طولِ خطِّ ساحليٍّ ما، ولكنّ الأمرَ أكثرُ تعقيداً بالنّسبةِ للخطوطِ السَّاحليَّةِ، فهي غيرُ مؤلَّفةٍ من أقواسٍ مُنتظمةٍ كما في الشّكل أعلاه.
فعلى سبيل المثالِ، إذا أردنا قياسَ طولِ السَّواحِلِ البريطانيَّةِ باستخدامِ عيدانٍ تمثّل أطوال 200 km،km 100، و 50 km على الخريطة، فإنّه بحساب الطّول الكُلّي للسَّاحل في كلِّ مرّة فإنّهُ يتبيَّن لنا أنّ أطوال السّاحل هي على التّرتيب 2350 km، 2775 km، و 3425 km. ممّا يؤكّد لنا الفكرة السّابقة القائلة بأن الطّول المقدَّر يزداد بنقصان طول المسطرة المستخدمة.
العودُ الواحِدُ يمثِّلُ على الخريطةِ:
1) في الصّورةِ الأولى: 200 km
2) في الصّورةِ الثّانيةِ: 100 km
3) في الصّورةِ الثّالثةِ: 50 km
هذهِ النّتائجُ السَّابقةُ قادتنا إلى فكرة بديهيَّةٍ مفادُها أنَّهُ لا يوجد طولٌ أو قياسٌ ثابتٌ و صحيحٌ لأيِّ خطٍّ ساحليّ، هذهِ الظَّاهرةُ هي ما يسمى بمفارقة خطّ السَّاحل.
ومفارقة خطّ السَّاحل هي إحدى نماذج و تطبيقات ما يُعرف بالهندسة الكُسيريّة Fractal Geometry، حيث أنّ الخُطوط السَّاحليةَ تُشبه البنى الكسيريَّة (الكسيريَّات) Fractals ، و بالتّالي يمكننا دراستها كجزءٍ من هذه الهندسة، و تطبيق أفكار هذه الهندسة على خطوط السّواحل، و بذلك ننتج نموذجاً رياضيّاً لها يساعدنا في حساب العديد من الأشياء الأخرى بسهولة.
المصادر :
1) هنا
2) هنا
3) هنا
حقوق الصورة :هنا