لو تمكنت بطريقة ما أن تخطو خارج الكون، فكيف سيبدو شكل الكون من الخارج ؟ لقد أربك هذا السؤال العلماء لوقتٍ طويل، فقاموا بأخذ قياسات مختلفة ومتعددة لتحديد الشكل الهندسي للكون، ومعرفة فيما إذا الكون متجها إلى نهايته أم لا. ولكن كيف قاموا بقياس شكل الكون وماذا وجدوا ؟

هندسة الكون :

تبعاً لنظرية أينشتاين "النسبية العامة"، الفضاء نفسه ينحني بفعل الكتلة، ونتيجة لذلك فإن كثافة الكون - كتلة الكون مقسومة على حجمه- تحدد شكل الكون ومستقبله.

في عشرينات القرن الحالي وجد إدوين هابل أن المجرات جميعها تبتعد عنا بسرعات تتناسب مع بعد المجرة عنا. فكلما كانت المجرة أبعد كانت سرعة ابتعادها أكبر. يسمى ثابت التناسب مابين سرعة ابتعاد المجرات وبعدها عنا "بثابت هابل". وبفضل هذا الثابت أيضاً يمكن حساب ما يسمى الكثافة الحرجة للكون. إن مقارنة هذا الكثافة مع الكثافة الفعلية للكون تساعدنا على فهم كوننا بشكل أفضل.

إذا كانت الكثافة الفعلية للكون أقل من الكثافة الحرجة، عندها لن يكون هناك كتلة كافية لإيقاف توسع الكون، وسيستمر الكون في توسعه للأبد، وسيكون الشكل الناتج منحنياً مثل سطح "سرج الحصان" وهذا ما يعرف بالكون المفتوح. يمكنك أن تشبه الأمر بحبات خرز موضوعة على سطح يشبه شكل سرج الحصان أو حتى السطح الخارجي لقبة كروية. ستشاهد أن حبات الخرز هذه ستستمر بالابتعاد عن بعضها تماما كالمجرات في الكون.

لو كانت الكثافة الفعلية أكبر من الكثافة الحرجة فإن الكون سيكون مغلقاُ ومنحنياً كالسطح الداخلي للكرة، وذلك لان الكون يحوي كتلة كافية ليتوقف في النهاية عن التوسع ، وبمجرد توقفه عن التوسع سيبدأ بالانكماش، عندها ستتوقف المجرات عن التباعد وتبدأ بالتحرك نحو بعضها البعض، وفي النهاية سيخضع الكون لعكس الانفجار العظيم والذي يعرف باسم "الانسحاق العظيم". وهنا أيضا يمكننا تشبيه المجرات بحبات الخرز الموضوعة على السطح الداخلي للكرة. مهما ابتعدت عن بعضها ستتدحرج حبات الخرز هذه عائدة للاقتراب من بعضها البعض.

ولكن لو كانت الكثافة الفعلية مساوية للكثافة الحرجة -هذا ما يظنه العلماء- عندها سيستمر الكون في التوسع للأبد وسيبدو كقطعة مسطحة من الورق. فإذا كان الكون يحتوي بالتحديد على ما يكفي من الكتلة لوقف التوسع في نهاية المطاف، ف ستكون الكثافة الفعلية في هذه الحالة مساوية للكثافة الحرجة، وسيتباطئ معدل توسع الكون تدريجياً على مدى فترة لا نهائية من الزمن. في هذه الحالة يعتبر الكون مسطحاً وذو حجم لانهائي.

تشير القياسات إلى أن الكون مسطح، مما يدل على أن الكون لانهائي في الحجم، لكن سرعة الضوء المحدودة تسمح لنا فقط برؤية جزء من الكون فقط، ولأن عمر الكون يبلغ 13.8 مليار سنة تقريباً فإننا نستطيع رؤية 13.8 مليار سنة ضوئية فقط من موقعنا على كوكب الأرض.

قياس الكون :

منذ أن أعلن إدوين هابل عن اكتشافه لتوسع الكون اعتمد الفلكيون على القياسات المستمدة من انفجارات السوبرنوفا ومن أجسام أخرى لتحسين حساباتهم حول مدى سرعة توسع الكون. تقوم أدوات وأجهزة أخرى بقياس إشعاع الخلفية الكوني وذلك في محاولة أيضاً لتحديد شكل الكون كمسبار (WMAP) التابع لناسا والذي يقوم بقياس تقلبات إشعاع الخلفية الكوني في طريقة مختلفة لتحديد شكل الكون فيما إذا كان مفتوحاً أم مغلقاً، وقد أعلن العلماء في عام 2013 أن القياسات تدل على أن الكون مسطح مع وجود هامش خطأ 0.4 %. وقد عادت نتائج مهمة بلانك لتدعم هذا الاستنتاج في آذار 2013.

ومع أن هذه القياسات تنسجم مع فكرة أن شكل الكون مسطح ولكنها لا تستبعد أشكالا أخرى أيضا. ولكن تحديد ذلك سيستلزم المزيد من البيانات مستقبلاً.

المصدر: هنا

حقوق الصورة: NASA/WMAP Science team