الكون لا يتوسع بالمعدل المتزايد الذي كنّا نعرفه
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
الفلكي "ميلن" قائد الفريق البحثي أكتشف أن نمط المستعرات العظمى (supernova 1a)، الذي كانت تُعتبر مستعراته متطابقة حيث كان علماء الكونيات يستخدمونها كمنارات كونية لسبر أعماق الكون، اكتشف وجود اختلافات فيما بينها، وذلك مشابه لذهابك إلى محل الخردوات وشرائك مجموعة من المصابيح الكهربائية 100 واط لتكتشف بعدها أنها تختلف عن بعضها بشدة الإضاءة.
ويقول "ميلن" أن تلك الاختلافات لم تكن عشوائية، بل إن نمط المستعرات العظمى 1a ينقسم إلى مجموعتين، حيث إن المجموعة التي تكون من حيث العدد أقلية بالقرب منا تكون كذلك أكثرية عند المسافات البعيدة، أي كانت أكثر عندما كان الكون أصغر. إذاً هناك مجموعات مختلفة لكن حتى الآن لم يتم التعرف عليها تماماً، والفرضية القديمة التي كانت تقول أنه كلما اتجهنا من مكان قريب إلى مكان أبعد فإن نمط المستعرات العظمى1a سوف يبقى نفسه تبيّن أنها خاطئة.
ذلك الاكتشاف يلقي الضوء على الرأي المتداول والمقبول حالياً الذي يقول بتوسع الكون وفق معدل متزايد بسبب قوة لا نعرف عنها إلا القليل وتدعى بالطاقة المظلمة. ذلك الرأي كان قد استند إلى عمليات رصد تم بموجبها منح جائزة نوبل للفيزياء في عام 2011 لثلاثة علماء من ضمنهم أحد علماء جامعة اريزونا أيضاً وهو "بريان شميت". الحائزين على جائزة نوبل كانوا قد اكتشفوا أن العديد من المستعرات العظمى1a تبدو أكثر خفوتاً مما كان متوقعاً والسبب حسبما قالوا يرجع لانتقالها بعيداً عن الأرض أكثر مما ينبغي لو أن الكون كان يتمدد بنفس المعدل، وتوصلوا إلى أن ذلك يشير إلى معدل متزايد لابتعاد النجوم والمجرات عن بعضها البعض، وبعبارة أخرى فإن هناك شيئاً ما يدفع بأجزاء الكون بعيداً عن بعضها البعض بشكل أسرع.
المنطق السابق كان خلفه فكرة تقول أن نمط المستعرات العظمى1a متشابهة من حيث السطوع وأن جميعها ينتهي بها المطاف بشكل مماثل لبعضها عندما تنفجر، لذلك بدأ الناس باستعمالها كنقاط علّام لتحديد المسافات في الكون، وتماشياً مع الفكرة السابقة فإن المستعرات العظمى1a البعيدة يجب أن تكون مشابهة لتلك القريبة بسبب تماثلها، لكن وبسبب خفوتها الأكثر من المتوقع فإن الناس خلصوا إلى أنها أبعد أيضاً من ما هو متوقع، وهذا قادهم إلى استنتاج أن الكون يتمدد أسرع من ما كان في الماضي.
"ميلن" وشركاءه في البحث رصدوا عينة كبيرة من نمط المستعرات العظمى1a ضمن مجالي الضوء المرئي والفوق بنفسجي واستعملوا لذلك الغرض تلسكوب "هابل" الفضائي والقمر الصناعي "سويفت" التابع لناسا.
البيانات التي تم جمعها بوساطة "سويفت" كانت حاسمة بسبب إظهارها لاختلافات لونية بين مجموعتين من ذلك النمط، حيث كانت هناك انزياحات طفيفة باتجاه الطيف الأزرق أو الأحمر والتي لم تكن واضحة عند دراستها بالضوء المرئي الذي كان مستخدماً سابقاً بدراسة هذا النمط، لكنها أصبحت واضحة عند دراستها باستخدام الأشعة فوق البنفسجية بوساطة القمر الصناعي "سويفت".
يضيف "ميلن" بأن إدراكهم لوجود مجموعتين مختلفتين من المستعرات العظمى 1a بدأ من خلال بيانات "سويفت" وانهم عندما بحثوا في بيانات أخرى لرؤية إذا ما كانت تؤيد البيانات السابقة، وجدوا أنها بالفعل تميل إلى ذلك.
عندما نرجع بالزمن للوراء نلاحظ اختلافا في مجموعات المستعرات العظمى وذلك الشيء لن يبدوا ظاهراً عند النظر إليها بالضوء المرئي، لكنه سوف يتجلى عند مراقبتها بالأشعة فوق البنفسجية، وبما أن أحداً لم يدرك هذا الأمر سابقاً فإن جميع تلك المستعرات تم تصنيفها تحت نفس الخانة، لكن إذا راقبت 10 مستعرات قريبة ستلاحظ أنها اكثر سطوعاً واحمراراً من عينة من 10 مستعرات بعيدة.
خلص الباحثون إلى أن جزءاً من تسارع الكون المسجل حالياً يمكن أن يُعزى لطريقة تفسير اختلافات لون الإضاءة بين مجموعتين من المستعرات السابقة، وعند حذفنا لذلك الجزء فإن التسارع سيكون أقل من ما هو مُسجّل، وذلك بطبيعة الحال سوف يتطلّب قدر أقل من الطاقة المظلمة المفترضة حالياً.
يقول "ميلن" أنهم قد اقترحوا واعتماداً على نتائجهم السابقة وجود مقدار من الطاقة المظلمة اقل من ما هو متعارف عليه في الكتب، لكنهم لا يستطيعون وضع رقم محدد، فحتى لحظة إصدار أوراقهم البحثية كانت هناك مجموعتين من المستعرات العظمى تُعاملان على أنهما مجموعة واحدة، وللحصول على إجابة نهائية عليك أن تقوم بكل ذلك العمل مرةً أخرى وبشكل منفصل على كلٍ من المجموعتين ذات اللون الأحمر واللون الأزرق، كما أن الباحثين بحاجة لجمع المزيد من البيانات ليكون باستطاعتهم فهم تأثير القياسات والنتائج الحالية على الطاقة المظلمة.
المصادر:
هنا
هنا
هنا