الاستنساخ البشري... المُوثَّق وغير الموثَّق!
البيولوجيا والتطوّر >>>> بيولوجي
فالاستنساخ "cloning": هو انتاج كائن حي مطابق جينياً لكائن آخر والطريقة الاكثر شيوعاً لتحقيق ذلك هو بنقل المادة الوراثية لخلية من الكائن الحي لبويضة منزوعة النواة وعندما تنقسم هذه البويضة وتعطي جنيناً سيكون مشابها للكائن الحي المأخوذ منه النواة وهو نوع من التوالد اللاجنسي.
كما هو معلوم للجميع بأن الاستنساخ خرج من نطاق الأساطير من خلال محاولات عديدة للعلماء ابتدأت منذ عام 1885م ولعلَّ من التجارب الطريفة لتوليد توأمين متشابهين جينياً هي التجربة التي قام بها Spemann حيث قام بفصل خليتين من الجنين في مرحلة "الخليتين" بواسطة شعرة ممَّا أدى لإنتاج حيواني سُمَّندر Salamandar متشاببهين.
وفي عام 1996 تم استنساخ النعجة (دولِّي بارتون ) لتصبح اول كائن ثدي يتم استنساخه من الخلايا البالغة. وللاستنساخ فوائد علمية كثيرة خاصةً (الاستنساخ العلاجي) لكن له أيضاً أخطارٌ كبيرة اجتماعياً وأخلاقياً خاصةً (الاستنساخ التوالدي).
في مقالنا هذا سنتطرق إلى التجارب الموثقة وغير الموثقة التي تناقش الاستنساخ البشري وسنكتب في مقال آخر عن آلياته وصعوباته وأخلاقياته بشكل مفصل.
الإستنساخ البشري غير الموثَّق:
العمل الأول :
تعد الحركة الرائلية التي أسسها (كلود فوريلهون) في كندا من أوائل المؤسسات التي أعلنت لوسائل الإعلام أنها تعمل على الاستنساخ البشري، حيث تقوم بالتجارب السَّرية الباحثة البيولوجية (Brigiht Boisseli). المثير في الأمر أن مؤسس هذه الحركة مقتنعٌ أنَّ البشر عبارة عن كائنات قامت المخلوقات الفضائية باستنساخها وإرسالها للأرض، ويدعو أتباعه الى تصديق ذلك على أنها الفرضية الصحيحة لوجود البشر على الأرض. أعلنت هذه الحركة أنها استنسخت إنساناً وستعرضه على القنوات الفضائية لكنها لم تفعل!
العمل الثاني:
وهو عمل يقوم به طبيب إيطالي وزوجته وهو باحث مشهور له أكثر من 40 بحث مرموق ومنشور حول أطفال الأنابيب والإخصاب في الزجاج IVF اسمه الدكتور (سيفيوينو أنتينوري ) فهو أعلن مراراً أنه يستعد للاستنساخ البشري بشكل واقعي!
عندما كان يُسأل "أنتينوري" عن مختبراته ومكان وجودها ومصادر تمويلها ولماذا أبحاثه سرية، كان يُجيب أن مخابره تقع في مكان ما في آسيا وأن هنالك ما يقرب من عشرين باحثاً من جنسيات مختلفة يعملون في مختبراته وأن تمويلها يأتي من أثرياء آسيويين وعرب وأنَّ إعلان نتائجه لم يحن بعد. وإلى الأن لم يَسمع العالم عن أبحاثه أي شيءٍ يذكر!
الإستنساخ البشري الموثَّق:
أول دراسةٍ موثقةٍ للاستنساخ البشري هي التي قامت بها شركة Advanced Cell technology في أمريكا، وقد نشرت هذه الشركة أبحاثها بمجلات علمية مرموقة. لكن تجارب هذه الشركة المتقدمة لم تفضِ إلَّا إلى استنساخ جنين واحد وصل لمرحلة الخلايا الثمانية (عاش قرابة 30 ساعة) ثم توقف عن التنامي وتشكل نتيجة إجراء 93 تجربة على 93 بويضة بشرية ولاتزال الأبحاث مستمرة من قبل هذه الشركة.
خلال العامين الماضيين كانت هناك قفزات كبيرة في مجال استنساخ البشر فحتى عام 2013م لم ينجح العلماء من تخطي المراحل المبكرة للجنين البشري عند اجراء تجارب الاستنساخ حيث كانت الاجنة تتوقف عن النمو قبل الوصول لمرحلة الكيسة الأروميَّة Blastocyst، ولكن في عام 2013م تمكن فريق من العلماء من تكوين جنين بشري في مرحلة الكيسة الأرومية عن طريق الاستنساخ واستخدام خلايا جنينية "cell fetal" وضعت نواتها ضمن بويضة غير مخصَّبة وتعد هذه الخطوة خطوة عظيمة لأنها استطاعت ولأول مرة الحصول على خلايا جذعية جنينية من خلايا إنسان عن طريق نقل نواة الخلايا الى بويضة غير مخصبة.
وفي عام 2014 تم نشر بحث آخر استخدم الطريقة السابقة باستعمال خلايا من رجلين يبلغان من العمر 35 و75 عاماً وتم أخذ نالأنوية من الخلايا الجلدية وزرعها ضمن بويضة لتصل لمرحلة الكيسة الأرومية.
أخيراً، ستظل أبحاث الاستنساخ في تقدمٍ مستمرٍ ولن تقف عند حد معين ولا عند صعوبة معينة ولا عند كائن معين، فنحن بدورنا لدينا القناعة التامة بأن التقدم العلمي هو عصا سحرية قادرة على التغلب على جميع المصاعب العلمية التي تعترض طريق العلم عموما والإستنساخ خصوصا لكن بنفس الوقت نؤكد أن القوانين والأخلاقيات التي تحكم العلم يجب أن يكون لها احترامها ويجب أن نثق دائما بحكمة البشرية لا بغبائها أو على الأقل نثق بحكمة علمائها لأن هذه الحكمة هي الوحيدة القادرة على تسخير المعرفة العلمية لصالح تقدم البشرية وتطورها المستمر.
المصادر:
1 - الجينوم البشري وأخلاقياته . جينات النوع البشري . جينات الفرد البشري . د . هاني خليل رزق بروفيسور البيولوجيا الجزيئية وعلم الجنين الجزيئي بجامعة دمشق . دار الفكر . دمشق 2007
2 - (Henight. R.m. Scientific American .286 (6
3 - (Cabell. J.B.et.al. Scientific American. 286 (1
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا