الطاقة الشمسية أرخص من النفط
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> الطاقات المتجددة
السبب الرئيس لعدم رؤيتنا لألواح الطاقة الشمسية تملأ أسطح المنازل حول العالم أو لعدم نصب العنفات الريحية في سهولنا وبحارنا هو الكلفة المادية المرتفعة لهذه المشاريع مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية المعتمدة على الوقود الأحفوري.
تعتمد الهيئات المنتجة للطاقة عند بيع الكهرباء مباشرة للمستهلك أو لشركات توزيع الكهرباء الحكومية سواء أكانت مملوكة من قبل الدولة أو القطاع الخاص للكهرباء، تعتمد على فكرة الكلفة المعدّلة للكهرباء أو (Levelized Cost of Electricity)* والتي يشار إليها اختصاراً بـ LCOE بهدف تحديد سعر واحدة الكهرباء (الكيلو واط الساعي). يحتاج تحديد الكلفة المعدلة الكهرباء المنتجة عن طريق محطة تعمل على الغاز الطبيعي مثلاً إلى عدد من العوامل من بينها كمية الكهرباء التي من المتوقع أن تنتجها هذه المحطة ضمن عمرها الافتراضي (هذا سيمثل الدخل) بالإضافة إلى المصاريف المختلفة التي ستخضع لها طول فترة عملها (كلفة البناء، الصيانة، أسعار الوقود). يتم استخدام كل تلك القيم وباستخدام توقعات عن نسبة التضخم في الاقتصاد السنوي لتحديد كلفة الكهرباء المعدلة التي تنتجها هذه المحطة.
تلعب هذه الحسابات دوراً هاماً جداً عند المفاضلة بين خيارات إنتاج الطاقة المتاحة والتكنولوجيات المستخدمة بها وحتى مواقع المحطات المزمع بناؤها. على سبيل المثال: إن أظهرت الحسابات أن كلفة الكهرباء المعدّلة لمحطة طاقة بخارية أعلى من كلفة الكهرباء المعدلة لمحطة غازيّة فهذا يعني أنه ومن وجهة نظر اقتصادية صرفة، أن بناء المحطة الغازية هو الأفضل.
هذا العامل الاقتصادي كان سبب معاناة موارد الطاقات المتجددة في كسب موطئ القدم في السوق العالمية لمصادر الطاقة. فالوقود الأحفوري متوافر وتقنيات إنتاج الكهرباء منه موثوقة ومعروفة بعكس مصادر الطاقات المتجددة التي كانت في بداية طرحها تتمتع بأسعار مرتفعة ومردود منخفض.
ساهمت المعرفة والخبرة المتراكمة رويداً رويداً في تخفيض أسعار مصادر إنتاج الطاقة المعتمدة على الموارد المتجددة بشكل كبير؛ مثلاً: انخفض سعر الكيلو واط من الألواح الشمسية من 4 دولارات الى أقل من دولار في الوقت الراهن وفي نفس الوقت ساعدت السياسات الاقتصادية لبعض الدول في تسويق هذه الموارد وذلك إما بشراء الكهرباء المولدة عن طريقها من المواطنين بأسعار مرتفعة أو بمنح مستخدميها تسهيلات ضريبية ومصرفية. كل هذه الوسائل بالإضافة الى ارتفاع أسعار النفط والغاز ساهمت بردم الفجوة الكبيرة بين كلفة الكهرباء المعدلة المنتجة عن طريق الموارد المتجددة مقارنة بمثيلتها للمصادر التقليدية.
في السنتين الماضيتين أعلنت الكثير من حكومات الشرق الأوسط عزمها خفض انبعاثاتها الكربونية وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقات المتجددة في إنتاج الطاقة التي تحتاجها، فقد أعلنت كل من إمارتي دبي وأبو ظبي نيـّـتهما رفع حصة موارد الطاقات المتجددة من الإنتاج الكلي إلى 5% في دبي بحلول عام 2030 والى 7% في أبو ظبي بحلول عام 2020 بينما أعلنت المملكة العربية السعودية عزمها بناء محطات توليد للطاقة الكهربائية تعمل على الطاقات المتجددة باستطاعة تبلغ 54 غيغاواط (مقارنة مع 1 غيغاواط لكل من دبي وأبوظبي) بحلول عام 2032. بدت هذه الأرقام مستغربة بالنسبة للكثير حيث تعتبر هذه الدول من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم أي أن كلفته منخفضة جداً وبالتالي فإن مشاريع الطاقات المتجددة ماهي إلا خسارة مادية لو كان الهدف من ورائها توليد الكهرباء فحسب.
جاءت الأنباء السارّة من دبي وقبل يومين تحديداً. فقد أعلنت هيئة الكهرباء والمياه فيها نتائج المناقصة التي كانت قد طرحتها لتوقيع اتفاقية شراء الطاقة مع السعر الأخفض بين مجموعة من الشركات المتقدمة إلى المناقصة. تعتمد مبادئ اتفاقيات شراء الطاقة (Power Purchase Agreements) أو اختصاراً PPA على توقيع عقد بين شركة توزيع الكهرباء (في حالة دبي: هي هيئة المياه والكهرباء) وبين شركة خاصة تتعهد فيه شركة التوزيع شراء كافة كمية الكهرباء المنتجة من قبل الشركة لمدة زمنية محددة سلفاً قد تصل إلى 20 عاماً وبالمقابل تقوم الشركة الخاصة ببناء محطة إنتاج الكهرباء وصيانتها طول المدة المذكورة.
المفاجأة كانت عندما أعلنت هيئة المياه والكهرباء الأسعار التي طرحتها الشركات المتقدمة لهذا المشروع. فقد بلغ سعر الشركة الأرخص مقدار 5.9 سنت/دولار أمريكي لكل كيلو واط ساعي، والغريب في الرقم أن هيئة المياه والكهرباء في دبي تبيع في الوقت الحالي الكيلو واط الساعي للمستهلك بـ 7.8 سنت/دولار أمريكي (قد يرتفع المبلغ بشكل كبير بحسب شريحة الاستهلاك) وهذا يعني أن الكهرباء المنتجة بالطاقة الشمسية أرخص من الكهرباء المنتجة باستخدام الوقود الأحفوري المستخدم في محطات إنتاج الطاقة في دبي خصوصاً أن السعر الذي تستخدمه هيئة كهرباء ومياه دبي عند البيع هو سعر مدعوم أي أن الكلفة الحقيقية للكيلو واط الساعي أكبر من الرقم الذي تبيعه به للمستهلك وبالتالي تكون الهوة أكبر بين السعرين لصالح الطاقة الشمسية.
ما يضفي على هذه الأرقام أهمية أكبر هو أنها حدثت في بلد منتج للوقود الأحفوري التقليدي لا في بلد مستورد له فإذا كانت الكهرباء المولدة باستخدام الطاقة الشمسية أرخص من مثيلتها المولدة باستخدام الوقود الأحفوري في بلد كالإمارات فهل لا تزال حجة الكلفة المرتفعة مقبولة لدى باقي البلدان؟ سؤالٌ برسم صناع القرار الذين لمـّـا يبدؤوا بعد بالتحول ببلدانهم نحو الطاقة المستدامة.
للاطلاع على قائمة الاسعار للشركات المتقدمة :
هنا
لقراءة المزيد عن الطاقات المتجددة في الامارات العربية المتحدة:
هنا
لقراءة المزيد عن الطاقات المتجددة في السعودية:
هنا
مصدر الصورة :
هنا