قدم ريتشارد واتسون نظرةً متميزة للمستقبل، حيث يعتقد أنه لن يكون مثلما تخيلناه سابقاً، فقد درس الماضي، وقرأ عدة كتب في دراسة السنوات القادمة، وقدّم تحليلاته الخاصة، ليصل إلى بعض النتائج على أصعدة مختلفة منها الاجتماعية، والتكنولوجية (والتي خصص لها دوراً كبيراً في المستقبل)، ومنها أيضاً ما هو سياسي وعلمي واقتصادي.

بدأ الكاتب بتحديد أهم خمسة اتجاهات تأثيراً في السنوات الخمسين المقبلة، وهي الشيخوخة، وانتقال القوة نحو الشرق، والترابط العالمي، وتكنولوجيا وران (هي أحرف من وراثة، وروبوتات، والإنترنت، والنانو تكنولوجي)، بالإضافة إلى البيئة. ثم يغوص في تفاصيل الاتجاهات التي ستحوّل المجتمع، والعلم، والتكنولوجيا، والسياسة، والإعلام، والمصارف، والمواصلات، والغذاء، والتجارة، والصحة، والسفر، والاقتصاد.

التخيلات المستقبلية التي بدأت منذُ الآن، كانت منطقية جداً في كتابه، على سبيل المثال: حين تحدث عن الانعزالية من قبل الأشخاص، فقد وضحَ دراسات وأمثلة تطبيقية من الحاضر، تفيد فعلاً بانحياز المجتمعات نحو الاستقلالية والوحدة، لدرجة أنه يرى أن مشكلة المستقبل الأولى قد تكون في تحدث أفراد الأسرة إلى بعضهم البعض.

يرى واتسون أيضاً أن المستقبل سيكون مرتكزاً على كماليات الأشخاص المسنِّـيـن لأن البشر يميلون نحو أن يكونوا مسنين أكثر حيث أن الأعمار في معدل ارتفاع، والولادات في معدل انخفاض، وقد ذكر ذلك في عدة محاور منها الانتخابات التي ستكون مستهدفةً للطبقة المسنة أكثر من الشابة، لذلك توقع عودة التجنيد الإلزامي إلى الكثير من الدّول. وبالنسبة للتسويق، فإن الصراع الأقوى في المستقبل سيكون هو من سيستطيع الحفاظ على تركيز العملاء خاصة بوجود هذا الكم الهائل من المعلومات.

ويتوقع الكاتب بحلول عام 2030 أنه ستكون الآلة قد استطاعت محاكاة عقل الإنسان. ومن السيناريوهات الرائعة التي طرحها الكاتب هو حرب التكنولوجيا حيث ستتنافس الآلات فيما بينها خاصة وأن صفاتها قد بدأت تشبه صفات الإنسان، هذا إن لم تنافس الإنسان نفسه!

كما أنه سيتمُّ نقضُ نظريات علمية هامة في المستقبل، مثل النظرية النسبية ونظرية التطور، حيث يعبر واتسون عن ذلك بقوله: "ربما أُعتبر مجنوناً للإيحاء بأن أعمال مثل هذين العملاقين يمكن أن تنقلب، لكن ذلك يوضح قوة الاعتقاد السائد وجبروته وحجم القوة المطلوبة لإزاحة مثل هذه الأفكار."

كما توقع واتسون ظهور أديان وإيديوليجيات جديدة. وقد أوضح جلياً في كتابه أن المستقبل السياسي لن يكون النفط هو لاعبه الرئيسي، بل الماء! بالإضافة إلى توقعاتٍ بحدوث فيضانات وكوارث عشوائية بسبب التقلبات الأرضية، ولكنه يرى أن الأرض أقوى من الإنسان، وهي من تحدد مصيره، وليس هو من يحدد مصيرها.

سيقدمُ كتاب ملفات المستقبل الكثيرَ من المحطات المشوّقة، والتي تركناها لكم لتكتشفوها بأنفسكم عند قراءتكم للكتاب. أما عن وجهة نظرنا، فبمعزل عن سمعةِ ريتشارد واتسون الرائعة في تحليل المستقبل، فقد رأينا أن استقراءاتِ الكاتب للمستقبل منطقية، وتعتمد على الفطنة والمعلومات الواسعة وليست مجرد تخيلات.

عن الكاتب: هو كاتبٌ بريطاني ومحاضر ومنظر استراتيجي، يقدم المشورة للأفراد والمؤسسات بشأن التفكير في المستقبل، مع اهتمام خاص بالتخطيط للاتجاهات والسيناريوهات. وهو ناشر الموقع الإلكتروني «وتس نكست» الذي يوثق الاتجاهات العالمية، وهو أيضا مؤلف كتاب عقول المستقبل: «كيف يغير العصر الرقمي عقولنا، وما أهمية ذلك، وماذا يمكننا أن نفعل حياله».

معلومات الكتاب:
الكتاب: ملفات المستقبل.. موجز في تاريخ السنوات الخمسين المقبلة.
تأليف: ريتشارد واتسون.
ترجمة: سعد الأيوبي.
دار النشر: هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة (مشروع كلمة).
الترقيم الدولي: 6-991-01-9948-978
نوعية الكتاب: ورقي 301 صفحة قطع متوسط.