الحمام المسافر
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> عجائب الأحياء
كان الحمام المسافر بارعاً في الطيران فقد تصل سرعته في الهواء إلى حوالي 100 كم أثناء الهجرة وكان معدل الأعمار يصل إلى حوالي الـ 15 عام.
اصطاد الانسان الحمام المسافر للاستفادة من لحمه كطعام ومن ريشه لحشو الفرش والوسائد بالإضافة طبعاً إلى غايةٍ خاصةٍ ببني البشر وهي الصيد بغرض الصيد أو الصيد للتسلية . ولعل ما سهل صيده وحببه للصيادين هو الاعداد الكبيرة التي يمكن اصطيادها بطلقة واحدة، فطلقة من صياد هاوٍ على سرب تسقط 6 حمامات بسهولة بينما قد يسقط المحترف حوالي 61 حمامة باستخدام بندقية مزدوجة السبطانة. لهذا لم يكن يخطر ببال أحد بأن هذا النوع من الطيور قد يختفي.
لكن للأسف هذا ما حصل ... الحمام المسافر اختفى. اختفى كما اختفت أنواع كثيرة من الأحياء على هذا الكوكب وكما ستختفي غيرها الكثير. أدى الصيد الجائر وتدمير مواطن العيش إلى القضاء على مئات الملايين من الطيور سنوياً. ومن الجدير بالذكر هنا أن العدد الهائل من الطيور في أسراب الحمام المسافر كان ضرورياً للتكاثر بنجاح حيث لوحظ هبوط كبير في معدلات التكاثر حتى انعدامها كلياً في الأسراب الصغيرة. لعل هذا السبب عجّل كثيراً بانقراض الحمام عندا انخفاض أعدادها الهائلة. فهي تربي صغارها تربيةً جماعية (تعاونية*) بحيث لوحظ وجود 100 عش على الشجرة الواحدة.
آخر حمامة مسافرة تم اصطيادها في البرية من قبل ولد صغير باستخدام بندقية هواء مضغوط في 22 آذار عام 1900 أما آخر حمامة ماتت في الأسر فكانت الحمامة مارثا التي نفقت في الأول من أيلول عام 1914 حيث كانت الذكرى المئوية الأولى لرحيلها في أيلول الماضي.
ترتفع أصوات الكثير من العلماء في الوقت الحاضر بالدعوة للعمل على إعادة إحياء الحمام المسافر مرة أخرى. يعتمد العلماء في دعوتهم هذه على التقدم التكنولوجي في مجالات استخلاص الـ DNA واستنساخ الأحياء وخصوصاً في ظل توفر العديد من العينات المحفوظة التي يمكن استخلاص الـ DNA بشكل سليم منها. ولكن إحدى اهم النقاط التي قد تشكل عائقاً أمام هذه العملية هي أن الحمام المسافر يحتاج لأن يكوّن أسراباً ضخمة في البداية قبل أن يتمكن من الاستمرار والتكاثر بنجاح، أي أن عمليات الاستنساخ يجب أن تتم لعدد هائل من الأفراد لضمان استمرار النوع.
من الجدير بالذكر أن ظروفاً عدة ساهمت بانقراض الحمام مثل الطقس البارد المتأخر (أو الصقيع الربيعي المبكر) في المناطق التي هاجر الحمام إليها حيث تجمدت العديد من الطيور حتى الموت بالإضافة إلى وجود العديد من الأعداء الحيوية ابتداءً بالطيور المفترسة والثعابين والسنوريات وانتهاءً بالمسببات المرضية الفطرية والبكتيرية.
تشكل الحياة لوحة فسيفسائية ملونة غايةً في الروعة، ويمثل فيها كل نوع من أنواع الأحياء المختلفة حجراً مميزاً يؤدي نقصانه إلى فقدان رونق اللوحة وجمالها، لا شك بأن فقدان طائر وديع كالحمام المسافر هو خسارة كبيرة للحياة البرية وتنوعها وللبشرية ومستقبلها.
للتوضيح:
(*) التربية التعاونية: نظام اجتماعي يقوم فيه المساعدين برعاية الذرية الناتجة عن كل أفراد المجموعة وليس الذرية الخاصة فقط وعادةً ما يكون هذا النظام هرمياً بمعنى أن هناك زوجاً مهيمناً يحاط بالمساعدين المرؤوسين من قبل هذا الزوج بحيث يتم تبادل المنفعة؛ يتاح للأبوين فرصة أكثر للتكاثر وإعطاء نسل جديد دون القلق حيال العناية بالأبناء بينما يتاح للمساعدين زيادة لياقتهم البدنية التي تساعدهم في الهرب من الأعداء وللمجموعة ككل يضمن هذا النظام فرصاً أكبر للصغار لتنمو إلى سن البلوغ.
المصادر:
هنا
مصدر الصورة:
هنا