مايكروسوفت تعتنق البرمجيّات مفتوحة المصدر!
المعلوماتية >>>> برمجيات
على الرغم من صراع مايكروسوفت المستمر عبر السنين مع نظام التشغيل لينوكس والبرمجيات مفتوحة المصدر الأخرى، لكنها في الواقع لم تتجنب استخدام هذه البرمجيات تماما، خاصة عندما كان ذلك يصب في مصلحتها، غير أنها لم تكن تتحدث عن ذلك صراحة أبدا.
على سبيل المثال، فإن المرة الأولى التي استخدمت فيها أنظمة التشغيل ويندوز في إصدارها NT 3.5X حزمة البروتوكولات الشبكية TCP/IP و الإصدار الأولي لخدمة البريد الإلكتروني HotMail من شركة مايكروسوفت، كلاهما اعتمد على أكواد برمجية مفتوحة المصدر كتبت لنظام التشغيل FreeBSD. بينما كان موقفها العام المعلن يمكن أن يختصر بتصريح لستيف بالمر عام 2001 و هو المدير التنفيذي لشركة مايكروسوفت في حينها يقول فيه أن نظام التشغيل لينوكس هو مرض السرطان!
هكذا كانت الحال سابقاً، أما الآن فقد اختلف ذلك تماما، حيث خرج مؤخرا ساتيا ناديلا المدير التنفيذي الحالي لمايكروسوفت ليقول:
"إنّ مايكروسوفت تحب لينوكس "!
على كل حال فإن هذا التغيير لم يحدث فجأة و إنما على مدى عدة سنوات. ففي عام 2008، صرحت مايكروسوفت بأن: "استراتيجيتها في التعامل مع البرمجيات مفتوحة المصدر تسعى إلى مساعدة الزّبائن و الشّركاء ليكونوا ناجحين في عالم التكنولوجيا الذي يتسم اليوم بتنوعه الكبير"، و في عام 2011 مع بدء انتشار الحوسبة السحابية و رؤية مايكروسوفت للاعتماد الكبير على لينوكس في تشكيل البنية التحتية لهذه الحوسبة، ما كان منها إلا أن تربعت على قمة المساهمين في تطوير نواة نظام التشغيل لينوكس.
في الواقع، لقد تنبّأت مايكروسوفت بالمستقبل بشكل صحيح، و إن السّبب الذي جعل ناديلا "يحبّ لينوكس" هو أنّ 20 بالمئة من أنظمة التّشغيل التي تعمل ضمن خدمة الحوسبة السحابية المقدمة من مايكروسوفت (Azure) هي فعليا توزيعات مختلفة لنظام التشغيل لينوكس. رغم كل ما سبق، فإن التغيير الحقيقي لا ينحصر باستخدام مايكروسوفت لنظام التشغيل لينوكس و البرمجيات مفتوحة المصدر للترويج لمنتجاتها، و إنما أيضا في الدعم الكبير الذي تقدمه مايكروسوفت للعديد من المشاريع مفتوحة المصدر المنافسة لمنتجاتها و برمجياتها! إضافة إلى قيامها و على غير العادة بتقديم بعض الأكواد البرمجية الخاصة بمايكروسوفت بشكل مفتوح المصدر! فعلى سبيل المثال، تتعاون شركة مايكروسوفت حاليا مع شركة (Canonical) الشركة الأم لتوزيعة لينوكس الشهيرة (Ubuntu)، و ذلك بغية توفير الدعم لنظام التشغيل Windows Server ضمن بيئة الحوسبة السحابية الشهيرة (OpenStack)، و التي تعتبر بحد ذاتها منافسة لبيئة الحوسبة السحابية (Azure) التي تقدمها مايكروسوفت! الأمر الذي ربما لم يكن ليحدث لو كان ستيف بالمر أو حتى بيل غيتس موجودان على راس مايكروسوفت في يومنا هذا.
إضافة إلى ذلك، قد يكون الأمر الأكثر غرابة هو خطة مايكروسوفت للقيام بجعل نواة بيئتها البرمجية .NET مفتوحة المصدر،مع توفير اصدارات منها متوافقة مع أنظمة التشغيل لينوكس وأنظمة MAC OS X. و قد بدأ ذلك فعلا بخطوات عملية من خلال تقديم الدعم لميغيل دي إيكازا مؤسس بيئة GNOME إحدى بيئات سطح المكتب الشهيرة لنظام التشغيل لينوكس، و الذي يقوم منذ عدة سنوات على مشروع MONO الذي يسعى لنقل بيئة .NET إلى أنطمة لينوكس. يقول السّاخرون أنّ هذه ما هي إلّا حركة تقوم بها مايكروسوفت حتى تتمّدد و تطغى على أعدائها.
ولكن مايكروسوفت الآن لا تقوم فقط بالعمل مع مشاريع مفتوحة المصدر و تجعل من الكود الخاص بها مفتوح المصدر بل تسعى أيضا لتوفير برامجها الأساسيّة مثل office على أجهزة iPhone، iPad وأجهزة Android المحمولة. إنّ مايكروسوفت تغيرت فهي اليوم شركة أدركت حاجتها إلى العمل مع منافسيها بدلاً من محاولة التخلّص منهم. أما نجاح هذا التغيير فهو سؤالُ آخر، و لكن لابد أن هذا الطريق الجديد سيكون أكثر نجاحاً من السياسة التملّكيّة السابقة التي ولت أيامها.
المصدر هنا