ما الذي يدفعنا للشعور برغبةٍ في عضِّ الكائنات اللطيفة؟
البيولوجيا والتطوّر >>>> التطور
سوف تتفاجئون حقًا بالتفسير الأوَّل لهذه الظاهرة.. تابعونا في مقالنا الآتي:
تتجلى براءةُ العالم في عينَيه، وتُختزَلُ أبجدية اللطافة في حركاته، تعترينا إثرَ ذلكَ رغبةٌ خرقاءُ في قضم أصابعه وقدميه الناعمتين! وعض وجنتيه الورديتين! فما هو الدافع يا تُرى وراء هذه التصرفات التي تنتابنا لدى رؤية طفلٍ صغير؟ فسوف تتفاجئون حقًا بالتفسير الأول لهذه الظاهرة، إذ تبين أنَّ ما يحدثُ في دماغنا لدى رؤيةِ أو شمِّ طفلٍ صغير تمامًا كالذي يحدث في أثناء رؤيةِ أو شمِّ طعامٍ شهيّ! أي أنَّ الموضوع قد اختلط على دماغنا لا أكتر ولا أقل! إذ أُخضعت مجموعةٌ من النساء في دراسةٍ حديثةٍ لفحصٍ بالرنين المغناطيسي الوظيفي لدماغهن، وذلك في أثناء شمِّهنّ عفويًا رائحةَ مولودين حديثًا، فلاحظ العلماء أنَّ المناطق التي نشطت في الدماغ في وقتها هي ذاتها التي تنشط عندما تصبح قطعةٌ من الطعام في متناول يدينا، وأنَّ هذا التنبيه للمناطق التي ذكرناها يحرِّض على تحررٍ سريعٍ وهائلٍ للدوبامين مما يبعث على السرور والرضى.
وهذا ما حدث أيضًا في دراسةٍ سابقة انتهت بِجعل النساء يشاهدن صورًا للأطفال، وقد توصَّل العلماء للنتيجة ذاتها؛ وما يدفعنا لعض الكائنات اللطيفة مثل الأطفال هو أنَّ دماغنا يعاملها بصورة مشابهة للطعام!
إنْ كان هذا التفسير قد كوَّن لكم صدمةً ما فلا أدري إن كان التفسيرُ الآخر باعثًا أقلَّ على الصدمة، إذ سيتبيَّن لنا أنَّ هذه الأفعال ما هي إلا إرثٌ تطوري، فنحن نتشاركها مع أصدقائنا من الرئيسات(رتبة من الثدييات) كسلوكٍ اجتماعيٍ حميمي، كيف ذلك؟ فلنقرأ الأمثلة الآتية..
بعضُ قردة العالم القديم كانت تصطَّف منتظرةً دورها؛ لتسنح لها الفرصة في التعبير عن عاطفتها إزاءَ مولودٍ جديد، إذ راحت القردة تمرر أنوفها وأفواهها على هذا الطفل الصغير مظهرةً انجذابها نحوه.
كذلك ليس ببعيدٍ عنَّا في وقتنا الحاضر، فمن يتابع الأفلام الوثائقية التي تُصوِّر حياة الحيوان في بيئته أو كان من هواةِ تربية الحيوانات الأليفة، فسوف يلاحظ كيف أنَّها تمارس هذا النوع من الملاطفة في أثناء لعبها بعضها مع بعض.
وكم مرَّة دنا منك كلبك ليعضَّ يدك..
يذكر علماءٌ أيضًا مشاهدتهم لسعادين ال "كبوشي" وهي تعضُّ بعضها بأساليبَ غايةً في الحنية كما لو أنَّها طقوسٌ شعائرية، ويُدخل أحدهم أصابع الآخر في فمه، يشدُّ عليها برفقٍ باعثًا رسالة مَفادها "لكَ أن تثقَ بي، وتَدَعَ أصابعك عالقةً في فمي متى شئت" وهو بالتأكيد ليس عضًا مؤذيًا في الحالات جميعها التي مررنا عليها وإنما تأكيدٌ على المحبّة ودعوة للثقة والتآلف، وكيف لنا أن نشكَّ بذلك وأوَّل الأفعال التي نقوم بها نحن الثدييات بعد ولوجنا للحياة هو وضع أفواهنا على ثدي الأم ناشدين بعضًا من الغذاء! وهكذا نخلص إلى أن رغبتنا الجامحة في "التهام" الأطفال الرائعين ليست بالأمر الغريب بل هي تعبيرٌ عاطفي خالصٌ وحسن نيَّة تجاه هذه المخلوقات المذهلة.
المصدر:
هنا