"الساحر المصري" الدكتور كريم أبو المجد
الطب >>>> مقالات طبية
نبذة تعريفية...
من مصر بدأت الحكاية حيث حصل على شهادة الطب من كلية الطب في جامعة المنصورة عام 1976، وأتمّ سنة الامتياز فيها عام 1978. وبين عامي 1978 و 1982 أنهى اثنين من التخصصات الجراحية في كلٍ من المستشفى العام في الغردقة- مصر، وفي مستشفى جامعة المنصورة، وحصل منها على درجة الماجستير في الجراحة. وفي عام 1987 تَوّج مسيرته بحصوله على شهادة الدكتوراه في الجراحة بصورة مشتركة من جامعتي المنصورة وإيموري في الولايات المتحدة الأمريكية.
وصل إلى جامعة بيتسبرغ في ولاية بينسيلفانيا الأمريكية ليُكمل بحث الزمالة السريري في جراحة زراعة الأعضاء عام 1989، وعمل فيها كأستاذ مساعد في الجراحة، إلى أن تمت ترقيته إلى أستاذٍ في الجراحة بعد مصادقة البورد الأمريكي للجراحة على شهادته.
استقر د.أبو المجد في مصر حتى تم إنشاء أول معهد لأمراض الكبد في جامعة المنوفية، ثمّ عاد مرة أخرى إلى الولايات المتحدة لاستكمال أبحاثه. ويترأس حالياً مركز زراعة الأعضاء في كليفلاند كلينيك Cleveland Clinic أحد أهم وأعرق المؤسسات الأكاديمية والعلاجية في الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى أنه عضو في أهم الجمعيات الأمريكية والدولية لزراعة الأمعاء والأعضاء الحشوية (الأحشاء)، ومشارك فاعل في العديد من النشاطات المحلية هناك.
سنعرض عليكم في البداية أهم الحالات التي تحتاج إلى عمليات زراعة أمعاء...
أوضح د.أبو المجد أن زراعة الأمعاء تشمل ثلاث حالات؛ أولها زراعة أمعاء فقط، والثانية زراعة أمعاء مع كبد وبنكرياس، والثالثة زراعة الأحشاء التي تضم من 5 إلى 7 أعضاء تشمل المعدة والاثني عشر والبنكرياس والأمعاء والكبد بالإضافة إلى الكلى.
الوظيفة الأساسية للأمعاء هي امتصاص مكونات الغذاء المهضوم، فإذا فشلت الأمعاء في أداء هذه الوظيفة حدث خلل في امتصاص السوائل والأملاح والفيتامينات التي يحتاجها الجسم للنمو بطريقة تهدد الاستمرار في الحياة وبالتالي يحتاج المريض إلى الزراعة.
أما أسباب فشل الأمعاء فتختلف حسب عمر المريض، فقد يكون السبب عند الأطفال عيباً خِلْقِياً أو التهاباتٍ نتيجةً للولادة المبكرة والتي تُفقدهم جزءاً من الأمعاء. أما بالنسبة للمرضى الأكبر سناً فغالباً ما يكون السبب خللاً في الدورة الدمويةِ في الأمعاء والذي قد ينجم عن داء كرون* والتهابات القولون، أو شللاً في الأمعاء نتيجةَ عيبٍ خِلقي أو التهابٍ فيروسي يؤثر على الخلايا العصبية، وكذلك العلاج الكيماوي أو الإشعاعي لمرضى الأورام قد يُسبب تهتك الأوعية الدموية للأمعاء وتضيّقها.
الجرّاح المبدع...
إن ارتفاع نسبة وفاة المصريين بسبب نزيف دوالي المريء الناجم عن البلهارسيا** دفع د.أبو المجد للسفر إلى ولاية جورجيا في الولايات المتحدة ليلتقي أول طبيبٍ قام بتحويل الدم من دوالي المريء إلى القلب مباشرةً دون المرور بالكبد، وكانت هذه العملية موضوع رسالته للدكتوراه، وبدايةً لمسيرةٍ طويلةٍ من الإنجازات سوف نوجزها في عدة نقاط:
• اشتهر د.كريم أبو المجد بخبرته العالمية التي كُتب لها النجاح عبر عدة عمليات تجاوزت ثلث حالات زراعة الأمعاء في العالم منذ إجرائه أول عملية في مايو عام 1990، مما جعل الغرب يطلقون عليه لقب "الساحر المصري" في غرفة العمليات.
• في عام 1999، تأسس على يده مركز زراعة وإعادة تأهيل الأمعاء التابع لجامعة بيتسبرغ
(UPMC) University of Pittsburgh Medical Center.
• قام بتطوير العديد من التقنيات الجراحية وطرق التدبير والرعاية في مرحلة ما بعد الزرع، كما رفعت ابتكاراته التقنية والمناعية المستمرة معدلات بقاء المريض على قيد الحياة.
• التغلب على مشكلة رفض العضو المزروع، حيث لعب دوراً رئيسياً في تطوير وإنتاج الدواء المثبط للمناعة FK506، المعروف حالياً بـإسم تاكروليموس***، إضافة إلى إيجاد علاجاتٍ تتبع عمليات زراعة الأمعاء.
• تقديم إجراءات مبتكرة في مجال الترميم الذاتي للجهاز الهضمي عند المرضى الذين يعانون من أمراضٍ هضميةٍ معقدةٍ وفشلٍ معوي.
تطلعاتُه المستقبلية...
أولاً: في مجال البحوث والابتكارات:
• العمل على تطبيق أساليب جديدة مثبِّطة للمناعة تُقلل الحاجة للعلاج طويل الأمد المثبطِ للمناعة وتعزز إمكانية التحمل السريري.
• تحسين نتائج زراعة جميع الأعضاء الحشوية، وتحسين نوعية الحياة عند هؤلاء المرضى.
• إجراء المزيد من الأبحاث في مجالات مناعة الأمعاء ومجالات نقص التروية المعوية (intestinal ischemia ) واستتباب القناة الهضمية (gut homeostasis) وفي مجالات العوامل الاغتذائية للخلايا المعوية (enterocyte trophic factors) وفي مجال المناعة المتباينة (alloimmunity) ومجالات الوقاية من الإصابات وفي الرعاية الصحية.
ثانياً: في مجال التقدم الطبي:
تحديد المرضى المرشحين للعلاج بالدواء الجديد Teduglutide نظير GLP-2(GLP-2: هو بروتين يشارك في نمو ووظيفة الأمعاء) بعد موافقة اللجنة الاستشارية في منظمة الغذاء والدواء FDA عليه، وأَطلقت عليه اسم الدواء اليتيم، لأنه العلاج الأول لمتلازمة الأمعاء القصيرة Short Bowel Syndrome SBS) )، وهو بديلٌ للتغذية الوريدية عند هؤلاء المرضى في حالات الرضوح (Trauma) أو تجلّط الدم في الأوعية الدموية وغيرها من الحالات.
ثالثاً: في مجال المبادرات الجراحية:
• استعادة وظيفة القناة الهضمية بدون زراعة باستخدام أساليب الجراحة الترميمية، بما في ذلك عمليات الإطالة (lengthening procedure). تساعد هذه التقنيات الجديدة في توفير تغذية ذاتية كاملة وفي الحفاظ على توازن الغلوكوز وفي توفير نوعية حياة ممتازة.
• تحديد الواسمات البيولوجية في حالة رفض العضو المزروع والذي يساهم في التشخيص المبكر لحالة الرفض وتداركها قبل فوات الأوان.
يبقى أن نذكر أهم العقبات في هذا المجال...
من شروط زراعة الأعضاء كما نعلم توافق الزمرة الدموية والأنسجة والحجم بين المتبرّع بالعضو والمُتلقي، وقد يكون المُتبرّع بالعضو إنساناً حيّاً فيؤخذ حوالي متر من أمعائه بما لا يؤثر على حالته الصحية ويكون كافٍ لحل مشكلة المريض الأساسية. لكن يُفضّل نقل الأعضاء من حديثي الوفاة، بحيث يُنقل العضو كاملاً ليتم تعويض قصور وظائف الأمعاء بعد الزراعة.
ويرى د. أبو المجد أن المشكلة الكُبرى في مجال زراعة الأعضاء هي قلة عدد المتبرعين بأعضائهم وكثرة المحتاجين مما يزيد الهوة بينهما يوماً بعد يوم، ويأمل في توفير الدعم المادي والعلمي لإتمام أول عملية زراعة أمعاء في مصر وأفريقيا قريباً، ويقول:"نبقى عاجزين بكل ما نملك من خبرات أمام قائمة انتظار المرضى إذا لم نجد حلاً لهذه المشكلة".
الحواشي:
*داء كرون: مرض التهاب الأمعاء، يسبب التهاب بطانة مناطق مختلفة من الجهاز الهضمي، ويسبب آلاماً في البطن وإسهالاً شديداً وتعباً وفقداناً للوزن وسوء تغذية.
**البلهارسيا: مرض طفيلي تسببه ديدان المثقوبات الدموية من جنس البلهارسيا، وهو واسع الانتشار في البلدان النامية في إفريقيا والشرق الأوسط.
***تاكروليموس: FK506 أو Prograf دواء يخفّض مناعة جسم الإنسان، ويستخدم بجرعات كبيرة بعد إجراء عمليات زرع الأعضاء ليقلل بالتالي من ظاهرة رفض الأعضاء المزروعة.
مصادر الحواشي:
هنا
هنا
هنا
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
مصدر الصورة:
هنا