كيف تعمل الطائرة؟ ج3
الهندسة والآليات >>>> كيف تعمل الأشياء
بعد معالجة القوى الأربعة الّتي تحكم حركة وتحريك الطائرات، سنلقي الضوء في هذه الحلقة على كيفيّة التّلاعب بهذه القوى لإحداث تغيير نحصل من خلاله على توجيه الطائرة في الهواء.
السطوح المفصليّة:
زاوية المواجهة أو ما يعرف بـ Angle of Attack وهي الزاوية التي يصنعها الجناح مع تيار الهواء الذي تمر خلاله الطائرة. إنّ معامل الرفع* في الطائرات يتعلق مباشرة بهذه الزاوية، فابتداءً من زاوية صغيرة ذات قيمة سلبيّة إلى زاوية عظمى معيّنة يزداد معامل الرفع بصورة خطّية، وإذا استمرّت الزيادة في هذه الزاوية بعد الزاوية العظمى يبدأ المعامل بالتناقص تدريجيّا ويحدث انهيار في جريان الهواء كما هو موضّح في الصورة. وكنتيجة طريفة لهذه العلاقة فإن عمليّة الصعود بالنسبة للطائرة المدنيّة أسهل من التحليق على ارتفاع ثابت، لأن أجنحة الطائرات المدنيّة تصنع أثناء التحليق على ارتفاع ثابت زاوية مواجهة موجبة مع الهواء.
فيديو يوضّح تأثير تغيّر زاوية المواجهة على جريان الهواء و القوى :
عموما يتم تصميم أجنحة معظم الطائرات لتلبية احتياجاتها أثناء تحليقها المثالي (cruising) لتزوّدها بالكمية المناسبة من الرفع مقابل أقل ما يمكن من الاحتكاك في هذه المرحلة من التحليق، ولكن أثناء الإقلاع والهبوط يتم تخفيض سرعة الطائرة إلى ما يقارب 325 كم/سا ،وهذا يعتبر تغيّر جذري للظروف التي تخضع لها الطائرة و الأجنحة بالتحديد، ممّا يستدعي إحداث تغيير مؤقّت في شكل الأجنحة
للوصول للهدف المطلوب (الإقلاع أو الهبوط). هنا يأتي دوّر الألواح الأمامية والخلفية المزوّدة بها الأجنحة، حيث يستطيع الطيّار من خلالها تغيير شكل الجناح لملائمة سرعات الإقلاع والهبوط.
خلال الإقلاع يقوم الطيّار بتمديد الألواح الخلفيّة (Flaps) إلى الأسفل ممّا يؤدي إلى تغيير شكل الجناح وزيادة مساحة سطحه ليستطيع توجيه كمّية أكبر من الهواء فيُترجم ذلك إلى زيادة في قوّة الرفع، إلّا أن الشكل الجديد يزيد من الاحتكاك، مما يتطلب المزيد من الدفع من المحرّكات أثناء الإقلاع، ولذلك تعمل المحرّكات في هذه المرحلة بأقصى طاقتها. هذا الاحتكاك يعتبر عامل إيجابي أثناء عمليّة الهبوط لتخفيف سرعة الطائرة بشكل سريع. الألواح الأماميّة (Slats) تقوم بنفس المهمّة وهي تغييّر شكل الجناح مؤقتاً أثناء عملية الإقلاع والهبوط. هذه الألواح بنوعيها تساعد الطيار أيضاً في توجيه الطائرة أثناء التحليق.
هناك سطوح مفصليّة أفقيّة مثبّتة على نهاية أجنحة الطائرة تدعى الألواح البعيدة (ailerons). حركة هذا السطح على أحد الجناحين تعاكس حركة نظيره على الجناح الآخر (فمثلاً عندما يتّجه الأيمن نحو الأعلى، يتّجه الأيسر نحو الأسفل)، مما يسمح لأحد الجناحين أن يولّد قوّة رفع أكبر من الجناح الأخر، ما يُترجم بدوره إلى حركة دورانية حول محور الطائرة الطولي، يسمح للطائرة أن تميل يميناً وشمالاً. بعض الطائرات الكبيرة تملك في منتصف سطح أجنحتها ألواحاً تسمّى مثبّطات رفع، تعمل على تقليل قوة الرفع الّذي يقدّمه أحد الجناحين، ممّا يمكّن الطيار من تحقيق المناورة ذاتها.
ذَنَب الطائرة، والمقصود هنا هو القسم الخلفي من جسم الطائرة، يستضيف نوعين من الأجنحة الصغيرة (جُنيحات): الأفقيّة والعمودية، وظيفتها تأمين استقرار الطائرة في الهواء. يقوم الطيّار باستخدام هذه الجنيحات للتحكم بتوجيه الطائرة وكِلا النوعين يتميز بِكون سطحيهما متماثلين من حيث التحدّب كي لا تولّد أيّة قوة رفع، لأن الجنيحات غير مسؤولة عن رفع الطائرة، بالإضافة إلى ذلك يوجد سطوح مفصليّة كبيرة على كل هذه الجنيحات للتلاعب بجريان الهواء وتغيير زاوية المواجهة لتوليد رفع باتجاه معيّن. هذه الألواح تسمّى بحسب الوظيفة التي تقوم بها، فالأفقيّة منها تدعى رافعة، وهي المسؤولة عن توجيه الطائرة للأعلى أو للأسفل. بما أن وجهي الجناح متماثلين من حيث الشكل والتحدّب، فإن تحريك الألواح الرافعة يغيّر زاوية المواجهة للجنيحات الأفقية، مما يؤدي إلى رفع مؤخّر الطائرة إلى الأعلى (مقدمة الطائرة للأسفل) أو إلى إنزاله للأسفل (مقدمة الطائرة للأعلى). الجنيح العمودي يملك لوحاً يُدعى الدفّة، وهو يماثل الدفّة في السفن. هذه الدفة تقوم بتوجيه الطائرة أفقيّاً إلى اليمين أو اليسار وذلك بتغيير زاوية مواجهة الجنيح العمودي مع الهواء.
باستخدام هذه الألواح المركّبة على الأجنحة والجنيحات يستطيع الطيّار تحريك طائرته في كافة الاتجاهات.
مُعامل الرفع: وهو رقم يعتمد عليه المهندسون في تحديد مدى قدرة الرفع للجناح. يتعلّق هذا الرقم بالسرعة النسبيّة بين الجناح والهواء وبمساحة الجناح وزاوية المواجهة.
انتظرونا في الحلقة القادمة على باب قمرة القيادة، لنتعرّف معاً على أهم الأدوات والأجهزة التي يعتمد عليها الطيّار والمتواجدة في كافّة الطائرات، صغيرها وكبيرها.
لمتابعة باقي الاجزاء
هنا
هنا
المصادر في آخر السلسلة
مصدر الصورة: هنا