لماذا لا يمكن مقاومة خطابات TED
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> اقتصاد
جرت مشاهدة بعض العروض التقديمية ملايين المرات، مثل حديث بيل غيتس Bill Gates في عام 2009 عن مرض الملاريا في دول العالم الثالث. كيف جذب غيتس اهتمام العالم عبر خطاب استمر لمدة 18 دقيقة و عرض بعض الشرائح؟ لدى العلم الإجابة عن هذا السؤال، ويقدم لكم درساً قيماً لعرضكم القادم.
إطلاق البعوض! "تنتشر الملاريا عن طريق البعوض". هذا ما قاله غيتس لجمهور تيد، و من ثم التقط وعاءً زجاجياً من على الطاولة أمامه، و قام بفتح الوعاء وتابع: "أحضرت البعض منها، وسأطلقها هنا، ليس هناك ما يدعو لأن يكون الفقراء مصابين بها فقط". صمت الجمهور مذهولين للحظة، ثم ضحكوا وضجوا بالتصفيق. بالطبع لم يكونوا سعيدين بهذا الموضوع، ولكنهم عرفوا أن غيتس قد أراهم طريقة جديدة للنظر إلى المسألة.
لا يمكن للدماغ تجاهل الإبداع، و قد تم تأسيس هذا المفهوم بشكل جيد في الأدبيات العلمية. يجذب العنصر غير المألوف، أو غير العادي أو حتى غير المتوقع في عرض تقديمي المتابعين، فيخرجهم من أفكارهم المحددة مسبقاً، ويمنحهم وسيلة جديدة للنظر إلى العالم. قام غيتس بخلق ما يسميه علماء الأعصاب "حدثاً مشحوناً عاطفياً": وهي لحظة صادمة، أو مؤثرة أو مثيرة للدهشة تستولي على اهتمام المستمع وتبقى في الذاكرة لفترة طويلة بعد انتهاء العرض.
يخلق هذا الحدث حالة عاطفية شديدة تجعل الجمهور المستمع يتذكر رسالتك ويعمل بها. نحن لا نوصي بإطلاق البعوض في عرضك القادم، ولكن نقترح بأن تقوم بخلق مثل هذا الحدث لتثير الفرح، أو الصدمة، أو الخوف أو المفاجأة. ويمكن أن تكون هذه الأحداث بسيطة كسرد قصة مثيرة للاهتمام على سبيل المثال. ويمكن أن تتضمن مقطع فيديو أو شرائح تقديمية جاذبة بصرياً.
لمشاهدة حديث بيل غيتس في تيد: هنا
التعلم يثير الحماس. حضر الموسيقي بيتر غابرييل Peter Gabriel مؤتمر تيد عام 2006 وقال: "كان اكتشاف أفكار جديدة مثيرة للاهتمام هو ما أثار الحماس بداخلي". كما أن التعلم يمكن أن يسبب الإدمان، وذلك بفضل المادة الرمادية في اللوزة الدماغية Amygdala. تطلق اللوزة الدماغية مادة تدعى الدوبامين Dopamine و التي تعمل بمثابة زر الحفظ في دماغك، وهذا ما يفسر الشعور بالحماس عند تعلم شيء جديد.
يثير التعلم نفس مناطق المكافأة في الدماغ التي تثيرها المخدرات والمقامرة. تعتبر المخدرات والمقامرة بالتأكيد من المثيرات الصنعية، والطريقة الطبيعية هي تعلم شيء جديد ومثير. مادة الدوبامين مهمة جداً للتعلم والذاكرة، وبفضلها بإمكاننا تذكر التجارب أو الرسائل، بينما في حالة عدم وجودها لا شيء سيبقى من هذا.
مكتشفون بطبعنا. اكتشف روبرت بالارد Robert Ballard سفينة التايتانيك في عام 1985. و قد استقبله جمهور TED بترحيب حار لعرضه التقديمي عن المفاجأة التي كانت كامنة في أعماق المحيطات. "مهمتك في أي عرض هي التوعية والتثقيف والإلهام" كما قال بالارد في مقابلة أجريت معه. " يمكنك أن تُلهم الناس فقط عن طريق إعطائهم طريقة جديدة للنظر إلى العالم الذي يعيشون فيه".
لمشاهدة حيث روبرت بالارد في TED: هنا
عندما تُعطي الناس طريقة جديدة للنظر إلى العالم الذي يعيشون فيه، فأنت تعمل على الاستفادة من ملايين السنين من التكيف. لو لم يكن الانسان البدائي فضولياً لكنا قد انقرضنا منذ فترة طويلة. و كما يقول جون ميدينا John Medina المتخصص في علم الأحياء في جامعة واشنطن كلية الطب، فإن 99.99 بالمائة من جميع الأنواع التي عاشت على سطح الأرض باتت منقرضة اليوم. و تَكيف الدماغ البشري مع البيئة القاسية هو ما أتاح له البقاء على قيد الحياة.
ويقول ميدينا: "هناك طريقتان للتغلب على البيئة القاسية: أن تصبح أقوى، أو أن تصبح أذكى، ولقد اخترنا الأخيرة". ويضيف: "الإنسان يميل للاكتشاف بطبعه، حيث توجد لديه حاجة ملحة للتعلم والمعرفة".
عندما يتم تقديم فكرة أو منتج أو عرض على أنه شيء جديد، يكون من المستحيل تجاهله. و كما يقول خبير التسويق والبروفيسور في الهندسة Dr. A. K. Pradeep، "أدمغتنا مدربة على البحث عن الأشياء الرائعة والجديدة، عن الشيء البارز الذي يبدو مثيراً للاهتمام." فأعط جمهورك شيئأ مثيراً للاهتمام.
المصدر: هنا