هل يقترب قانون مور من النّهاية؟
المعلوماتية >>>> عام
لا أحد يستطيع أن يقول بالضّبط متى يصل عهد قانون مور (Moore’s Law) إلى نهايته. ومع ذلك، لا يمكن للخبراء مقاومة التّفكير بذلك اليوم لأنّه سيمثل نهاية فترة استثنائيّة من التّاريخ، مع آثار غير مؤكدة لواحدة من أهم الصّناعات في العالم.
شهدت السّنوات الخمس عشر الماضية تراجع ملحوظ في مقدار تحسن الأداء مع كل جيل جديد من الرّقائق المتطوّرة، ولكن ذلك لايعني اقتراب النّهاية لأنّه على الرّغم من أنّ قوانين الفيزياء الأساسيّة تقف ضدّنا، يبدو أنّ كفاءة الطّاقة ستوفر لنا بعض الوقت الإضافيّ.
هناك العديد من الطّرق لقياس كفاءة جهاز كمبيوتر، ولكن واحدة من المقاييس الأكثر سهولة لحسابها هو مقياس "كفاءة ذروة الإنتاج"، والّذي يقيس كفاءة المعالج عندما يكون قيد التّشغيل في أعلى سرعاته.
يمكن تعريف "كفاءة ذروة الإنتاج" على أنّه عدد الحسابات الّتي يمكن القيام بها في كل كيلوواط ساعيّ من الكهرباء المستهلكة.
"كفاءة ذروة الإنتاج" تتضاعف كل سنة ونصف أو نحو ذلك لأكثر من خمسة عقود، وذلك حسب دراسة من قبل IEEE من peer-reviewed paper (هنا) الّتي نشرت في عام 2011 في IEEE Annals of the History of Computing .
وقد بدأ هذا الاتّجاه في منتصف أربعينيات القرن الماضي قبل المعالج الأول، ولكنّه بدأ ينتهي في عام 2000.
النّمو في كل من "كفاءة ذروة الإنتاج" و الأداء بدأت تتباطىء، مثقلةً بالقيود الماديّة لتقليص التّرانزستورات، فتحوّلت صناعة الرقائق للتّغيرات المعماريّة، مثل وضع نوى حوسبة متعددة في معالج واحد، لكنّها لم تكن قادرة على الحفاظ على معدلات النّمو التّاريخية.
في هذه الأيّام، نجد أنّ مضاعفة "كفاءة ذروة الإنتاج" تستغرق حوالي 2.7 سنة، وهذا التّباطؤ كبير، فتضاعف الكفاءة الّذي كان يحدث في 10 سنوات سيستغرق 18 سنة بالمعدلات الحاليّة.
ولكن لحسن الحظ، تغيّرت احتياجات الحوسبة لدينا، بعد المنعطف التّاريخي لمورعام 1965،
كانت أجهزة الكمبيوتر باهظة الثمن، ونادرة نسبياً لسنوات، أمّا الآن إنّها متوافرة في كل مكان ورخيصة، حيث تحوّل التّركيز في تصميم الرّقاقة من وحدات المعالجة المركزيّة السّريعة في الأجهزة الثّابتة، إلى المعالجة الفائقة منخفضة الطّاقة في الأجهزة النّقالة، مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة، والهواتف المحمولة، والأجهزة اللوحيّة.
اليوم، معظم أجهزة الكمبيوتر لا تعمل في ذروة الإنتاج سوى جزء صغير من الوقت (مع وجود بضعة استثناءات مثل الحواسيب الفائقة عالية الأداء)، الأجهزة المحمولة مثل الهواتف الذّكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة تعمل عموماً في ذروتها الحسابيّة أقل من 1٪ من الوقت بحسب القياسات الصّناعيّة الشّائعة، خوادم بيانات الشّركات أقل من 10٪ من عملها يكون في ذروة الكفاءة، حتّى أجهزة الكمبيوتر المستخدمة لتقديم خدمات الإنترنت السّحابيّة لا تعمل بالسّرعة الكاملة أكثر من نصف الوقت.
التّصميم الجيد لإدارة الطّاقة يكون بتقليل مقدار الطّاقة الّتي يستهلكها الجهاز عندما يكون في وضع الخمول أو إيقاف التّشغيل، و أفضل مؤشر لكفاءة الطّاقة هي كمية الكهرباء الوسطية الّتي يستهلكها الكمبيوتر ٬ وليس عندما يكون التّشغيل في السّرعة الكاملة.
مؤخراً تم تعريف مقياس أكثر توافقاً مع استخدام الرّقائق في الوقت الحاضر، يدعى "كفاءة الاستخدام النّموذجي"، وحدة قياسه في الحسابات مثل مقياس "كفاءة ذروة الإنتاج" كيلو واط ساعيّ، ويتم حسابه بقسمة عدد الحسابات الّتي تجرى سنوياً على إجمالي الطّاقة الكهربائيّة المستهلكة، وهو معدل موزون لطاقة المعالج، ويدعم استخدام الدّارات في أعمال مختلفة بنفس الوقت. على سبيل المثال، لو كان لدينا جهاز كمبيوتر محمول فإنّه قد يعمل في ذروة الطّاقة عندما يلعب مستخدمه لعبة، ولكن هذا لا يحدث إلا نسبة ضئيلة من الوقت، بينما الأنشطة الشائعة الأخرى، مثل معالجة النصوص أو تشغيل الفيديو، قد تستهلك عشر كمية الكهرباء، ويمكن لإدارة الطّاقة الذّكية إغلاق ووصل الدّارات الكهربائيّة بالتّناوب بين لوحة المفاتيح وإطارات الفيديو.
يبدو أنّ مقياس كفاءة الاستخدام النّموذجي سيكون قويّاً، استناداً إلى التّجارب الّتي أجريت منذ عام 2008 على خط إنتاج رقاقات شركة"Advanced Micro Devices
وفقاً لحسابات مبادرة AMD ، "كفاءة الاستخدام النّموذجي" في عام 2020ستبدأ بالتّضاعف كل سنة ونصف أو نحو ذلك، ما يعني إعادتها مرة أخرى إلى نفس المعدل الّذي وصلته في ذروة قانون مور.
Image: AMD, Koomey et al. (2011)
هذه المكاسب تأتي من التّحسينات الكبيرة في تصميم الدّارات، وعناصر التّكامل ، والبرمجيات، فضلاً عن برامج إدارة الطّاقة الّتي وضعت الدّارات غير المستخدمة في حالات منخفضة الطّاقة كلما أمكن ذلك، وقد ساعد دمج المسرعات المتخصصة، مثل وحدات معالجة الرّسومات ومعالجات الإشارات الّتي يمكن أن تؤدي بعض الحسابات أيضاً، على الحفاظ على متوسط استهلاك الطّاقة أقل.
وبطبيعة الحال، مثل أي توجه أسيّ -وهذا أحدها- فإنّه سينتهي في نهاية المطاف، وسوف يصبح مصممو الدّارات ضحايا نجاحها، سوف تصبح الطّاقة التي يستهلكها الكمبيوتر أصغر وأصغر ، وسوف تقترب الطّاقة الكامنة للصّفر، ولكن سوف تبقى هذه الطاقة رهينة الفيزياء وهذا هو السبب وراء التباطؤ في قانون مور.
في العقود القليلة المقبلة، سيكون علينا إعادة النّظر في تصميم أجهزة الكمبيوتر إذا كنّا نريد الحفاظ على مضي الحوسبة قدماً بنفس المعدلات التّاريخية، في ذلك الوقت، التّحسن المطرد في مجال كفاءة الطّاقة اليومية سوف يعطينا المزيد من الوقت للقيام بذلك.
ترجمة: Hiba Fidaa Al-deen Al-qasir
تدقيق : Yamen Imad Nassif