الصُداع النصفيّ (الشقيقة)
الطب >>>> موسوعة الأمراض الشائعة
اضطرابٌ مُعقّد يتميز بنوبات صُداع متكرّرة، ويكون الصُداع في مُعظم الأحيان أحاديّ الجانب، ومن هنا أتت تسميتهُ بـ الصُداع النصفيّ. يمكن أن تسّبب نوبات الشقيقة ألماً كبيراً يستمرّ لساعاتٍ وحتى لأيّام، ويكون شديداً جداً بحيث يبحث الشخص عن مكانٍ هادئٍ ومظلم ليستلقي هناك. وقد ترتبط النوبة بأعراضٍ بصرية وحسّية غالباً ما تسبق نوبة الشقيقة وتكون بمثابة إنذارٍ لحدوثها تُدعى بمجموعها أورة "Aura" وقد تحدث أثناء النوبة وحتى بعدها. والشقيقة أكثر شيوعاً عند النساء كما أنها مرتبطة بالوراثة بقوة.
أسباب المرض:
رغم أنّ الأسباب الحقيقيّة للشقيقة مازالت غير مفهومة، فقد اعتقد العلماء لسنوات عديدة أنّها ترتبط بتوسّع وتضيق الأوعية الدموية على سطح الدماغ، فهناك ما يسمى مركز الألم أو مولّد الشقيقة في الدماغ، وتبدأ النوبة عندما تُرسل الخلايا العصبية نبضاتٍ عصبيةً في الأوعية الدموية بشكلٍ مُفرطٍ، ممّا يُسبّب انقباضها أو تضيّقها، ويليها تمدّد أو توسّع بالإضافة إلى إطلاق البروستاغلاندين، السيروتونين والعديد من المواد الالتهابية الأخرى التي تُسبّب النبضات المؤلمة. وقد تلعب العوامل الوراثية والبيئية دوراً في حدوث المرض حيثُ أنَّ 70٪ من المرضى الذين يعانون من الصداع النصفي لديهم أقارب من الدرجة الأولى لديهم تاريخ مع هذا المرض.
ومهما كانت الآليّة المؤدية لحدوث الصداع هناك مجموعة من العوامل التي تحفّز نوبة الشقيقة ونذكر منها:
• التغيّرات الهرمونية عند النساء: حيث أن تذبذب مستويات الاستروجين يحفّز الصُداع عند العديد من النساء المصابات بالشقيقة، وغالباً ما تعاني المرأة التي لها قصة مع المرض من الصُداع مباشرةً قبل أو أثناء فترات الانخفاض الكبير في هرمون الاستروجين، وقد يزيد احتمال الإصابة بالشقيقة عند الأُخريات خلال فترة الحمل أو انقطاع الطمث.
• الأدوية الهرمونية: حبوب منع الحمل والعلاج الهرموني البديل، قد تزيد الشقيقة سوءاً، مع ذلك قد تجِد بعض النساء أنّ هذه الأدوية تقلل نوعاً ما من حدوثها.
• بعض الأطعمة: الجبن، الأطعمة المالحة، الأطعمة المُعالجة الحاوية على المُضافات الغذائية، مثل مُّحلي الأسبارتام والمواد الحافظة كالغلوتامات أُحاديّة الصوديوم، المشروبات الكحولية وخاصّةً النبيذ والمشروبات الحاوية على الكافئين بنسبة عالية، كما أنّ تخطي بعض الوجبات أو الصيام كل ذلك يمكن أن يؤدي لحدوث الهجمة.
• الإجهاد والتوتر في العمل أو في المنزل.
• المُحفّزات الحسّية: مثل الأضواء الساطعة، وهج الشمس، الأصوات العالية، الروائح غير المُعتادة، بما في ذلك العطور، الطلاء، التدخين السلبي وغيرها.
• التغيّرات في نمط النوم واليقظة: الاستيقاظ لفترة طويلة أو النوم لفترة أكثر من اللازم.
• العوامل الفيزيائية: التمارين الجسدية المكثّفة، بما في ذلك النشاط الجنسي، يمكن أن تحفّز الصُداع.
• التغيّرات البيئية: تغيّر الطقس أو الضغط الجوي.
• بعض الأدوية: مثل مانعات الحمل الفموية والموسعات الوعائية مثل النيتروغليسيرين.
الأعراض:
غالباً ما يبدأ صُداع الشقيقة في مرحلة الطفولة والمراهقة أو البلوغ المُبكّر، ويمكن أن يتطور في أربع مراحل، تشمُل: المرحلة البدئيّة (البادرة)، الأورة، هجمة الصُداع (النوبة) والمرحلة النهائية، وليس من الضروري أن يواجه المُصاب جميع المراحل حيثُ أنَّ الأورة تحدُث فقط لدى 20-30% من المصابين.
1- المرحلة البدئيّة: تظهر قبل يوم أو يومين من النوبة، وقد تلاحظ بعض التغيرات الطفيفة التي تدلُّ على اقترابها، بما في ذلك:
- إمساك.
- اكتئاب.
- تناول الطعام بشراهة.
- فرط النشاط.
- الانفعال أو التهيُّج.
- تصلُّب الرقبة.
- التثاؤب غير المُسيطر عليه.
2- الأورة Aura: قد تحدُث قبل أو أثناء نوبة الصُداع، وهي مجموعة من الأعراض تُصيب الجهاز العصبي، عادةً ما تكون اضطرابات بصرية، مثل ومضات من الضوء، وفي بعض الأحيان تكون الاضطرابات حسّية وتشمل إحساس اللمس، أو حركية أو حتى لفظية. يعاني معظم الناس من نوبات شقيقة بدون أورة. وكل واحد من هذه الأعراض يبدأ تدريجياً، ويشتدّ خلال دقائق، وعادةً ما يستمر من 20 إلى 60 دقيقة، تتضمّن الأعراض ما يلي:
- الظواهر البصرية، مثل رؤية أشكال مختلفة، نقاط مضيئة أو ومضات من الضوء، فقدان البصر (نقاط عمياء).
- إحساس الخدر والتنميل في الذراع والساق.
- مشاكل التحدث والكلام مثل الحبسة "aphasia" (فقدان القدرة على الكلام).
- قد تترافق الأورة مع ضعف الأطراف وهي قليلة الشيوع وتسمّى الشقيقة الفالجية "hemiplegic migraine".
3- النوبة: عادةً ما تستمر نوبة الشقيقة إذا تركت دون علاج من 4 إلى 72 ساعة، ويختلف تكرار الصداع من شخصٍ لآخر، فقد يعاني الشخص من نوبات الصداع عدّة مراتٍ في الشهر أو أقل من ذلك بكثير، ويواجه خلال نوبة الشقيقة الأعراض التالية:
- ألم في جانب واحد أو كلا الجانبين من الرأس.
- يكون الألم من النوع النابض أو الخافق.
- حساسية للضوء، الأصوات وحتى الروائح أحياناً.
- غثيان وإقياء.
- شحوب وتعب.
- عدم وضوح الرؤية.
- الدوار، ويليه أحياناً الإغماء.
- فقدتن الشهية وعدم تحُّمل الطعام.
4- المرحلة النهائية: تحدُث بعد هجمة الصُداع، وتشعر خلال هذا الوقت بأنّك مُستنزف ومُنهك، رغم أنَّ بعض الناس يشعرون بالابتهاج.
متى يتوجّب عليك مراجعة الطبيب؟
عليك مراجعة طبيبك فوراً إذا كان لديك أيّ من الأعراض والعلامات التالية، التي قد تُشير إلى مشاكل صحيّة أكثر خطورة:
- صُداع حادّ مُفاجئ مثل قصف الرعد.
- صُداع مترافق مع حُمّى، تصلّب رقبة، تشوش ذهني، تشنُّجات، تضاعُف الرؤية، ضعف، خدر وصعوبة في الحديث.
- الصُداع بعد إصابة في الرأس، خاصة إذا كان الصُداع يزداد سوءاً.
- الصُداع المزمن الذي يزداد سوءاً بعد السعال، بذل الجهد، التوتر أو أية حركة مفاجئة.
- صُداع حديث عند كبار السن فوق ال 50 عام.
التشخيص:
يعتمد تشخيص الشقيقة على تاريخ المرض ووجود قصةٍ عائليةٍ للإصابة، وقد حدّدت جمعية الصداع الدولية معايير التشخيص بالنقاط التالية:
أن يُعاني المريض ما لا يقل عن 5 هجمات من الصُداع تستمر كل منها ما بين 4 إلى 72 ساعة (دون علاج أو دون جدوى من العلاج) وهذا الصُداع يجب أن يملك على الأقل اثنين من الخصائص التالية:
- أحادي الجانب.
- من النوع النابض.
- شدّة الألم مُعتدلة أو شديدة.
- تفاقم بسبب النشاط البدني الروتيني أو بعد تجنب القيام به (المشي أو صعود الدرج مثلاً).
بالإضافة إلى ذلك يجب أن يُعاني المريض خلال الصُداع واحداً ممّا يلي:
- الغثيان و/أو التقيؤ.
- رُهاب ضوئي ورُهاب صوتي.
العلاج:
تقسم الأدوية المستخدمة في علاج الشقيقة إلى فئتين رئيسيتين:
أولاً: أدوية تخفيف الألم: وتعرف أيضاً باسم العلاج الحاد أو المُجهض، وتؤخذ خلال نوبة الصداع وهي مُصمّمة لوقف الأعراض التي قد بدأت بالفعل. للحصول على أفضل نتيجةٍ، يؤخذ الدواء حالما تظهر علامات أو أعراض النوبة، وقد تساعد الراحة أو النوم في غرفةٍ هادئةٍ مظلمةٍ بعد تناول الدواء.
تشمل هذه الأدوية:
• مسكنات الألم: الأسبرين، مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAIDs، باراسيتامول (أسيتامينوفين).
• التريبتانات Triptans: تعمل هذه الأدوية من خلال تعزيز انقباض الأوعية الدموية و إيقاف مسارات الألم في الدماغ، والبعض منها متوافرة بشكل بخّاخ أنفي أو حقن، إضافة إلى المضغوطات.
تشمل آثارها الجانبية: الغثيان، الدوخة، الخمول وضعف العضلات. لا يوصى بها للأشخاص المُعرّضين لخطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
• مُشتقّات الآرغوت Ergots: أقل فعالية من التريبتانات، وقد تبدو أكثر فعالية في نوبات الألم التي تستمر لأكثر من 48 ساعة. نذكر منها الإرغوتامين الذي يمكن أن يُفاقم الغثيان والإقياء المرتبطان بالشقيقة، ثنائي هيدروأرغوتامين وهو أكثر فعالية كمان أنّ آثارهُ الجانبية أقل من السابق.
• الأدوية المضادة للغثيان.
• الأدوية الأفيونية خاصّةً الكودئين.
• الستيروئيدات القشرية.
ثانياً: الأدوية الوقائية: تؤخذ هذه الأدوية بانتظام، غالباً بشكل يومي، للحد من شدة، تواتر وطول نوبات الصداع، ويمكن أن تزيد من فعالية الأدوية المُخفّفة للأعراض عند استخدامها خلال النوبة. وتؤخذ هذه الأدوية كما يوصي الطبيب:
• الأدوية القلبية الوعائية وتشمل: حاصرات بيتا، حاصرات قنوات الكالسيوم، مثبّطات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين.
• مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة.
• بعض أدوية الصرع.
• حقن البوتوكس في عضلات الجبين والرقبة.
أهم التدابير الواجب اتبعاها فيما يخصّ نمط الحياة :
- الاسترخاء يُساعد في تخفيف آلام الشقيقة، كالتأمل أو اليوغا.
- الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم.
- الراحة والاسترخاء في غرفة هادئة مُظلمة عندما تشعر باقتراب النوبة.
- وضع كيس ثلج على الجزء الخلفي من الرقبة وتطبيق ضغط خفيف على فروة الرأس في المناطق المؤلمة.
- تسجيل مواعيد النوبات في مُفكّرة خاصة، ممّا يُساعد الطبيب على تحديد العلاج الأكثر فعالية.
لمعلومات أوفى عن دور أغذية معينة في حدوث نوبة الشقيقة، يرجى الاطلاع على مقالات سابقة من قسم التغذية:
هنا
هنا
هنا
#R12280
المصادر:
هنا
هنا
هنا
حقوق الصورة:
هنا