عبقرية الحضارة البشرية تتلخص في اختراعاتٍ عشر ... العملة الورقية
التاريخ وعلم الآثار >>>> تاريخ العلوم والاختراعات
نستعمل العملة الورقية في حياتنا اليومية، فبها نشتري أغراضنا وبها تُقدّر قيمة السلع، ولها أشكال وقيم عديدة كما أنها تختلف من دولة إلى دولة. يعتبر هذا النظام المالي لمقايضة السلع واحداً من أفضل الاختراعات التي أبدعتها البشرية لتحسين حياتها اليومية، تُرى، ما هي قصة هذا الاختراع؟ وما هي الحاجة التي دعت إلى وجوده؟ تابعوا معنا هذه القصة المميزة في مقالنا اليوم.
شَكّلت أشجار التوت في فترة حكم سلالة شانغ مادة أساسية في صناعة الورق، لتصبح مرحلةً مفصلية في تاريخ البشر، حيث يعود أول دليل على الورق إلى النصف الثاني من القرن الثامن قبل الميلاد، فقد كانت له استخدامات عديدة لم تكن الكتابة واحدة منها، وفي القرنين الثاني والرابع الميلاديين تم العثور على أولى الآثار الموجودة للتقارير التجارية ومذكرات المحاكم حيث استُخدم ورق القنب وقصب البامبو ومن ثم تطورت صناعته لتشمل استخدام ألياف ورق التوت مما جعل الورق أخف. لماذا نتحدث عن الورق، لأنه سيصبح لاحقاً المادة الأساسية لصناعة أهم وسيلة تبادلية سيبنى عليها اقتصاد الأمم لاحقاً.
من العملة المعدنية الى الورق المالي:
أسباب ابتكار العملة الورقية :
1-خلال عصر سلالة تانج Tang الممتدة ما بين 618—907 ظهرت الحاجة لعملة معدنية، لكن الحاجة كانت ألح لقبول قطعة ورقية أو مسودات تنوب عن القطع المعدنية. ظهرت هذه العادة من خلال تعامل التجار مع البطاقات الائتمانية خلال سفرهم لمسافات بعيدة، بالاضافة للنقص في القطع النقدية المعدنية التي تستوجب صناعتها من الزمن لإصدارها.
2- كانت هناك عادة قديمة في الصين تقتضي دفع الموتى لأجرة انتقالهم إلى العالم الآخر، ونتيجة نقص العملات في القرن السادس الميلادي تم استبدال هذه العملات بورقة نقدية اعتُبرت صكّاً يدل على الدفع المسبق لثمن الانتقال، لتحل هذه الأوراق محل العملات النقدية.
3-خلال القرن السادس تم استبدال القطع المعدنية كرفيد للمال، وفي نهاية حكم سلالة تانغ، أودع التجار ثروتهم في شركاتهم وبالمقابل استلموا أوراق محمولة كانت تدعى هيكوان.
4-لقد حققت فكرة هيكوان نجاحاً كبيراً بعد أن استُثمرت من قبل السلطات وبدأ التجار بإيداع نقودهم المعدنية في خزانة الدولة مقابل حصولهم على أوراق تعويضية تدعى فاي ثيسيان fey –thsian.
5-خلال فترة حكم سلالة سونغ 1276- 960 ازدهرت التجارة في منطقة Chechen مما أدى إلى نقص في المال.
بعض التجار أصدروا أوراقهم النقدية الخاصة بهم، لتغطي الاحتياطي النقدي الذي كان قد تألف من العملة المعدنية ومن ثم الذهب والفضة، وتعتبر هذه الخطوة أول خطوة تعميمية قانونية للعملات الورقية.
وخلال فترة حكم المغول في عام 1024 منحت الحكومة نفسها حق إصدار العمل الورقية. وفي عصر سلالة Yuan (1279- 1367) أصبحت العملة الورقية هي المادة المتداولة الوحيدة بشكل قانوني. وخلال عصر سلالة مينغ أصبح إصدار العملة الورقية فقط من اختصاص وزارة المالية، وكل الأوراق المصدرة عام 1380 كان كل واحد كوان لديهم نفس قيمة 1000 قطعة نقدية معدنية، وأربع كوان يعادل واحد يانغ من الذهب.
تصميم العملة الورقية:
كانت أبعاد الأوراق 221*340 مم وكانت تقوم طباعتها على ورقة سوداء من أوراق التوت. أمّا نقوش العملة فقد كانت تتألف من عنوان العملة (هانغ وو)، وفي أسفل الورقة عنوان الكوان وهو عبارة عن حرفين (kn) النقوش تُقرأ من اليمين إلى اليسار وعليها ختم أسرة مينغ. ومن ناحية الأمان للورقة وعدم التزوير كانت النماذج الزرقية تُملأ باليد وترسم بأسلوب الأرابسك الصعب، وكأنه ختم مميز.
انتقال العملات الورقية إلى أوروبا:
وفي حسابات الرحالة أطلع ماركو بولو على تصنيع العملات الورقية، حيث ذكر أنه تم تداول هذه الأموال خلال فترة حكم Yuan من قبل القائد المنغولي Kubali Khan (1214-1294): "كانت مملكة المغول تصنع الورق من النعنع ولحاء الخشب وشجر التوت، وكانت المواد تخلط مع الغراء وتضغط لتصبح أوراقاً صغيرة بحجم ورق القطن، وبعد أن تصبح كل ورقةٍ عملةً تتم كتابة أسماء المسؤولين المعنيين ويوضع الختم عليها، ومن ثم يُمزج الختم مع صباغ برتقالي مائل للحمرة في الجزء العلوي من الورقة لكي يجعل الورقة صعبة التزوير على أي شخص".
اندهش ماركو بولو من فكرة العملات الورقية في حين فشل الكيميائيون في الغرب من تحويل العملة إلى ذهب فوجد أن الصينيين استطاعوا منذ زمنٍ بعيد تحويل المال إلى ورق، وعندما عاد إلى وطنه تحدث كثيراً عن مغامراته لكنّ أحداً في بادئ الأمر لم يصدقه بشأن حديثه عن العملات الورقية أو القبول للفكرة، لكن مع مرور الوقت بدأ الأوروبيون يتقبلون فكرة العملات الورقية كضمان مالي.
المصدر:
هنا