أوبرا الناي السحري The Magic Flute Opera
الموسيقا >>>> سلسلة الأوبيراهات
يُصنف هذا العمل تحت نوع Singspiel وهو شكل من أشكال الأوبرا الحوارية الغنائية.
يتشارك النص الكلامي للأوبرا هذه بالكثير من الملامح مثل الحبكة والشخصيات مع أوبرا Oberon التي كتبها Karl Ludwing Giesecke لفرقة شيكاندر قبل سنتين.
كان موتسارت صديقاً مقرّباً لمغني التينور والمؤلف (بينيديكت شاك) الذي لعب دور الأمير تامينو في العرض الأول للأوبرا، كما ساهم في مؤلفات فرقة شيكاندر التي غالباً ما كانت تكتب بشكل مشترك.
ألف موتسارت موسيقى هذه الأوبرا بشكل واضح وبطريقة مزج ماهرة بين الأصوات بمستوياتها المختلفة، واضعاً في حسبانه قدرات المغنين الذين سيؤدون في العرض الأول من محترفين وعاديين، ولذلك فقد تمّ تأليف مقاطع كل من باباغينو (شيكاندر ذاته) ومونوستاتوس (Johann Joseph) في بداية عزف الوتريات ليتمكن المغني من إيجاد الطبقة بسهولة.
وبالمقابل فقد كانت المغنية التي أخذت دور ملكة الليل وهي أخت زوجة موتسارت (Josepha Hofler) تحتاج لمساعدة واضحة، فدورها معروف بصعوبته.
منذ العرض الأول اعتبرت أوبرا الناي السحري من أكثر الاعمال الأوبرالية المحببة عالمياً، واحتفلت الأوبرا بالعرض رقم 100 في تشرين الثاني من عام 1792 ولكن للأسف لم يحالف موتسارت الحظ في أن يشهد هذا الإنجاز لأنه توفي في 5 كانون الأول من عام 1791.
في 28 كانون الأول من عام 1791 وبعد 3 أسابيع ونصف من وفاة موتسارت عرضت أرملته (كونستانز) إرسال مخطوطة للعمل التأليفي "الناي السحري"إلى المحكمة الانتخابية في بون، ونشر نيكولاس سيمروك الطبعة الكاملة من هذا النص في بون عام 1814 مدّعياً أن ذلك وفق رغبة المؤلف الخاصة.
تتعدّد أدوار النساء في الأوبرا وتتنوع ما بين أصوات مختلفة، ولكن في حفلة العرض الأول تمّت الإشارة إلى كل المغنيات النساء بأنّ صوتهن "سوبرانو".
وسنذكر الآن أسماء الشخصيات تصنيفات أصواتهم:
الأمير تامينو/تينور، باباغينو/باريتون، بامينا/سوبرانو، ملكة الليل/كولوراتو_سوبرانو، ساراسترو/باص، السيدات الثلاث/2سوبرانو وميتزوسوبرانو، مونوستاتوس/تينور، أرواح الأطفال الثلاثة/تريبل وآلتو وميتزوسوبرانو، المتحدث "الكاهن"/تينور_باص، باباغينا/سوبرانو، الرجلان ذوي الدروع/تينور وباص، العبيد الثلاثة/2 تينور وباص، بالإضافة للكهنة، امرأة وأناس وعبيد وكورس.
تألفت الأوركسترا في العرض الأول من آلتي فلوت (إحداهما مضاعفة على البيكولو)، آلتي أوبوا، آلتي كلارينيت مضاعفتان على بوق Basset، تيمباني والوتريات، كما طلب موتسارت إحضار آلة فولاذية (Strumento d'acciaio) لكي تكون هي صوت أجراس باباغينو السحرية، وهي آلة فُقدت منذ ذلك الحين في التاريخ.
تطلّب العمل أيضاً في عدّة أجزاء منه كورس من أربعة أقسام، ويُلاحظ أنه يظهر في نهاية كلّ فصل.
والآن لنُسافر معاً في فصلي الأوبرا ولنتعرّف على قصّتها ونشاهد عرضاً جميلاً لها:
الفصل الأول:
المشهد الأول: منظر طبيعي صخري وعر
الأمير الوسيم تامينو ضائع في أرض بعيدة، يطارده ثعبان فيبدأ الغناء سائلاً الرب أن ينقذه، ثم يغمى عليه، وتظهر ثلاث سيدات هنّ خادمات ملكة الليل، يقتلن الثعبان وينظرن للأمير الجذاب المغمى عليه، وتقنع كل منهما الأخريات بالمغادرة ولكن في النهاية يغادرن معاً.
يستيقظ تامينو ويظهر باباغينو مرتدياً كطائر ويغنّي مقطعاً واصفاً حياته كصائد طيور شاكياً من أنه لا يملك لا زوجة ولا صديقة، يعرّف تامينو بعد ذلك بنفسه معتقداً أن باباغينو هو الذي قتل الثعبان، ويعتدّ الثاني بنفسه متفاخراً أنه خنقه بيديه العاريتين، ولكن تعاود في هذه الأثناء السيدات الثلاث للظهور وتضعن قفلاً في فم باباغينو بسبب كذبه. ثمّ يقدّمن لتامينو لوحة لبامينا (ابنة ملكة الليل) التي سرعان ما يقع في حبها، ويقلن له أنه قد تمّ اختطافها من قبل ساراستو (الذي يفترض أنه ساحر شرير) ويعدهم الأمير بإنقاذ بامينا.
تظهر ملكة الليل وتعد تامينو أنه سيتزوج بامينا إذا استطاع إنقاذها من ساراسترو، وتغادر ثم تزيل السيدات القفل من فم باباغينو ويحذرنه ألا يكذب ثانية، ويعطين تامينو ناياً سحرياً له القدرة على تحويل الحزن لسعادة، ويطلبن من باباغينو مرافقته ويعطينه اجراساً سحرية للحماية، وبعد ذلك يقمن بالتعريف بأرواح ثلاثة أطفال ستقودهم إلى المعبد، وتبدأ المغامرة.
المشهد الثاني: غرفة في قصر ساراسترو
تحاول بامينا الفرار فيسحبها عبيد ساراسترو للداخل، ويأمرهم رئيسهم مونوستاتوس بربط الأميرة بالسلاسل وتركه وحده معها.
يدخل باباغينو الذي كان قد أرسله تامينو لإيجاد بامينا ويبدأ الثلاثة بالغناء، ويكون كلّ من مونوستاتوس وباباغينو خائف من الآخر، فيلوذان بالفرار، ولكن يعود باباغينو ويخبر بامينا أن أمها قد أرسلت الأمير الوسيم لإنقاذها، فتفرح لذلك ولأن هذا الأمير واقع في غرامها، وتقدّم التعاطف والأمل لباباغينو التواق للزواج، ويقدّمان ثنائياً يعكسان فيه البهجة والواجب الزوجي المقدس.
المشهد الثالث والأخير: بستان أمام المعبد
تقود أرواح الأطفال تامينو إلى المعبد وتخبره أنه إذا بقي صابراً وحكيماً وثابتاً فإنه سينجح في إنقاذ بامينا، ويصل تامينو إلى المدخل الأيسر ويصله صوت يرفض دخوله، وكذلك في المدخل الأيمن، ولكن عندما يصل للمدخل الأوسط يظهر كاهن "المتحدث" ويدخله /يُشار له بالمتحدث ولكن دوره غنائي/، ويخبره أن ساراسترو ليس شريراً وأنه لا يجب أن يثق بملكة الليل.
يبدأ تامينو العزف على الناي السحري وتظهر الحيوانات راقصة مبتهجة لموسيقاه، ويسمع عندها صوت أنابيب باباغينو في الكواليس ويهرع للعثور عليه، وفي نفس الوقت يدخل باباغينو وبامينا باحثين عنه، ويُلقى القبض عليهما عن طريق مونوستاتوس وعبيده، ولكن باباغينو يبدأ بالعزف على الأجراس فيأخذ العبيد بالرقص خارجين من المسرح مفتونين بجمال الموسيقى.
يسمع الاثنان صوت ساراسترو، ويخاف باباغينو سائلاً بامينا عمّا يجب أن يقوله فتجاوبه بأن يقول الحقيقة، وعندها يدخل ساراسترو وأتباعه وتسقط بامينا عند أقدامه معترفة له بمحاولتها الهروب لأن مونوستاتوس حاول الاعتداء عليها، وبطيبة قلب يستمع لها ساراسترو ويؤكد لها أنه يريد إسعادها، ولكنه يرفض إعادتها إلى أمها المتعجرفة العنيدة ذات التأثير السيء على من حولها.
يدخل مونوستاتوس تامينو ويتقابل الحبيبان للمرة الأولى ويحتضنان بعضهما بعضاً مما يسبب سخطاً بين الأتباع، ويخبر مونوستاتوس ساراسترو أنه ألقى القبض على الهاربين طالباً مكافأة، ولكنه بدل المكافأة يعاقبه على سلوكه الشهواني وينفيه بعيداً، ثمّ يعلن أنه يجب على تامينو أن يخضع لاختبارات الحكمة لكي يصبح جديراً بالزواج من بامينا، ويردّد الكهنة أن الفضيلة والصلاح سوف تجعلان الحياة مقدسة والبشر كالآلهة.
الفصل الثاني:
المشهد الأول: بستان نخيل
يدخل مجلس كهنة إيزيس وأوزيريس برئاسة ساراسترو على صوت مارش موسيقي مهيب، ويخبر ساراسترو الكهنة أن تامينو جاهز للاختبارات التي ستقوده للتنوير، ويستشهد بالآلهة إيزيس وأوزيريس طالباً حماية تامينو وبامينا.
المشهد الثاني: ساحة معبد الاختبارات
يُقاد تامينو وباباغينو للداخل بواسطة كاهنين لاجتياز المرحلة الأولى، ويقوم الكاهنان بتنبيههما على الأخطار المُحدقة بهما ويحذرانهما من مكائد النساء ويجعلانهما يُقسمان على البقاء صامتين.
تظهر السيدات الثلاث وتحاول إغواء تامينو وباباغينو على الحديث، ولا يستطيع باباغينو مقاومة ذلك بعكس تامينو الذي يحذّره بغضب ألا يستمع لهن وأن يبقى صامتاُ، وعندما ترين أن تامينو لن يكلمهن، تنسحبن مرتبكات.
المشهد الثالث: حديقة_بامينا نائمة
يصل مونوستاتوس للحديقة ناظراً إلى بامينا النائمة نظراتٍ منتشية وعندما يكون على وشك تقبيلها تظهر ملكة الليل، وتعطي بامينا خنجراً لتقتل به ساراسترو وتهددها أن تتبرأ منها إن لم يحصل ذلك، وتغادر، وعندها يعود مونوستاتوس ليجبرها على حبه مهدداً بالكشف عن خطة الملكة ولكن حينها يدخل ساراسترو ويبعده عنها.
تتوسل بامينا إلى ساراسترو أن يسامح أمها، فيطمئنها أنه لا مكان للقسوة أو الانتقام في قلبه.
المشهد الرابع: قاعة في معبد الاختبارات
يُقاد تامينو و باباغينو بواسطة الكهنة للداخل ويذكرونهما بالبقاء صامتين، ولكن باباغينو عطشان، تدخل امرأة كبيرة مقدمة له كوباً من الماء، يشربه ويسأل السيدة وهو مُثار إذا كان لديها حبيب، فتجيبه بنعم وأن اسمه باباغينو، وعندما يسألها عن اسمها تختفي وتدخل الأرواح الثلاثة مقدّمة الطعام والناي السحري والأجراس مبعوثة من ساراسترو، ويبدأ تامينو بالعزف على الناي مستدعياً بامينا التي تحاول التحدث معه ولكنه لا يستطيع الإجابة عليها ملزماً بعهده، فتعتقد أنه لم يعد يحبها.
المشهد الخامس: الأهرامات
الكهنة يحتفلون بنجاحات تامينو حتى الآن ويصلّون له كي ينجح ويصبح جديراً بالزواج، ثمّ يتم إدخال بامينا، وإرشادها وتامينو أن يودعا بعضهما الوداع الأخير قبل المراحل الأخيرة للاختبارات.
يخرجان ويدخل باباغينو طالباً كأس نبيذ، ويلبيه الكهنة، ثم يعبر عن رغبته في الحصول على زوجة.
تعاود المرأة الكبيرة بالظهور وتحذره أنه إذا لم يعدها بالزواج فإنه سيسجن للأبد، فيعاهدها على ذلك (غمزاً ولمزاً) وفجأة تتحول المرأة لباباغينا شابة وجميلة. يسارع باباغينو لإثارة إعجابها ولكن الكهنة يوقفونه بحجة أنه لا يستحقها بعد.
المشهد السادس والأخير: حديقة
تحيي الأرواح الثلاثة الفجر ويلاحظون محاولة بامينا اليائسة للانتحار، فيحاولون كبحها مؤكدين أن تامينو عاشق لها.
يُدخل تامينو رجلان يرتديان الدروع، ويقرآن إحدى عقائد إيزيس وأوزيريس الرسمية واعدين بالتنوير لأولئك الذين تخطوا الخوف من الموت.
يعلن تامينو أنه مستعد للاختبار وتنادي عليه بامينا من الكواليس، ويقول له الرجلان أن مرحلة الصمت قد انتهت وأنه حرّ للتكلم مع بامينا، وعندها تدخل بامينا وتعلن عزمها على خوض المراحل الباقية معه وتعطيه الناي السحري لمساعدته، وينطلق العاشقان بمساعدة الموسيقى مجتازين الغرف سالمين من الماء والنار، في الكواليس يعلن الكهنة النصر ويدعون الحبيبين لدخول المعبد.
يقرر باباغينو ليأسه بسبب فقدان باباغينا أن يشنق نفسه، فتظهر أرواح الأطفال الثلاثة وتوقفه، وينصحونه بالعزف على أجراسه لاستدعاء محبوبته التي تظهر ويتلعثم الزوجان متّحدين في دهشة، ويأخذان بالتخطيط للمستقبل حالمين بأطفالهما.
يظهر الخائن مونوستاتوس مع ملكة الليل والسيدات الثلاث ويخططون لتدمير المعبد، وتؤكد الملكة أنها وعدت مونوستاتوس بابنتها كزوجة، ولكن وقبل أن يدخل المتآمرون المعبد يتم إبعادهم بشكل سحري ويعيشون في ليل أبدي، ويعلن ساراسترو انتصار الشمس على الليل ويشيد الكل بشجاعة تامينو وبامينا ويشكرون إيزيس وأوزيريس ويطلع فجر حقبة جديدة من الحكمة والأخوة.
لمشاهدة الأوبرا:
مقطع ملكة الليل بأداء مغنية السوبرانو ديانا دامراو:
المصادر:
هنا
هنا