كيف ساهمت انجلينا جولي برفع الوعي ضد سرطان الثدي؟
الطب >>>> السرطان
ارتفع إقبال النساء على عيادات سرطان الثدي لإجراء الفحوصات منذ أن كشفت الممثلة أنجلينا جولي عن إجرائها عمليةً جراحيةً لاستئصال ثدييها، تجنباً للمرض.
فبعد إعلانها عام ٢٠١٣ في صحيفة نيويورك تايمز عن قيامها بعملية استئصال الثديين، نشرت الممثلة الأمريكية أنجلينا جولي خبراً آخر في الشهر الفائت عن عزمها القيام باستئصال مبيضيها وقناتي فالوب اللتين تصلانهما بالرحم، و ذلك لتقليل خطر مورثاتها السرطانية!
و الآن يأتي السؤال التالي لأذهاننا: لماذا؟
تحمل أنجلينا جولي مورّثة BRCA1 طافرة (خاطئة)، مما يعرّض النساء لخطر الإصابة بسرطاني الثدي و المبيض. فقد شُخِّص أحد هذين السرطانين عند ثلاثة أفراد من عائلتها (أمها وخالتها وجدّتها) وهنّ ما زلن تحت سن الـ٦٠، و قد توفيت ثلاثتهن بسبب السرطان.
أدت شعبية عملية استئصال الثديين التي قامت بها جولي إلى ما دعاه الباحثون ووسائل الإعلام بـ" تأثير جولي". ووجدت دراسة أسترالية نُشرت بعد ٦ أشهر من إعلان أنجلينا جولي عما قامت به أنّ مراجعة مراكز السرطان في مدينة فكتوريا تضاعفت أكثر من مرتين، وتضمّنت 64% منها أشخاصاً يحملون أُهبةً (خطراً) عالية للإصابة بسرطان الثدي. وفي دراسة مماثلة في المملكة المتحدة لوحظ ميلٌ مشابه لدى النساء لمراجعة عيادات طب الأسرة المختصة بالتاريخ العائلي للأمراض على وجه الخصوص، وذلك في العام الذي تلا إعلان جولي في عام 2013.
لكنّ سرطان المبيض يختلف بدرجة كبيرة عن سرطان الثدي حيث أنه نادر جداً. لذا يأمل العاملون في المجال الطبي بألا يوجد هذا التأثير "تأثير جولي" بين الناس، لأنه في الأغلب سيثير الكثير من القلق عند نساءٍ ليست لديهنّ عوامل الخطر للإصابة، مما يدفعهّن إلى القيام بالمزيد من الاستقصاءات الطبية غير الضرورية، ويحرم منها نساءً هنّ بحاجة إليها فعلاً.
تساعد المورّثتان BRCA1 و BRCA2 عادةً في الوقاية من أمراض السرطان. يمتلك جميع البشر نسختين من كل منهما، ولكن لسوء الحظ عند بعض الأشخاص تكون إحدى هاتين النسختين أو كلاهما حاوية على خطأٍ ما، وهذا يؤدي لخللٍ في عملها. وتكون النتيجة هي الإصابة بسرطان الثدي أو المبيض في أعمار أصغر من المعتاد.
يقدّر خطر الإصابة بسرطان المبيض عند النساء الحاملات لمورّثة الـ BRCA1 الطافرة بنسبة ٤٠٪ إلى ٦٠٪. ويزداد هذا الخطر بدءاً من أواخر الثلاثينات من العمر ويستمر بالزيادة مع تقدم العمر. كما ويعتبر خطر الإصابة بسرطان الثدي أعلى عند تِلكُنّ النساء، حيث يصل لنسبة ٨٠٪ (تبعاً لوجود تاريخ عائلي للمرض أم لا).
لا يكون خطر الإصابة بالسرطان للنساء الحاملات للمورّثة الطافرة BRCA2 عالياً كما هو الحال مع مورثة BRCA1، إذ يتراوح ما بين الـ ١٥٪ و ٢٥٪ فقط.
التقليل من الخطر:
تعتبر الأدلة الحالية أنه من الممكن لسرطان المبيض أن يبدأ من قناتَي فالوب وينتقل بعدهما إلى المبيضين.
يقلل استئصال كلا المبيضين مع قناتَي فالوب للنساء الحاملات لنسخة خاطئة من المورثة BRCA خطر الإصابة بسرطان المبيض بنسبة ٩٠٪. أما النسبة المتبقية فتأتي من احتمالية وجود بعض الخلايا السرطانية التي كانت قد انتقلت إلى مواقع أخرى من الجسم.
من المهم التنويه أيضاً إلى إمكانية حدوث ما يسمى بسرطان الصِّفاق الأوّلي (primary peritoneal cancer) لدى بعض السيدات الحاملات لمورّثة BRCA الخاطئة واللاتي قُمنَ بإستئصال المبيضين وقناتي فالوب، بعد عدة سنوات من الاستئصال. ويعود هذا الأمر إلى انتشار بعض الخلايا السرطانية ووصولها إلى تجويف الصفاق (الغشاء المحيط بأحشاء البطن) قبل القيام بالعملية، أو إلى أنّ السرطان تطور هناك بشكل مستقلّ.
لإزالة المبيضين فائدة تقليل سرطان الثدي بنسبة ٥٠٪، ويُعزى السبب في ذلك على الأرجح إلى المرور مبكراً بمرحلة سنّ الإياس أو انقطاع الطمث نتيجة استئصال المبيضين. ولكن يكمن الجانب السلبي لهذه العملية في أنها تُحدث تغييراً في الحياة، حيث تصل السيدة إلى سنّ الإياس في عمر مبكر. ولنأخذ بعين الاعتبار أنّ أغلبية النساء اللاتي أجرَيْنَ عملية الاستئصال تلك قد كنّ بعمر أصغر بـ 5- 10 سنوات من العمر الطبيعي المتوقّع لمرحلة الإياس، وهو ٥٠ عاماً (تقريباً).
ومن المعلوم أنّ سنّ الإياس المبكر يمكن أن يقود إلى جملة من المشاكل الصحية كارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب وتخلخل العظام، والتي يمكن التغلّب عليها بالاستعانة بالمعالجة الهرمونية التعويضيّة. لهذا ينصح بعض الأطباءِ النساءَ بالعلاج الهرموني التعويضي، الذي من شأنه تقليل أعراض الاستئصال الأوّلية كالهبّات الساخنة، والشيخوخة المبكرة للأنسجة، وترقّق المهبل (والذي يؤدي للانزعاج عند العلاقة الحميمة)، ونقص الرغبة.
لا داعي للذعر:
من المؤكد أنه من الأفضل بكثير لو كان لدينا اختبارٌ موثوق يمكننا اللجوء إليه لاكتشاف سرطان المبيض في وقت مبكر وقابل للعلاج قبل ظهور الأعراض، ولكن للأسف لا نملك فحصاً كهذا حتى الآن.
لم يعد يُنصح اليوم باختبار الدم CA-125 لأنه يقوم باكتشاف المرض بعد أن يصل لمرحلة لا يمكن شفاؤها. وهذا هو الحال بالنسبة لفحص الألترا ساوند الحوضي، حيث أنه ليس حسّاساً لدرجة الكشف عن التغييرات المبكرة في المبيض. ولكن يساعد كلا الفحصين على اكتشاف السرطانات التي يتأخر اكتشافها عادةً لما بعد ثلاثة شهور، عند ظهور الأعراض.
تُنصح بعض النساء اللاتي ينتمينَ إلى عائلاتٍ جرى فيها تشخيص السرطان بإجراء فحوصات وراثية. ولكن من الجدير بالذكر أن النساء اللاتي ليست لديهنّ قريباتٌ مصاباتٌ بسرطان المبيض لسنَ بحاجةٍ للتفكير بإجراء عملية استئصال للثديين كتلك التي قامت بها جولي.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
حقوق الصورة:
www.focus.de