فالس الوداع
كتاب >>>> روايات ومقالات
«فالس الوداع»، حيث صراع الحب والكراهية، صراع الواقع والخيال. هي رواية من روايات المبدع كونديرا تنقلنا معها في رحلة للتعرف إلى خبايا البشر وعواطفهم.
بين الأحلام وما نتمناه والواقع وما نخاف منه، بين من نحب والقلق من فقدانه، وبين من يحبُّنا ونتجنب رؤيته.
بين كل هذه التناقضات، هل سنتمكنُ من العيش بشكل أفضل؟ وهل سنستطيع تحقيقَ كل ما نريد وتجاوزَ جميع العقبات؟
هل سيكون بإمكاننا الحصولُ على ما نرغب به حتى لو اضطررنا لقول الأكاذيب وتصديق الأوهام؟
هذه الأسئلة التي تدور حولها «فالس الوداع»، فبين من نريد ومن نحب سنفقد أماننا الداخلي، وبين مبادئنا وأفعالنا ستتبددُ المثالية التي نسعى خلفها دائماً.
إلى منتجع المياه الحارة مكانُ إعادة الخصوبة للنساء العقيمات وعلاج أمراض القلب، سنذهب في روايتنا برحلة تستغرق خمسة أيام، كلٌّ منها سيشكل عمراً كاملاً لشخصياتها التي تبحث عن أمانها وأحلامها.
عند حلول الخريف، فصل النهايات الكئيبة، تبدأ القصة، ترفع «روزينا» سماعة الهاتف، وهي ممرضةٌ تعمل في منتجع لمعالجة العقم، عاشت كل حياتها في تلك المنطقة، لتخبرعازف الترومبيت الشهير «كليما» بخبر حملها منه.
ابتداءً من لحظة سماع ذلك الخبر المفاجئ، يدخلُ «كليما» في صراعٍ داخلي يستمر لخمسة أيام ستكون أطول فترات عمره، فهو يشقى بتأنيب الضمير لخيانته الزوجة الأولى والأخيرة تلك الإنسانة التي تركت الغناء لأجله وجعلت من حبها له وغيرتها عليه عالماً لها لا تتخيل نفسها تعيش خارجه، والتي أصيبت بمرضٍ منعها من إنجاب طفلٍ له، ويشقى بخبرٍ عن جنينٍ يشك أنه والد له. خمسة أيام ستشكل تأكيد الموت أو الحياة للعازف المشهور.
يطرح كليما مشكلته على أعضاء فرقته الذين سارعوا بتقديم الحلول، ابتداءً من فكرة قتل روزينا وانتهاءً بمحاولة لاستلطافها وكسب محبتها وإقناعها بأن الوقت مازال مبكراً لفكرة الجنين الذي سيفقدهما أسعد لحظاتهما.
يذهب عازف الترومبيت إلى المنتجع لرؤية روزينا بعد أن قرر أن أفضل حلٍ لتلك المشكلة هو أن يقوم بمحاولة لإظهار مشاعره تجاهها بعيداً عن فكرة العنف التي لن تسبب إلا زيادة في تمسك الأم للجنين.
" عزيزتي ما أريده ليس عائلة، بل الحب، أنتِ بالنسبة لي هي الحب، وبوجود الطفل يخلي الحبُّ المكان للعائلة، للملل، للهموم، للرتابة. والحبيبة تخلي المكان للأم، وأنت بالنسبة لي لستِ أماً بل حبيبةً ولا أريد مشاركةَ أحدٍ بكِ. ولا حتى مشاركة طفل."
يقابل كليما في ذلك اليوم السيد «بارتليف»، الرجل الأمريكي الذي كان السبب في تعرف كليما وروزينا، حيث طلب منه المساعدة لإيجاد حل لمشكلة الطفل، فيعرفه «بارتليف» على الدكتور «سكريتا»، وهو طبيبٌ نسائي يعمل في مجمع كارل ماركس ويقدم العلاج للنساء من خلال طريقة مختلفة وهي حقن سائله المنوي في أجسادهن، والذي هو أيضاً عضو في اللجنة الطبية التي تعطي الموافقات لطلبات الإجهاض.
أما اليوم الثالث من الرواية فهو اليوم التي ستبدأ فيه الأحداث بالتتالي فسنلاحظ أنَّ الشخصيات جميعها ستكون متصلة بخيط رفيع ولكن تأثير كل منها في الآخر سيكون قوياً جداً.
" يجب أن يكون لدى المرء يقين واحد على الأقل: أنَّه سيد موته ويستطيع اختيار الوقت والوسيلة اللتين يريدهما له. بهذا اليقين يمكنك تحمل أشياء كثيرة. تعرف أنَّ بوسعك الإفلات منهم حين تشاء."
يصل جاكوب إلى منتجع المياه الحارة ليودع صديقه وابنته بالتبني التي تجمعها معه علاقة أبوية من نوع آخر. «أولغا» ابنة صديقٍ سياسيٍ قديم تم إعدامه، فقام جاكوب بتربية أولغا، وهو سعيد بهذه العلاقة التي لا يقيدها أي شيء فهي وكما يسميها «يتيمته القاصر»، وهو أيضاً ذلك الرجل الذي أراد في فترةٍ سابقةٍ الانتحار ولم يجد من يساعده على ذلك سوى الطبيب سكريتا الذي قدم له دواءً قاتلاً لم يستخدمه جاكوب بل أراد إعادته عندما تمكن من الحصول على إذنٍ بالهجرة ليخرج من وطنٍ لطالما كان له بمثابةِ سجن كبيرعانى فيه من ترويع السجن والسجانين، وتعرض فيه أيضاً لغدر الأصدقاء ومنهم والد أولغا.
أما أولغا التي تعرضت للترهيب من قبل مجتمع عاقبها بسبب أخطاء والدها وحرمها من جميع حقوقها، فمشاعرها لجاكوب كانت بعيدة تماماً عن مشاعر ابنة نحو من قام بتربيتها فهي تحبه وتتمنى أن يكون لها.
حبٌّ كبير وغيرةٌ أكبر، هذه هي كاميلا الزوجة التي لا تثق بزوجها وتعرف من كلامه وتصرفاته متى يقول الصدق ومتى يكذب، والتي قامت باللحاق بزوجها للتأكد من أن هناك امرأة أخرى في حياته.
«فرانتيزيك»، عاشق بقلب تملؤه الطيبة والتفاني بالإخلاص، مستعدٌ للقيام بأيِّ شيءٍ يجعل من محبوبته روزينا سعيدة وراضيةً بالعيش معه.
بين صراعٍ لكسب المحبوب، ومحاولاتٍ للإقناع، وبين تأنيب للضمير وليلةٍ تشبه الخيال، ستتتالى أحداث الرواية بشكل ممتعٍ لا يسمح للقارئ، بأن يتوقف عند صفحةٍ معينةٍ بل ستجعله أسيراً لكلِّ كلمة وكل حدث فيها.
هل ستتخلى الأم عن الجنين، أم ستتخلى الحياة عنها؟ وهل سيكون كليما على موعدٍ مع فراق لزوجته، أم أن الحظَّ سيقف إلى جانبه ليمكنه من البقاء معها؟ هذا ما ستعرفه عند قراءتك لـ«فالس الوداع»!
-------------------------------------------
الرواية: فالس الوداع.
الكاتب: ميلان كونديرا.
عدد الصفحات: 232.
ترجمة: روز مخلوف.
الطبعة الأولى 2000.
النشر والتوزيع: دار ورد للطباعة والنشر والتوزيع.
الرقم الدولي: 9780571194711.
لوحة الغلاف: د. أحمد معلا.