ساق البامبو تبحث عن أرضها
كتاب >>>> الجائزة العالمية للرواية العربية
إن كان جوابك (لا) ف "ساق البامبو" هي تلك الرواية... هي قطعة الموزاييك التي أتقن الكاتب تحديد تفاصيلها فيأخد بيدك إلى عوالم أخرى، إلى بلدان لم تطأها قدمك قط لتعود في نهاية المطاف إلى ذاتك للوقوف عندها وتحليل حقيقتها ف"كل شئ يحدث بسبب ولسبب". هي تلك الرواية التي تدفعك للسؤال عن ماهية الوطن حقاً، عن تحديد هويتك، عن تحديد الأثر المتبادل بين الفرد والمجتمع، بين الفرد والدين... بين الفرد ونفسه.
"إن الذي لا يستطيع النظر وراءه، إلى المكان الذي جاء منه، سوف لن يصل إلى وجهته أبداً" خوسيه ريزال.
فمن يكون خوسيه ريزال؟
هو البطل الوطني الفيليبيني الذي يقف خلف كواليس حياة هوزيه ... خوسيه ... عيسى ... أو أياً كان اسمه ذلك الذي أبصر النور في الكويت لأب ٍكويتي وأم ٍفيليبينية.
هل تساءلت يوماً فيما لو كنت تمتلك أكثر من اسم وأكثر من وطن وأكثر من دين؟؟ ... هناك تبدأ رحلة التيه الأولى بحثاً عن جذور تتثبت بها في أي انتماء ... لكن ساق البامبو بلا جذور.
بعد ولادته سرعان ما تجبر الظروف والدته على العودة إلى بلادها حاملة ً ابنها معها ... من هناك يأخذك هوزيه ميندوزا -أو عيسى راشد الطاروف- منطلقاً من تراكماتِ ضياعهِ ونشأتهِ الفقيرةِ في الفيليبين في رحلة بحثه عن الانتماءات ... فهل يصل؟
"لو كنت مثل شجرة البامبو، لا انتماء لها. نقتطع جزءاً من ساقها.. نغرسه، بلا جذور، في أي أرض .. لا يلبث الساق طويلاً حتى تنبت له جذور جديدة .. تنمو من جديد.. في أرض جديدة.. بلا ماض.. بلا ذاكرة.. لا يلتفت إلى اختلاف الناس حول تسميته.. كاوايان في الفيليبين .. خيزران في الكويت .. أو بامبو في أماكن أخرى."
تتشابك أحداث الرواية عبر سرد بسيط وممتع لا يخلو من عمق فلسفي لقصص صغيرة متسلسلة تمر في حياة هوزيه/عيسى فتحمل معها كل ما يخالج النفس من ضحك ودموع واختلاط للمشاعر ويسيطر غموض المستقبل على أحداثها... مع كل ضيق يأتيه فرج ومع كل فرج تأتيه مشكلة أشد من سابقتها... تلك هي الازدواجية المسيطرة على الأحداث. أهي رواية أم حقيقة؟ أمن القوانين والأنظمة تنشأ اللامساواة؟ وقضية البدون «الذين لا يحملون أي جنسية»، ومشكلة العمالة الأسيوية المنتشرة في منطقة الخليج؟ أمن جبروت العادات والتقاليد ينبع التمرد عليها أو الخوف منها؟ فما بين ملامح الوجه الفليبينية وجواز السفر الكويتي، يتجسد صراع من نوع آخر في أذني هوزيه-عيسى بين قرع أجراس الكنيسة وصوت الأذان ورائحة بخور معابد بوذا.
يسعى السنعوسي إلى إبراز خبايا التفاصيل الجميلة والدنيئة على حد سواء لمجتمعين شديدي البعد والاختلاف والتناقض : فمن الفليبين حيث الفقر المدقع والجهل المنتشر والأمراض السارية إلى الكويت البلد المترف وتفاصيل الحياة الرغيدة فيه. ومن الكويت حيث أغلال التقاليد والأمراض الاجتماعية إلى الفليبين رمز الحنان بالنسبة لهوزيه/عيسى. فنجد هذا الأخير يطرق في تقلباته من خلال أحداث حياته اليومية آلاف الأفكار المتناقضة حول الفيليبين، الكويت، الدين، الشك، صعوبة الاختيار، الأسرة، الحب، الهويات الجنسية، المثلية، صراع الشهوة والدين، كل انتماء يمر به خلال تسلسل أيامه. وبهذا يوجه السنعوسي نقداً اجتماعياً صارماً بحق العيوب التي تأسر كل مجتمع عانده، فينهار كل انتماء أمام الانتماء الإنساني الجامح، ولكن لا ينفك أمله يتملكه بانتماء يريحه.
هل تكون بقايا كل انتماء فيه لعنة قاسية على بقايا انتمائه الآخر ؟ وكيف تكون نهاية رحلة البحث هذه ؟
هذا ما سيتضح بقراءة هذه الرواية المذهلة الحاصلة على جائزة الدولة التشجيعية عام ٢٠١٢ وجائزة البوكر العالمية للرواية العربية لعام ٢٠١٣ بعد تم اختيارها من بين ١٣٣ رواية مرشحة وموزعة على ١٨ دولة عربية.
الجدير بالذكر أن سعود السنعوسي أطلق النسخة الانكليزية من "ساق البامبو" مطلع شهر أيار من العام الحالي.
الرواية: ساق البامبو.
الكاتب: سعود السنعوسي.
عدد الصفحات: ٣٩٦.
الطبعة الأولى: ٢٠١٣.
النشر والتوزيع: الدار العربية للعلوم ناشرون
الرقم الدولي: ٢-٠٥٢٣-٠١-٦١٤-٩٧٨