القائد يولد لا يصنع
البيولوجيا والتطوّر >>>> علم الجينات
هل تعتقد أنّك شخصية قيادية؟ نعم!
لمن يعود الفضل في هذا؟ لعائلتك، والدتك، مجتمعك، ظروفك... أم تعتقد أنك وُلدت هكذا؟
إليك الحقيقة...
تجربة علمية لتدريب ((الأسماك)) الشائكة "stickleback fish" التي تقود السرب لتصبح تابعة، والأسماك التابعة لتصبح قائدة، تعطي نتائج غير متوقّعة.
في مجتمعنا لسنا محظوظين كفاية لنملك المدير المثالي الذي سنتبعه بإخلاص لبقية حياتنا.
فغالبيتنا نجد أنّ المدير أناني ومغرور، أو نشتكي بأنّه لا يستمع إلى آرائنا.
الإنسان بطبيعته يدفع بمفهوم القائد والتابع للحدّ الأقصى، لكنّ هذا المفهوم يوجد أيضاً في المملكة الحيوانية.
فالقادة والأتباع في العالم الطبيعي يستطيعون أن يساعدونا لتقرير ما إذا كان هؤلاء القادة المتعجرفون يمكن أن يُدرَّبوا ليصبحوا جزءاً من الفريق.
نظام القائد – والتابع يوجد في العديد من المجموعات الحيوانية كالأسماك والعصافير والرئيسيّات "primates- أعلى رتب الثدييات"
إنّ العيش في مجموعات يمكن أن يؤمّن الكثير من المزايا لأعضاء المجموعة، مثل زيادة الفرص للحصول على الطعام أو تجنّب الحيوانات المفترسة. وعلى عكس البشر، تعرف الحيوانات أنّ عليها الاتّفاق حول أين تذهب ومتى تذهب إلى مكان ما، لكي تستطيع أن تستفيد بشكل كامل من منافع العيش ضمن المجموعة.
يتّصف القادة بسمات مشتركة، لذا تكون العديد من تصرفاتهم متوقعة. وأهمّ سمة يجب أن يتمتّعوا بها هي الانفتاح على الاخرين. وبشكل مشابه لدى الحيوانات يكون الأفراد الأكثر نشاطاً وجرأة هم القادة.
تقترح النظريات التطورية أنّ الجرأة والقيادة يمكن أن تُكتسب عبر "التغذية الراجعة الإيجابية". فالأفراد الذين يفرضون اختياراتهم أو آراءهم على الآخرين، في الغالب يكونون هم القادة الذين تتبعهم المجموعة. وهذا بالتالي ما يشجّعهم على اتّخاذ زمام المبادرة.
الأسماك التابعة :
نتائج هذا التقييم للأدوار الاجتماعية للقادة والأتباع ضمن جماعات أظهرت، بعد العديد من التجارب، أنّ القادة والأتباع وُلدوا عبر الانتقاء الطبيعي، وأنّك لاتملك أي فرصة لتصبح قائداً إذا كنت قد وُلدتَ كتابع!!
ولكن بدراستنا على الأسماك الشائكة وجدنا أنّه من غير الممكن أن يصبح التابع قائداً، إلا أنه من الممكن أن يصبح القائد تابعاً.
في هذا البحث درسنا طبيعة القادة والأتباع عبر دراسة سلوك أزواج من الأسماك الشائكة المعروفة بإظهارها اختلافاً فردياً بالجرأة.
مثلاً عند البحث عن المؤن والهجرة من مخبأ آمن إلى مكان خطِر يحوي غذاءاً، نلاحظ أنّ الأسماك الجريئة تبادر بالقيام بالحركة الجماعية، في حين تميل الأسماك الأكثر خجلاً لأن تتبع تلك الأسماك.
محاولة لعكس الأدوار :
أجبرنا زوجاً من الأسماك على عكس الأدوار لنرى إذا كان من الممكن أن يتبادلوا بعد القليل من التمرين.
كانت الأسماك الخجولة تكافأ بقليل من الطعام عندما تبادر لحركة جماعية، بغضّ النظر إذا كانت تُتبع من قبل الأسماك الأكثر جرأة أم سواها. والأسماك الجريئة كانت تكافأ أيضاً بعد كلّ مرة تَتبع بها الاسماك الخجولة، لكنّها لا تكافأ إذا هاجرت لمكان آمن بمفردها.
وبهذه الطريقة درّبنا شفعاً (أي اثنين من الأسماك) ليتبادلوا أدوارهم الطبيعية، وقارنّاهم مع الشفع الذي يقوم بدوره الطبيعي.
كنا نتوقّع أنّ الأسماك الجريئة كانت لتتصرف بطريقة سيئة عندما تُجبر لتصبح اتباعاً، لأنهم أقلّ تجاوباً لسلوكيات الآخرين في دورهم الطبيعي، وبأنّ الأسماك الخجولة كانت لتتقبّل دور القيادة بسهولة أكبر.
على كل حال النتائج كانت مخالفة تماماً !!!!
كان لدى كلا شفعَي الأسماك، القادة والأتباع، القابلية للقيادة أقلّ بكثير من القابلية للإتّباع (أي أن المرونة للتغيير من وإلى دور القائد بعكس الميول الطبيعية لكلّ منها، كانت أضعف).
تكيّفت الأسماك الجريئة بسهولة لتكون تابعة، لكنّ الأسماك الخجولة لم يتمكّن الباحثون من تدريبها لتصبح قائدة؛ حتى عندما دُربت لتتوقف عن اتّباع الأسماك الأخرى.
وجدنا أنّ الأسماك تتعلم أن تتبع، لكن تقاوم أن تقود، بغضّ النظر عن شخصيتها "باعتقادي جميعنا يحاول أن يتهرّب من المسؤولية".
والآن هل تعتقد أنك ولدت لتقود أم لتُقاد؟
المصدر : هنا