المصعد الفضائي ج1 الفكرة، البدايات والتطور
الهندسة والآليات >>>> تكنولوجيا الفضاء
بدأت فكرة المصعد الفضائي في عام 1895م على يد رائد علم الصواريخ وواضع معادلة الصاروخ الشهيرة قسطنطين تسيولكوفسكي. كان ذلك عند مشاهدته لبرج ايفيل في باريس، حيث استلهم منه بناء برج معدني طويل جدا تكون قمته سابحة في مدار فضائي حول الأرض.
لكن الولادة الحقيقة لمفهوم المصعد الفضائي كانت في أواسط القرن العشرين على يد يوري أرتسوتانوف. حيث قام باستبدال الفكرة القائمة على بناء برج واقترح تشكيل حبل مشدود من الألياف الملفوفة يتدلى من الفضاء الخارجي إلى الأرض. حيث يشكل هذا الحبل مسار عربة المصعد الفضائي. كما أن يوري أرتسوتانوف ناقش في مقترحه هذا تطبيق قوة شد قادمة من وزن مثبت عند نهاية الحبل (النهاية الموجودة في الفضاء). ويجدر بالذكر أن فكرة يوري أرتسوتانوف لم تلقى ترحيبا للنشر بحجة أنها "متطرفة".
بعد ذلك بعدة سنوات استطاع مجموعة من الباحثيين نشر مقال يشرح أساسيات فكرة المصعد الفضائي. وبعد ذلك وفي سبعينيات القرن العشرين، قام جيروم بيرسون بطرح نموذج رياضي عن نظام المصعد الفضائي. شمل بيرسون في نموذجه مراعاة مواد الحبل واقترح استخدام شعيرات نموذجية لكريستالات الجرافيت (perfect-crystal whiskers of graphite). بالإضافة إلى ذلك، درس بيرسون ديناميكية انتقال المصعد إلى الفضاء (مقدار انتقال العزم الزاوي أثناء الصعود وهو مقدار العزم التي تمتلكها الأشياء لدى دورانها)، الطول المناسب للحبل، مقدار الإهتزازات التي قد يتعرض إليها الحبل والمصعد، والأخطار المحتملة أثناء عملية الصعود مثل الرياح والاهتزازات الناتجة عن نشاط القمر.
Image: gajitz.com
وفي عام 1991، تم اكتشاف أنابيب الكربون النانوية التي شكلت حلا لمشكلة صناعة حبل المصعد الفضائي. أنابيب النانو الكربونية هي تجمع تسلسلي (أي على شكل سلسلة) من ذرات الكربون و التي تظهر خواص مميزة جدا و منها قدرتها العالية على تحمل الإجهاد (الإجهاد هو قياس لمقدار توزع القوى على سطح معين، مثالا: الإجهاد المؤثر على الأرض نتيجة وقوف شخص ما يزداد بنقصان مساحة رجله والعكس صحيح). يستفاد من هذه الخاصية في بناء حبل المصعد الفضائي حيث يتوقع أن أنابيب الكربون النانوية تستطيع تحمل الإجهاد الناتج عن وزن الحبل نفسه. على الرغم من المساحة المقطعية (مساحة السطح الناتج عند قطع سلسة الكربون) تقدر بالنانومترات. نظريا يمكن إنتاج سلسلة بطول عدة سنتيمترات مما يسمح بالاستفادة منها عن طريق نسج حبال قوية.
تلى هذا الاكتشاف خطوات متسارعة في تقديم مقترحات وتصاميم للمصعد الفضائي:
- في عام 1997: تم نشر كتاب المصعد المداري المعروف بـ Kidou-Elevator في اليابان. يعد هذا الكتاب أول كتاب فني عن المصاعد الفضائية.
- في عام 1999: أجرت ناسا دراسة عن إمكانية إنشاء مصعد فضائي مستوحى من أحد روايات الخيال العلمي. كانت نتيجة الداراسة أن إنشاء مصعد فضائي بهذا التصميم غير ممكن.
- في عام 2000: أكمل الدكتور براد إدواردز المرحلة الأولى من دراسته عن المصعد الفضائي في برنامج NIAC (NASA Innovative Advanced Concepts)). كثير من الأفكار الذي تضمنها التصميم الناتج عن هذه الدراسة تعتبر الآن أساسي من أساسيات المصعد الفضائي.
- في عام 2002: عقد أول مؤتمر عن المصعد الفضائي في سياتل، الولايات المتحدة الأمريكية.
- في عام 2003: أنهى الدكتور براد إدواردز المرحلة الثانية من برنامج NIAC ودراسته عن المصعد الفضائي. وفي نفس العام أصدر الدكتور براد إدواردز كتابه "المصعد الفضائي: نظام النقل من الأرض إلى الفضاء الثوري" أو " THE SPACE ELEVATOR - A revolutionary Earth-to-space transportation system".
- في عام 2004: إطلاق منظمة "نحو الفضاء" أو Spaceward Foundation ، والتي اقترحت على ناسا تنظيم مسابقة سنوية لتطوير التقنيات الداعمة لمشروع المصعد الفضائي.
- في عام 2007: إنشاء أول منظمة أوربية متخصصة بالمصعد الفضائي (EuroSpaceward). والتي نظمت لاحقا نسخة أوربية عن مسابقة تطوير تقنيات المصعد الفضائي.
- في عام 2008: تم إنشاء هيئة يابانية مختصة بشؤون المصعد الفضائي (JSEA). وفي نفس العام تم إحداث جمعية المصعد الفضائي الدولية (ISEC).
- في عام 2009: ناسا منحت جائزة مسابقتها لأول فائز، شركة LaserMotive، عن تطويرها لتقنيات نقل الطاقة عبر أشعة الليزر.
- في عام 2010: نشرت جمعية المصعد الفضائي الدولية (ISEC) تقريرها السنوي الأول بعنوان "تجنب الحطام الفضائي - قابلية نجاة المصعد الفضائي" أو "Space Debris Mitigation - Space Elevator Survivability".
- في عام 2011: أصدرت جمعية المصعد الفضائي الدولية (ISEC) العدد الأول من مجلة CLIMB العلمية المختصة بشؤون تطوير المصعد الفضائي.
وفي الختام لمن يتسائل "لماذا المصعد الفضائي والصواريخ موجودة؟!" نقول:
لدى المصاعد الفضائية عدة ميزات رئيسة لا تتوفر في الصواريخ. أولا، بتشييد المصاعد الفضائية ستصبح رحلة الصعود إلى الفضاء سهلة وميسرة لكل من أرادها. حيث لن يعود هناك تأثيرات التسارع الهائلة على الركاب التي تفرضها الصوراخ العاملة حاليا، لا إهتزازات من شأنها افقاد الرحلة الفضائية هدوئها، ولا كميات هائلة من الوقود المحمول على المركبة الفضائية أثناء صعودها. وبذلك تصبح الرحلة إلى الفضاء بمثابة رحلة على قطار سريع. ثانيا، التمكن من إرسال حمولات ذات حجم أكبرإلى الفضاء. ما قد يتيح فرصة نقل حمولة تقارب 1000 طن أو ما يعادل مستلزمات إنشاء ثلاث محطات فضاء دولية في يوم واحد. ثالثا، باستخدام المصاعد الفضائية سيتسنى استخدام مصادر طاقة نظيفة معتمدة على الطاقة المنقولة عبر الليزر والطاقة الشمسية في عملية إطلاق ودفع المصعد الفضائي.
المصادر:
هنا
هنا