القياس المباشر الأول لخاصية إنحناء حقل الجاذبية والتطبيقات الصناعية الهامّة المتعلقة بذلك
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
تمكن تقنية " تداخل الذرات " من حساب المسافات بدقة عالية جدا ، مستفيدة من الطبيعة الكمومية الموجيّة الذرات ، و التي استخدمت سابقا لحساب قوة الجاذبية والحقول و معدل التغير في تلك المجالات عبر مسافة صغيرة ( وهو ما يسمى : التدرج)، تسمح جميع هذه القياسات بتحديد ثابت الجاذبية لنيوتن (G)بدقة أكبر، إذ إن قيمته المعروفة حاليا محسوبة بدقة ضمن 100 جزء من المليون ، أي بدقة أقل من دقة الثوابت الأساسية الأخرى. كما ستمنح المزيد من الحسابات دقة أكبر لنتائج النظرية النسبية العامة . قياس الجاذبية في موقعين قريبين يعطي التدرج؛ أي الفرق بين القيمتين مقسوما على المسافة بينهما . أما القياس في ثلاثة مواقع فيعطي معدل تغير التدرج، وهو ما يسمى انحناء هذا المجال ( الذي يتضمن المواقع الثلاثة ). اقترحت هذه التجربة في 2001، وقد قام فريق إيطالي بقيادة غوغليلمو تينو من جامعة فلورنسا والمعهد الوطني للفيزياء النووية، بإجراء تجربة مشابهة لحساب ثابت الجاذبية G، ويقوم الفريق ذاته بإعادتها لحساب انحناء الجاذبية.
لقياس الجاذبية على ثلاثة ارتفاعات في اللحظة ذاتها، أطلق الفريق ثلاث سحب من الذرات شديدة البرودة على ثلاثة ارتفاعات مختلفة داخل أنبوب شاقوليّ طوله متر واحد، محيطين النصف العلوي من الأنبوب بوساطة 516 كيلوغرام من سبائك التنغستِن لزيادة التباين في مجال الجاذبية في هذا القسم، وأطلقت سلسلة نبضات ليزرية نحو الذرات من أعلى الأنبوب وأسفله. تعمل النبضة الأولى من الليزر على فصل كل سحابة إلى جزأين ، ذرات الجزء الأول تمتص فوتونين ، مما يجعلها في الحالة المثارة، إضافة لمنحها كمية حركة، أما ذرات الجزء الثاني فتبقى في الحالة الأساسية (أي غير مثارة ) ، كمية الحركة الممنوحة لذرات الجزء الأول تؤدي بها إلى أن تهبط مسافة مختلفة عن التي تهبطها ذرات الجزء الثاني خلال فترة من الزمن. تقوم نبضتان أخريان بإعادة تجميع الجزأين سوية و تسمح لهما بالتداخل، تمكن الباحثون بحساب آثار التداخل من حساب الفرق في أطوال مسارات الجزأين، والذي يعتمد بدوره على تسارع الجاذبية الأرضية. قام الفريق بحساب التغير في تسارع الجاذبية بدقة تصل إلى عدة أجزاء من المليون في الجزء الواحد من المئة، ثم قاموا بحساب متوسط الانحناء فوجدوا أنه مطابق تماما لتنبؤاتهم. يقول تينو " إن حساب الانحناء لمجال الجاذبية يساعد في تحسين قياس ثابت الجاذبية G ". هنالك طريقة أخرى شائعة لحساب قوة حقل الجاذبية وتدرجه، عبر تحريك كتلة ثقيلة بين كاشفين، لكن التقنية الجديدة قد تتلافى العديد من الأخطاء الناتجة عن تحريك الكتلة و التغيرات في الجهاز.
يفيد تحديد الانحناء في حقل الجاذبية أيضا في رسم خرائط تغيرات الجاذبية على الأرض، و التي تستخدم للاستدلال على التراكيب الجيولوجية المدفونة، و إيجاد مكامن النفط، فحتى لو كان التغير في الكثافة قليلاً جداً، فإن الانحناء يتغير بشكل كبير إذا كان هذا التغير مفاجئاً، لذلك يمكن بحساب انحناء الجاذبية تحسين التحليل المكاني لخرائط تحديد الكثافة . يقول هولجر موللر (Holger Müller ) من جامعة كاليفورنيا في بيركلي و الذي قام باستخدام الذرات لجعل القياسات شديدة الدقة " إن قياس قوة الجاذبية هو أمر شديد الحساسية لأي شيء موجود تحت الأرض، و حساب التدرج في الجاذبية يرفع من حساسية وجود أجسام قريبة ، و حساب الانحناء يزيد الحساسية بشكل أكبر. لذلك فوجود جهاز لقياس الانحناء بشكل عملي سيعتبر انجازاً كبيراً.
المصدر: