الخرافات السبع الأكثر انتشاراً حول العمليات الجراحية
الطب >>>> الجراحة
الخرافة الأولى: التخدير العام خطرٌ على الحياة
هل يراقب أحدٌ نبضاتِ قلبِك حين تكون في العمل؟ هل يظهر مستوى الأوكسجين في دمك على شاشة دائمة في المنزل؟ طبعاً لا. ولكنك حين تكون في غرفة العمليات فإن كل مؤشِّراتِك الحيوية تكون تحت المراقبة المستمرة: نبضات القلب، ضغط الدم، حركة الهواء عبر الرئتين، درجة حرارة الجسم، تخطيط القلب الكهربائي، وغير ذلك من المؤشرات المعقدة، وذلك لحظةً بلحظةٍ أثناء العملية. حين تكون في غرفة العمليات تحت التخدير العام ستكون كافة أعضاء جسمك تحت مراقبةٍ حثيثةٍ كما لا يمكن أن تكون عليه في أي مكان آخر. وقد تتفاجأ إذا علمت أن احتمال وفاة الإنسان تحت التخدير العام في العمليات الروتينية لا يتجاوز 1 إلى 10،000، في حين أن احتمال وفاته بسبب حادث طارئ حين يكون في الشارع يبلغ وسطياً 2 إلى 100،000، أي أكثر بمرتين تقريباً! يبالغ الناس في تقدير خطورة التخدير العام على الحياة، ومجرد وجودك في الشارع يعرضك للوفاة أكثر بمرتين من وجودك في غرفة العمليات تحت التخدير العام. والتخدير الكامل ليس خطراً على الحياة حين يتم التعامل مع المريض بالشكل الصحيح من قبل طاقم طبي مُؤهَّل ضمن مستشفى تتوفر فيه الإمكانيات الأساسية.
الخرافة الثانية: يجب الصيام بشكل كامل في اليوم السابق للعملية
في معظم الأحيان يأتي المريض إلى المستشفى لإجراء العملية الجراحية في الصباح الباكر، وهو لا يصل إلى حالة الصحو الكامل بعد العملية إلا في المساء. وغالباً ما تكون شهيته للطعام ضعيفةً أو معدومة، وربما لا يأكل حتى اليوم التالي. ولذلك فإن المريض قد يبقى لأكثر من 36 ساعة دون غذاء، مما يجعل أنسجةَ الجسم وأعضاءَه تعاني تحت وطأة الجوع، وقد يؤهّب لحدوث المشاكل والمضاعفات الجراحية. أما المحاليل الوريدية التي يتلقاها المريض فهي لا تحتوي على غذاء، ومحتوياتها تقتصر على الأملاح المعدنية مع كمية قليلة من السكر. وبذلك فلا داعي – بل من الخطأ – أن يبدأ المريض بالصيام باكراً في اليوم السابق للعملية. وفوق ذلك فإن إجراء عملية جراحية يحتاج إلى تغذية الجسم بشكل جيد في اليوم السابق للعملية، والذي يشمل تناول ثلاث وجبات نظامية بما فيها وجبة العشاء. ولا داعي للصيام عن الطعام لأكثر من ثمان ساعات قبل موعد العملية المقرر، مع العلم أنه لا مانع من تناول الماء حتى قبل أربع ساعات من توقيت العملية.
الخرافة الثالثة: تُطرَح أدوية التخدير من الجسم عن طريق الإقياء
تُعطى أدويةُ التخدير بشكل رئيسي عن طريق الوريد لتصل إلى الدم مباشرة، وبعضها يُعطى أيضاً بالطريق الإنشاقي ليدخل مع هواء التنفس إلى الرئتين ومنهما إلى الدم. بعد ذلك تصل مواد التخدير إلى الدماغ لتقوم بتأثيراتها المُخدِّرة، ثم تُطرَح من الجسم عن طريق الكبد والكليتين بعد تفكيكها إلى مواد أبسط. ويعتقد الكثير من الناس أنه لا بد للمريض أن يتقيأ بعد العملية لتخرج مواد التخدير من الجسم. ولكن من الواضح – كما ذكرنا أعلاه – أن مواد التخدير لا علاقة لها بالجهاز الهضمي ولا بالمعدة، والإقياء الذي يحدث بعد العمليات الجراحية لدى بعض المرضى لا علاقة له بإخراج مواد التخدير من الجسم، وإنما هو أحد تأثيرات أدوية التخدير على الدماغ بالإضافة إلى أسباب أخرى. ولذلك فإن الإقياء يمكن أن يحدث لدى حوالي 20% من المرضى بعد التخدير العام، ولكنه لا يحدث لدى الجميع بالضرورة، ولا علاقة له بطرح أدوية التخدير من الجسم.
الخرافة الرابعة: يجب عدمُ إعطاءِ المُسكِّنات للمريض إلا حين يشعر بالألم
أنا لا أشعر بالألم، فلماذا يتوجب علي تناول جرعةِ المُسكِّن التي وصفها لي الطبيب؟ أكدت الدراسات أن إعطاء الأدوية المُسكِّنة قبل حدوث الألم يؤدي إلى تخفيف شدة إشارات الألم العصبية التي تصدر عن مكان العملية، ويؤدي إلى فعالية كبيرة في تسكين الألم مُقارَنة بإعطاء هذه المسكنات بعد حدوث الألم، وتُدعى هذه التقنية بالتسكين الاستباقيّ (preemptive analgesia). ولذلك فإن الجرّاحين يبدؤون عادةً بإعطاء مسكنات الألم حتى قبل أن يصحو المريض بشكل كامل، كما يتوجب على المريض بعد خروجه إلى المنزل أن يتناول جرعة المسكن المحددة من قِبَل الطبيب في الوقت المُقَرَّر حتى لو لم يكن يشعر بأي ألم. لا ينطبق ذلك على العمليات الجراحية فحسب، بل إن هذه التقنيةَ مفيدةٌ في تسكين أي نوع من أنواع الألم، أي أن يتم تناول المسكن بجرعات ثابتة في أوقات محددة حتى لو لم يشتكِ المريضُ من الألم في توقيت تناول الجرعة.
الخرافة الخامسة: يجب على المريض ألا ينهض من السرير في يوم العملية
يخاف الكثير من المرضى حين يطلب منهم الجراح المشي بعد عدة ساعات من العملية، بل إن بعضهم يرفضون ذلك رفضاً قاطعاً. أما العلم فيقول العكسَ تماماً: كلما نهض المريض باكراً من الفراش تعافى بشكل أسرع، وكانت نسبة المضاعفات لديه أقل. فالنهوض الباكر بعد العملية يحسن عمل الدورة الدموية، ويسرع عودة الحركة في الجهاز الهضمي، ويخفف من حدوث المضاعفات والالتهابات الرئوية، كما يقلل من احتمال الإصابة بالجلطات الدموية. وبعد معظم العمليات الجراحية يتوجب أن يمشي المريض مرة أو مرتين في مساء يوم العملية الجراحية، ويجب أن يكون قادراً على الدخول إلى المرحاض ماشياً على قدميه.
الخرافة السادسة: لا يمكن الاستحمام إلا بعد نزع الخيوط الجراحية
تُترَك الخيوط الجراحية على الجلد بعد الكثير من العمليات لفترة طويلة قد تمتد حتى ثلاثة أسابيع بعد العملية. والهدف من المُحافَظة على الخيوط هو السماح للجلد باستعادة قوته السابقة قبل العملية، وتجنب انفتاح الجرح في حال تم نزع الخيوط في توقيت مبكر. ولكن المشكلة هي أن الكثير من المرضى يؤخرون الاستحمام لمدة أسبوعين وأحياناً أكثر بعد العملية، وذلك بحجة وجود خيوط جراحية في شق العملية، وفي الواقع فإن الخلايا الجلدية تقوم بتكوين طبقة عازلة تماماً بعد خمسة أيام على الأكثر من إجراء الجراحة، وهذه الطبقة تشكل حاجزاً واقياً يمنع دخول الماء منعاً تاماً. بل إن بعض الدراسات أظهرت عدم زيادة نسبة الالتهابات حتى لو تم كشف الجرح والاستحمام بعد 24 ساعة فقط من العملية! وبذلك لا مشكلة في معظم العمليات الجراحية من كشف الجروح والاستحمام بعد 3-5 أيام من إجراء الجراحة، ولا يؤدي ذلك إلى أي ضرر حتى لو بقيت الخيوط موجودة في مكانها.
الخرافة السابعة: يمكن للخياطة التجميلية أن تخفي آثار الجروح
هنالك قاعدة معروفة في علم الجراحة تقول بأن أيَّ شَقٍّ جلديٍّ عميقٍ بما فيه الكفاية سيؤدي حتماً إلى تشكل ندبة مكانه. ورغم أن الأنسجة الجلدية قادرة على الترميم والتجدّد، إلا أنها عاجزة عن إعادة الجلد الخارجي في منطقة الشق الجراحي إلى الشكل الذي كان عليه قبل الجراحة ودون ترك أي أثر. وفي الواقع فإن هنالك الكثير من الوسائل التي تتيح الحصول على ندبة «تجميلية» أقل ظهوراً وبروزاً؛ ونذكر من هذه الوسائل اختيارَ المكان المناسب لإجراء الشق بحيث لا يكون في منطقة ظاهرة للعيان، وإجراءَ الشق في الاتجاه الصحيح بما يتوافق مع خطوط الجلد، واختيارَ نوعٍ مناسبٍ من الخيوط لخياطة الجرح بحيث لا تؤدي إلى ارتكاس جلدي، بالإضافة إلى الخياطة الداخلية التي لا تظهر الخيوط فيها على سطح الجلد. ورغم جميع هذه الوسائل، إلا أن الشق الجراحي لا بد أن يترك ندبة. أما أن يكون الشق الجراحي دون أي أثر فهذه مجرد خرافة!
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا