رحلة ثاني أكسيد الكربون من الهواء إلى الوقود (الجزء الأول)
الهندسة والآليات >>>> الطاقة
يعتمد مبدأ هذا النظام على مبدأ عمل الأشجار، وذلك في أماكنَ لا تحتوي أشجارًا، كالسهول الجليدية والصحارى، وسيقوم بضمّ CO2 مع الهيدروجين H2 المنزوع من الماء لتشكيل وقود هيدروكربوني بهدف تزويد التكنولوجيا بوقود صديق للبيئة مكملًا بذلك أنظمة الطاقة المتجددة التي نعرفها الآن.
تُعد شركة Carbon Engineering واحدة من الشركات القليلة في العالم التي تُعنى باختراع وسائل تحقق امتصاصًا كافيًا لثاني أكسيد الكربون من الجو وذلك للحد من آثار التغير المناخي. يضاف عليها أيضًا شركة Global Thermostat في نيويورك، والشركة السويسرية Climateworks اللتان عرضتا مع أودي في وقت مبكر من هذا العام التكنولوجيا الملتقطة للـ CO2 مع إيصاله إلى الشركة الألمانية Sunfire حيث سيعاد تدويره إلى وقود ذو انبعاثات كربونية صفرية.
الجدوى الاقتصادية لامتصاص الكربون:
وفي الوقت الذي كان طرح Climateworks مثيرًا للإعجاب، فإن كل ما تحتاجه الشركات الثلاث هو أن تحدد الآلية التي ستجعل من عملية تحويل ثاني أكسيد الكربون الجوي إلى نظام وقودي عملية مجدية اقتصاديًا، ولكن هذا ليس بالأمر السهل. فواحدة من المشاكل التي ستواجههم هي التغلب على الكلفة العالية لتسخين CO2 إلى حوالي 400 درجة مئوية حتى يتمكنوا من معالجته بالشكل الأنسب، وكما أن هنالك مشكلة أخرى تكمن في أن قلّة من المستثمرين سيبدون اهتمامًا في دفع المال من أجل إثبات أن تدوير CO2 هو أمر ممكن في الواقع.
إن الحكومات والمستثمرين الخاصيين غير آبهين بحثّ أحدهم على تقديم طرق بسيطة لامتصاص CO2 من الجو مهما كانت فوائدة الإيجابية المحتملة على البيئة، ولهذا السبب يحتاج هؤلاء المطورون أن يعرضوا شيئًا قيّمًا يعود على مستثمريهم بالنفع، والجواب الواضح لهذا الغرض هو الوقود.
في الوقت الراهن إنّ نظام Carbon Engineering المزعوم قادر على التقاط حوالي 450 طن من CO2 سنويًّا، وهذا بالكاد يغطي الانبعاثات الكربونية الناتجة عن 33 شخص كندي معتدل. لكن على حدّ زعمهم فإنه من الممكن مضاعفة ذلك بنحو 20000 مرّة، وذلك بغية جعله عمليًّا أكثر.
وعلى ما يبدو أنَّ الالتقاط المباشر هو الطريقة المحتملة الوحيدة المجدية لامتصاص ثاني أكسيد الكربون المنبعث من المصادر المتحركة الصغيرة كالسيارات والشاحنات والطائرات التي تشكل 60% من انبعاثات هذا الغاز في يومنا هذا.
تتطلب هذه الأنظمة مساحات أرضية أقل بـ 1000 مرّة من المساحة التي تتطلبها الأشجار الممتصة للكربون، ويمكن لهذه الأنظمة أن تثبت في أراضٍ لا تستحق أن تُزرع أو تُسكن كالسهول الصحراوية مثلًا.
آلية العمل:
لننتقل الآن إلى شرح الآلية التي اعتمدها تصميم شركة Carbon Engineering (CE) وذلك لالتقاط CO2 على نطاقات صناعية:
Image: http://carbonengineering.com/
تقوم تكنولوجيا براءة الاختراع المسجّلة باسم CE بدمج عمليتين وهما: تماس الهواء، ودورة التنشيط أو التجديد، وذلك بغية تأمين التقاط متواصل لثاني أكسيد الكربون الجوّي وإنتاج CO2 صرف.
تقوم أجهزة تماس الهواءAir Contactor بارتشافCO2 إلى محلول الالتقاط وذلك لإنتاج سائل غني بـ CO2 ، وتتضمن عملية التنشيط عدة خطوات معالجة منتجةً بذلك تيار CO2 مصفّى ومعيدة تشكيل محلول الالتقاط الكيميائي الأساسي.
تعمل هاتان العمليتان سويةً لتؤمنان نزعًا مستمرًا لثاني أكسيد الكربون من الهواء الجوّي وذلك بوجود الطاقة وكميات قليلة من كيميائيات مكمّلة على الدخل، وذلك بغية الحصول على ثاني أكسيد كربون نقي كناتج. يُمكن لتيار CO2الصرف أن يُباع أو يستخدم في التطبيقات الصناعية أو يُخزّن بشكل دائم (يُخزّن جيولوجيًّا) في باطن الأرض.
تقوم تقنية الالتقاط على إحضار الهواء الجوّي الحاوي على ثاني أكسيد الكربون وجعله على تماس مع محلول كيميائي يمتص CO2 طبيعيًّا، وذلك بواسطة جهاز يدعى جهاز التماس.
يُرسل هذا المحلول الحاوي على CO2 المُلتقط إلى دارة التنشيط والتي تقوم باستخراج CO2 في الوقت الذي يُعاد فيه تشكيل المحلول الكيميائي الأصلي ليعاد استخدامه في جهاز التماس.
يُجمع CO2 المستخرج بهذه العملية مع CO2 الناتج عن أنظمة الطاقة ويُرسلان سويّة إلى خط أنابيب الإنتاج ذو القدرة على تحمل ضغوط عالية.
جهاز تماس الهواء:
يلتقط تصميم شركة CE لأجهزة تماس الهواء غاز ثاني أكسيد الكربون بواسطة محلول هيدروكسيدي قلوي قوي، وتم تحسين هذا المحلول لتأمين امتصاص سريع لـ CO2 من خلال الاختيار الدقيق للتركيز وللمواد المضافة.
Image: http://carbonengineering.com/
دورة التنشيط:
في دورة التنشيط تتم معالجة المحلول الكيميائي الغني بثاني أكسيد الكربون الملتقط بواسطة أجهزة تماس الهواء، وهدف المعالجة هو تحرير CO2 صرف ومضغوط بالإضافة إلى تجديد محلول الالتقاط الأساسي وذلك لاستخدامات أبعد.
Image: http://carbonengineering.com/
الخطوات:
1. بعد التقاط CO2 في أجهزة تماس الهواء، تتشكّل كربونات البوتاسيوم [K2CO3] والتي تُنقل إلى دورة التنشيط وهي مذابة في المحلول.
ينقل هذا المحلول إلى جهاز يسمّى مفاعل الكريات (Pellet reactor) حيث يؤمن تفاعل كربونات البوتاسيوم [K2CO3] مع هيدروكسيد الكالسيوم [Ca(OH)2] وذلك لإعادة توليد هيدروكسيد البوتاسيوم [KOH] والتي يُعاد استخدامها في أجهزة تماس الهواء كما يترسب CO2 من المحلول على شكل كربونات الكالسيوم الصلبة.
2. حالما تفصل كربونات الكالسيوم [CaCO3] من المحلول، تُرسل إلى جهاز يدعى سرير تكليس المائع Fluid-bed calcinerوالذي يعمل عند حدود 900 درجة مئوية مؤديًا إلى تفكيك كربونات الكالسيوم [CaCO3] إلى أكسيد الكالسيوم [CaO] مع إطلاق لغاز ثاني أكسيد الكربون، ولتزويد الحرارة اللازمة لهذا التفاعل يقوم جهاز التكليس بحرق الوقود كالغاز الطبيعي في بيئة أوكسيجينية.
يوّلد جهاز التكليس أيضًا حرارة تستخدم لإنتاج الكهرباء اللازمة لبقية أجزاء مصنع التقاط الهواء، إن غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن احتراق الوقود يُدمج مع ذلك المستخرج من الهواء الجوّي، ويُرسَلا سويّة إلى المرحلة النهائية ( الضغط والتنظيف) حيث ينتج CO2 صافٍ كي يضُخ عبر الأنابيب.
3. بعد أن تحرر جميع المترسبات الصلبة محتواها من CO2 ، تُحوّل إلى خزان مزج حيث تتفاعل مع الماء لتعيد تشكيل هيدروكسيد كالسيوم عذب [Ca(OH)2] يُعاد تدويره في مفاعل الكريات ليُستخدم لاحقًا.
إن كلًا من هيدروكسيد البوتاسيوم [KOH] المستخدم في أجهزة تماس الهواء وكربونات البوتاسيوم [K2CO3] الناتجة هي مركبات غير سامّة، بل وتستخدم بتراكيز منخفضة في إعداد بعض الأطعمة.
تكاملًا مع طاقة بلا انبعاثات كربونية:
إن كامل الطاقة المطلوبة لهذه العملية مؤمنة بواسطة الغاز الطبيعي، وثاني أكسيد الكربون الناتج عن احتراق الغاز يُدمج مع ذلك المستخرج من الهواء مما يعني أن لا وجود لانبعاثات جديدة إلى الجو من خلال هذه التكنولوجيا، وعلى نحو أبعد من ذلك تجري دراسات متكاملة لاستعمال الطاقة الشمسية الحرارية والطاقة النووية كمصدر تزويد أساسي للطاقة اللازمة لأنظمة التقاط الهواء.
لفهم أكثر حول هذه التقنية، يرجى متابعة الفيديو التالي
ولمزيد من التوضيح، إقرأ
هنا
اقرأ المزيد عن طرق احتجاز الكربون من مقالاتنا السابقة:
ماذا يعني احتجاز الكربون في 14 سؤالاً؟
هنا
مزارع الكربون
هنا
هل يمكن للمزارع الكربونية أن تعاكس تأثير الاحتباس الحراري؟
هنا
التخزين الجيولوجي للكربون
هنا
دفن الكربون في باطن الأرض قد يسبب الزلازل
هنا
التخلص من ثاني أكسيد الكربون يمكن أن يجعل الأشجار تثمر مالاً!
هنا
أشجار صناعية لامتصاص الكربون فقط!
هنا
فطريات جذور النباتات وراء كميات هائلة من الكربون المحجوز في التربة
هنا
التربة واحتجاز الكربون
هنا
يُتبع..
المصادر:
هنا
هنا