بين الحملِ والإكتئاب، هل تؤثر مضاداتُ الإكتئاب على طفلي؟
الكيمياء والصيدلة >>>> صيدلة
المقال:
لطالما كان هذا الموضوع مثيراً للجدل، فقد أشارت بعضُ الدراسات إلى أنّ تناولَ مضاداتِ الإكتئاب أثناءَ الحمل يُشكل خطراً على الجنين في الرحم، بينما أكدت دراساتٌ أخرى أن هذه الأخطاَر ضئيلةٌ جدا، وأنّ عدمَ معالجةَ حالات الإكتئاب أثناء الحمل يشكلُ خطراً أكبرَ على الأمِ والطفل.
يقول بعض الخبراء أن مضادات الإكتئاب هي من أدويةِ الرفاهية، وأنّ على المرأةِ الحامل أن تتجاوزَ فترة الحمل دون تناولِ هذه الأدوية، ووفقاً لـ "Jennifer Payne"- مديرة مركز معالجة اضطراب المزاج عند النساء في – مستشفىHopkins - فإن الكثير من الناس لا يعلمون أنّ عدمَ معالجةِ الإكتئاب أثناءَ الحمل يشكل خطراً كبيراً على الأم والطفل.
وتُصابُ ملايينُ النساءِ بالإكتئاب أثناء الحمل، ويعود ذلك جزئياً إلى التغييرات في النواقلِ الكيميائية في الدماغ والتي تضبطُ المزاجَ، فتناولُ مضادات الإكتئاب يُساعد في حفظ توازنِ هذه النواقل الكيميائية.
وتقول الدكتورة " Krista"- الطبيبة بمستشفى Brigham – أنّ امرأةً واحدةً من كل عشرةِ نساءِ يتناولن مضادات الإكتئاب أثناء فترة الحمل. وأصبحَ تناولُ مضادات الإكتئاب أثناء الحملِ شائعاً خلال العقدين الماضيين.
- أنواع المضادات الإكتئاب المستخدمة:
- مُثبطات امتصاصِ السيروتونين الانتقائية- Selective Serotonin Reuptake Inhibitors (SSRIs)، يصنف هذا المركبُ من أكثرِ الأدوية استخداماً من بين 20 دواءً مضاداً للإكتئاب يوصف للمرأة أثناء الحمل.
ولم يتمَّ إضافةُ أيّ مضادِ اكتئابٍ جديدٍ لهذه المجموعة، وفقاً لما ذكر بمجلة الأمراض النفسية والعصبيةJournal of Nervous and Mental Disease الصادرة في عام (1998م).
وبالرغمِ من الإستخدام المتزايدِ والكبير لمضادات الإكتئاب خلال الحمل مازالت المعلوماتُ حول مخاطرها على المرأةِ الحاملِ محدودةً، لأن النساءَ الحوامل يُستَبعدْنَ عادةً من الدراسات التجريبيةِ للأدوية.
وأشار الطبيب "Siobhan Dolan" لكون هذه القضية معضلةً اخلاقية - فنحن نعي سببَ استبعادَ النساء الحوامل من الدراسات الدوائية، لكننا لا نملك المعلومات الكافية لتقديمِ النصيحة لهن، فهل نحن حقاً نقدم أي مساعدة في هذا المجال؟
وقبل ان نلقي نظرةً على الأخطارِ المحتملة لتناولِ مضادات الإكتئاب أثناء الحمل، لا بد لنا من التأكدِ من صحة المعلومات التي نعرفها حول الأدوية المضادة للإكتئاب، فالمعلوماتُ الخاطئةُ والسلبية تنتشر بسهولةً وخاصةً عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
فالنساءُ اللواتي يتناولْنَ مضاداتِ الإكتئاب يختلفن عن النساء الأخريات اللواتي لا يتناولن هذه الأدوية، ولديهن عواملُ خطورةٍ أكبرُ قد تسبب مشاكل أخرى أثناء الحمل، فهل يكون المرض العقلي الذي تعاني منه المرأة الحامل أم مضاد الإكتئاب الذي تتناوله للعلاج هوالمُسبب للخطرِ على المرأة الحامل؟
ويمكن تلخيصُ مخاطرَ تناولِ مضادات الإكتئاب على الطفل كما يلي:
- ارتفاعُ ضغطِ الدم الرئوي عند الوليد (حديثي الولادة) هومن أكثر المخاطرِ المحتملةِ التي قد تصيب الطفل عند تناول الأم لمضاداتِ الإكتئاب أثناء الحمل، وهي حالة تُهدد حياة الجنين، فارتفاعُ ضغطُ الدم الرئويّ يسبب صعوبةً في التنفس.
وربط العلماء في عام (2006) إصابةَ الطفلِ بارتفاع ضغط الدم الرئوي بتناولِ مثبطاتِ امتصاص السيروتونين الانتقائية(SSRI) أثناء الحمل، مما دفع منظمة الغذاء والدواء (FDA) بنشرِ تحذيراتٍ بخصوص تناولها.
لكن بعد خمسِ سنوات، وخمس دراساتٍ أخرى لاحقةٍ غيرت المنظمة موقفَها وصرحت أنه من المبكرِ أن نصل إلى استنتاجاتٍ تربط تناولَ SSRI أثناء الحمل بإصابةِ المواليد بارتفاع ضغط الدم الرئوي.
ومنذ ذلك الوقت نُشرِت دراسات عديدةٌ أكدت للنساء الحوامل أن المخاطرَ الناتجة عن تناول مضادات الإكتئاب أثناءَ الحمل ضئيلةٌ.
- من ناحيةٍ أخرى على النساء الحوامل الإنتباه إلى أن تناول هذه الأدوية قد يزيدُ من خطرِ إصابةِ الطفل بأمراض قلبية، فقد حذرت منظمة الغذاء والدواء"FDA" في عام (2005) بأن تناولَ دواء الـ Paroxetine أثناء الحمل قد يسببُ خللاً بنيوياً وحدوثَ ثقوبٍ في القلبِ عند الولي.
لكن بدراسة أخرى نُشرت لم تؤكد هذا الخطر.
- ومن مخاطرِ مضادات الإكتئاب من نوع ال"SSRI" المستخدمةِ أثناءَ الحمل الاصابةَ بحالةٍ مؤقتةٍ تُدعى "متلازمة ضعف التأقلم عند الوليد - Poor Neonatal Adaption Syndrome"، ومن أعراضها :
• العصبية.
• انخفاضُ سكر الدم.
• ضعف العضلات.
• النوبات.
• البكاء.
وحسبَ بعضِ الدراسات لا يعتقدُ الخبراء انها ستؤدي إلى تأثيراتٍ طويلةِ الأمدِ عند الطفل.
لكن لماذا على يتوجبُ على بعضِ النساء تناولُ مضاداتِ الإكتئاب أثناء الحمل؟
تشيرُ دراساتٌ عديدةٌ إلى أن إصابةَ الأم بالإكتئاب أثناء الحمل له آثارٌ سيئة على الأم والطفل، فالأمراض العقلية تعتبر عامل خطورة أثناء الحمل.
كذلك تكون الأمهاتُ الحواملُ اللواتي يعانين من الإكتئاب أقلَّ قدرةً على الإعتناء بالطفل، فلا يتناولن طعاماً صحياً وهم الأكثرُ عُرضةً لتناول الكحول والتدخين.
وتزيدُ إصابة الأم بالإكتئاب أثناء الحمل خطرَ إصابتها بأمراضٍ قد تسببُ موتَ الطفلِ أوإصابَتهُ بأمراضٍ خطيرةٍ مثل :
• ارتفاعُ ضغط الدم وتخربُ الأعضاءِ أثناءَ الحمل( التسمم الحملي(.
• ارتفاعُ سكرِ الدم أثناءَ الحمل (السكري الحملي(.
• الولادة المبكرة.
• انخفاض وزن الطفل عند الولادة.
إذاً ما هي مضاداتُ الإكتئابِ الأكثرُ أماناً أثناء الحمل؟
لا يوجدُ جوابٌ واضحٌ تماماً لهذا السؤال، فتناولُ أيّ دواءٍ أثناءَ الحمل يُعتبر خطيراً، لكن يُفضّلُ استخدام مضادات الإكتئاب التي تعتبر قديمةً مثل Zoloft أوProzac لأنها مستخدمةٌ منذُ فترةٍ طويلة.
وهناك العديدُ من العوامل التي يجبُ أخذُها بعين الإعتبار، كالمخاطرِ والفوائدِ الناتجةِ عن تناولِ الدواء، وتوقيتِ تناولها خلال فترة الحمل، والعلاجِ الطبي الأمثلِ للمرأة الحامل.
نهايةً إذا كنتِ تتناولين أكثرَ من مضادٍ للإكتئاب، أوكنتِ تتناولين مضاداً للإكتئاب ثم أصبحت حاملاً فلا تتوقفي عن تناولِ الدواءِ قبل مناقشة طبيبك وأخذِ موافقته، لأنّ 90% من النساءِ الحوامل اللواتي توقفنَ عن تناول الدواء غالباً تعودُ لهنّ حالةُ الإكتئاب خلالَ الأشهرِ الثلاثةِ الأخيرة من الحمل، وإذا كان مضادُ الإكتئاب الذي تتناولينه مناسباً لكِ فينصح العلماء باستمرارِ تناوله، مع إجراءِ فحوصاتٍ دوريةٍ للتحقق من نموالطفل بشكلٍ سليمٍ ومن معدل ضربات قلبه.
وأفضلُ مضاد اكتئابٍ يمكن أن تتناولَه الأمُّ الحامل هوالذي يعطيها شعوراً بالتحسن
هنا