هل نجحت المعالجة الجينية في حالات الأمراض الوراثية؟| حالة التليف الكيسي الوراثي Cystic Fibrosis
البيولوجيا والتطوّر >>>> علم المورثات والوراثة
فعلى الرغم من صغر نسبة التحسن في اختبارات الوظائف الرئوية (فقط 3.7% عند من عولج بهذه الطريقة بالمقارنة مع مجموعة الشاهد Placebo) إلا أن هذا الإنجاز يعتبر تحقيقاً للمبدأ الذي انشغل فيه الباحثون لمدة عقود في محاولة وضع نسخ طبيعية من الجين المعيب الذي يسبب هذه المرض في الخلايا الرئوية.
يعد مرض التليف الكيسي من أشيع الأمراض الوراثية في العالم، يعاني منه 70 ألف مريض حول العالم.
حيث تحدث طفرة في جين واحد (يدعى جين CFTR: cystic fibrosis transmembrane conductance regulator) مما يسبب مشاكل مختلفة في أعضاء الجسم، حيث يفرز الجسم مخاطاً كثيفاً قليل الماء، يقوم بسد أعضاء وأقنية الجسم ومنها الطرق الهوائية في الرئتين مما يؤدي إلى إحداث ركودة تنمو فيها الجراثيم الضارة بحرية.
وعلى الرغم من العلاج الفيزيائي المضني في محاولة لتحريك المخاط العالق والعلاج الدوري بالمضادات الحيوية، تستمر الوظيفة الرئوية للمرضى المصابين بالتدهور بشكل ثابت، حيث يموت حوالي نصف المرضى في المملكة المتحدة في عمر ال 41 أو أصغر من ذلك.
يعد هذا الكشف خطوة أولى على طريق ايجاد علاج فعال، تقول الباحثة Deborah Gill من جامعة أوكسفورد التي قامت مع فريقها بتصميم المتتالية الجينية التي استخدمت في التجربة السريرية: "على الرغم من كون هذا العلاج غير جاهز للوصف للمرضى، كانت النتيجة أفضل مما توقعنا. فقد قمنا بإيصال مقدار صغير بحجم ملعقة الشاي من العلاج فقط، والاحتمالات مفتوحة أمامنا لزيادة الجرعة حتى نحصل على تأثير أكبر للعلاج".
يعد مرض التليف الكيسي من الأمراض السهلة المنيعة من منظور العلاج الوراثي، فمن جهة أولى يعد المرض شائعاً بما فيه الكفاية ليبرر البحث ويضمن التمويل، يتسبب به جين واحد فقط، وأخيراً يتميز بسهولة الوصول للخلايا المصابة (الخلايا الرئوية عن طريق استنشاق المواد بالارذاذ).
لكن تكمن المشكلة في تمتع بطانة الرئة بوسائل دفاعية فعالة تمنع مرور الجزيئات للخلايا، مما سبب صعوبة في "تهريب" كميات ذات فعالية من الDNA العلاجي.
في النهاية تمكن تجمع من العلماء والباحثين يبلغ نحو 80 عالماً من تحقيق ذلك باستخدام ال liposomes وهي جسيمات تشبه الفقاعات مكونة من الشحوم تتكون من خارجها من وسط محب للشحم يمكنه من عبور الغشاء الخلوي ومن لب محب للماء يحتوي الجزيئات المراد نقلها. كما يعمل الباحثون الآن على تطوير فيروس يمكنه أن يقوم بنفس الوظيفة بفعالية أكبر.
تكونت الدراسة من 116 مريض، 62 منهم تلقو ما يعادل 9 أشهر من الجرعات العلاجية الجديدة، بينما تلقت مجموعة الشاهد التي تكونت من 54 مريض محلول ملحي انشاقي. ولقياس التحسن السريري تم القيام باختبارات وظائف الرئة متمثلة في حجم الهواء المزفور القسري (الجهدي: أي مع جهد النفخ) في الثانية الأولى من الزفير (FEV1).
في نهاية السنة التي شكلتها مدة الدراسة، وجد تحسن قدره 3.7% وسطياً في اختبارات وظائف الرئة عن المرضى المعالجين بالعلاج الجيني مقارنة بمجموعة الشاهد.
وخلال هذه السنة أظهر المرضى الذين تلقوا العلاج التجريبي استقراراً في وظائف الرئة مقارنة مع المرضى من مجموعة الشاهد الذين أظهروا تدهور مستمر ثابت فيها.
يقول Oli Rayner المصاب بالتليف الكيسي والذي يعمل كناشط في مجال التوعية حول المرض: " على الرغم من كون النتيجة صغيرة، فأنا سعيد بأن العلاج الجيني أظهر إمكانية تقديم علاج فعال ذو نتائج واضحة إحصائياً".
تتراجع الوظيفة الرئوية لدى المريض المصاب بالتليف الكيسي بنسبة 1-3٪ كل سنة ويقول Rayner أن أي تغير مهما كان طفيفاً في تلك النسبة قد ينعكس كتأثير كبير على المدى الطويل كأن يحتاج المريض لعملية زرع رئة جديدة بعمر ال60 بدلاً من عمر ال 40، مما ينعكس على نوعية حياة المريض ومن حوله.
إن هذه الكشف الجديد المتمثل بإمكانية إيصال العلاج الجيني للرئتين قد يمهد الطريق لعلاج أمراض ورائية أخرى تصيب الرئتين أو استخدام الرئتين لتصنيع مواد بروتينية علاجية للمشاكل العلاجية الأخرى.
تقول الدكتورة Deborah Gill حول ذلك: "من التطبيقات الممكنة لهذا الإكتشاف أن تقوم الرئتين بتصنيع أضداد موجهة ضد الفيروسات الرئوية مثل الانفلونزا، أو تصنيع مواد مضادة للإلتهاب تفرز في الدم لعلاج أمراض مختلفة مثل الداء الرثياني المفصلي . لقد بدء التفكير الآن حول إمكانية الاستفادة من هذا الكشف".
المصدر: هنا
البحث الأصلي: هنا