اختراعٌ سيجعل تشخيص التهابات المجاري البولية أسرع وأسهل بكثير

تُعتبر أمراض الجهاز البولي وخاصةً التهابات المجاري البولية من الأمراض الشائعة التي تسبب قلقاً وإزعاجاً كبيراً للمرضى بسبب آلامها الشديدة ومضاعفاتها الخطرة. كان التأخُّر في تشخيصها يشكل عائقاً أمام علاجها، إلى أن توصل العلماء إلى جهازٍ يتيح إمكانية كشف المرض في المنزل..

هل عانيتَ يوماً من التهاباتِ مجرى البولِ وآلامِها المزعجة؟ في الحقيقة إنَّ الأمرَ لا يقتصرُ على الألم؛ فالتهاباتُ مجرى البول قد تؤدّي إلى مضاعفاتٍ وأمراضٍ خطيرة إن لم تتم معالجتها، كإنتان الدم "Sepsis"، وهو التهابٌ عام يحدث في الجسم نتيجةَ محاولةِ الجهازِ المناعي القضاءَ على العدوى البكتيرية، ويتسبّب في النهاية بجلطاتٍ دمويةٍ وتسرب الدم عبر الأوردة مما قد يؤدي للوفاة.

قد يُصابُ الانسان بإنتانِ الدم القاتل جرّاء استخدامِ قثطرة غير مُعقّمة أو ملوثة في المستشفيات، وكما تشير بعض الإحصائيات فإنه يتسبب في وفاة 50% تقريباً من مرضى المستشفيات في أمريكا؛ بسبب الإهمال أو التأخر في العلاج. لذلك عكف فريق من الباحثين في ألمانيا و إيرلندا على إيجاد وسيلةٍ تمكِّنهم من اكتشافِ التهابِ مجرى البول ونوع البكتيريا المسبِّبة له في زمنٍ قصيرٍ نسبياً، حيث قام الفريق بتصميم جهازٍ بشكلِ وحجمِ اسطوانة كمبيوتر "CD" صغيرة، ولكنها تحوي معملاً متكاملاً بداخلها، وقاموا بشرحِ طريقة عمِله في المنشورات العلمية التي تَصدر عن المعهد الأمريكي للفيزياء.
يعتمدُ الجهازُ في عمله على قوةِ الطردِ المركزية؛ الأمرُ أشبهُ بلعبةِ الكراسي الدوَّارة في الملاهي، حيثُ أنَّ الدوران السريع يولِّدُ قوةَ دفعٍ تدفع بالكراسي بعيداً عن مركز الدوّارة، وبالمثل فعند وضع عيِّنةٍ صغيرةٍ من بول المريض في الجهاز، فإنه يدور بسرعة مولداً طاقة دفع مركزية تدفع البكتيريا بعيداً عن البول، وتُسيّرها خلال قنوات تُدعى قنوات المائعيات الميكروية Microfluidic Channels حتى وصولها إلى فتحة صغيرة على شكل حرف "V" بالإنجليزية، وبالتالي تصبح جاهزة فوراً للمعاينة والتشخيص.

يتعامل الجهاز مع أحجام متناهية الصغر، فقطرةُ البولِ التي تخضع للتحليل تكون في حجم قطرةِ المطر أو أصغر قليلاً، ولهذا تم استخدام تقنية المائعيات الميكروية، كما أنَّ الجهازَ يَعتمدُ أيضًا على تقنيةٍ تُدعى "Raman microscopy"، وهي تقنية فريدة تعتمد على التفاعل بين الضوء والمادة لخلق تمايز، وبالتالي تُمكِّنهم من التعرف على أنواع البكتيريا المختلفة الحاضرة.

استطاعَ العلماءُ حتى الآن التعرفَ على بكتيريا "Escherichia Coli" وأيضًا بكتيريا المكورات المعوية البرازية "Enterococcus faecalis" -وهما من أشهر أنواع البكتيريا المسببة لالتهاباتِ مجرى البول - خلال 70 دقيقة فقط من بدء عمل الجهاز، ومن عينة البول مباشرة، مما يُعَّدُ نقلةً نوعيةً كبيرة، حيث أنّ المتعارف عليه حتى الآن هو أخذ العينة للمعمل والانتظار 24 ساعة أو أكثر أحياناً للحصول على النتائج.

سيوفر الجهاز سهولة الاستخدام عند طرحه بشكل تجاري بالأسواق ليصبح تحليلُ البول ممكناً ومتاحاً بسهولة كسهولةِ قياسِ السكر بالمنزل، و يمكن للمريض العادي أو لطبيب العائلة أنْ يجرِّيه في المنزل ثم يأخذُ العلاج المناسب وفقاً لتعليمات الطبيب.
يعكف العلماء حاليًا على إضافة خصائص جديدة لرفع كفاءةِ الجهاز في المستقبل، على سبيل المثال إضافة اختبارٍ يحدِّد استجابةَ البكتيريا لأيّ نوع من أنواع المضادات الحيوية، مما يُقدِّمُ تصوراً مبدئياً كاملاً لطريقةِ وخطةِ سير العلاج فيما بعد.

المصادر:
هنا
هنا

حقوق الصورة محفوظة لمبادرة "الباحثون السوريون"
(Ali Almir Melhem)