أول ساق صناعية توفر حاسة اللمس لصاحبها
الهندسة والآليات >>>> التكنولوجيا الطبية
مع أن تصميم الأطراف الصناعيّة في تقدم مستمر إلّا أن التّحكم بها طبيعيّاً أمرٌ صعب جداً. على سبيل المثال هناك بعض الأجهزة المتحرّكة التي يتم التحكم بها عن طريق ثني العضلات في الطرف المتبقي من العضو المبتور (الساق أو الكتف أو الصدر). ثم تقوم حساسات الـ Electromyography) EMG: عبارة عن حساسات تقوم بتسجيل النشاط الكهربائي لأنسجة العضلات) الموضوعة على سطح الجلد بكشف حركة العضلات وتحويلها إلى أوامر حركية للطرف الصناعي. إن هذا النوع من الأطراف الصناعية يتطلب تمريناً وتنسيقاً للدماغ ليقوم بالربط مجدداً بين حركة العضلات والنتيجة المطلوبة. فعلى سبيل المثال قد تصبح حركة في عضلة الكتف تؤدي إلى تحريك اليد الصناعية. لكن أغلب المرضى يفضل استعمال أجهزة أقل تعقيداً بحيث تقوم بالوظيفة الميكانيكية المطلوبة عن طريق كابلات تربط للتحكم بالطرف الصناعي.
هناك طريقة أخرى للتغلّب على الصعوبات المذكورة في الأطراف المتحركة، وتدعى "إعادة الربط الهادف". يتضمن هذا الأسلوب تغيير مسار الأعصاب التي كانت تتحكم بالطرف المبتور ووصلها بأجزاء أخرى من الجسم. فعند إعادة ربط الأعصاب الحركية لليد المبتورة إلى العضلات في العضو المتبقي (كتف أو صدر) وعند إعادة ربط الأعصاب الحسية لليد إلى الجلد في تلك المنطقة أيضاً، نكون قد قمنا بفتح القناة العصبية (التي كانت تتحكم بالطرف المبتور) مجدداً مع الدماغ. ولكن الغريب هنا هو أنه عندما يحاول المريض ثني أصبعه المفقود قد تتحرك عضلة أخرى من الجسم بعد ربطها بالأعصاب التي كانت تتحكم بالأصبع. ولكن مع استخدام حساسات الـ EMG التي تقوم بترجمة الإشارات وتحويلها إلى أوامر تحكمية لليد الميكانيكية كي تفتح وتغلق، فإن المريض لا يحتاج إلى إعادة تنسيق إشارات دماغه مع عضلاته، بل كل ما يقوم به هو محاولة تحريك الطرف المبتور ليتحرك الطرف الصناعي مستجيباً.
أدت هذه الطريقة إلى فتح الأبوابٍ لدمج حاسة اللّمس بالأطراف الصناعية، أي تطوير أطراف صناعية ذات حساسات فعّالة وليست فقط متلقية لإشارات حركية لتتحرك. حيث سيتم إعادة توصيل الأعصاب إلى مجموعة من الحساسات تحت الجلد بدلاً من إعادة توصيلها إلى عضلات مختلفة.
فقد قامت مجموعة من الباحثين في جامعة لينز في النمسا بتطوير قدم صناعية قادرة على محاكاة بعضاً من الحواس التي تتمتع بها القدم الطبيعية. الأمر الذي من شأنه أن يساعد المريض ليس على استعادة الإحساس فحسب، بل أيضاً على إيقاف ما يسمى بـ "ألم الطرف الشبح" والذي يعاني منه الكثير من الأشخاص الذين تعرضوا لبتر الأطراف أو الأعضاء.
Image: AFP/Getty Images
ولكن كيف تقوم الساق الصناعية بتوفير حاسة اللمس؟
لقد استطاع الفريق أن يرمم إحساس المريض بقدمه بواسطة إعادة توجيه نهايات الأعصاب جراحياً إلى سطح جلد الساق المبتورة كي تستقبل الإشارات من المنبهات في الساق الصناعية، بعد ذلك تم وصل الطرف المتبقي من العضو المبتور إلى محور يحوي منبهات موصولة مع ستة حساسات في أسفل الطرف الصناعي. حيث تقوم المنبهات باستقبال الإحساس من القدم الصناعية ونقله إلى نهايات الأعصاب الحسية. بهذه الطريقة أصبح دماغ المريض يشعر وكأنه يمشي بشكل طبيعي عند الضغط على الطرف أثناء المشي. بل وأكثر من ذلك إذ أصبح الدماغ يشعر بالساق وهي ترتفع وتنخفض أثناء المسير.
Image: AFP – SAMUEL KUBANI
صرّح المريض وولفغانغ رانغر ذو الـ 54 عاماً، الذي فقد ساقه اليمنى منذ ثماني سنوات نتيجة لجلطة دموية والذي قام باختبار الطرف الصناعي لمدة ستة أشهر، بأنه يشعر بأن قدمه قد عادت إليه. " أستطيع أن أشعر الأن إن كنت أسير على الرمل أو العشب أو الأرض الصلبة" يقول رانغر.
الأمر الذي لم يكن ممكناً في السابق لأي شخص مبتور الأطراف، يقول البروفيسور أيغر " يستقبل الدماغ الأن معلومات حقيقية بدلاً من البحث عن معلومات من الطرف المبتور". يضيف رانغر أن الألم قد زال تماماً وقد أصبح بإمكانه ممارسة حياته بشكل طبيعي من المشي إلى التسلق وركوب الدراجة الهوائية.
تبلغ تكلفة العضو الصناعي من 12000 إلى 30000 دولار. ويأمل البروفيسور أيغر بأن تبدأ الشركات الصغيرة بتصنيع الأعضاء الصناعية كي تقلل من تكلفتها وتساعد على انتشارها.
وهكذا نرى أحبائي المتابعين أنه قد أصبح لدينا أعضاء اصطناعية تقوم بمهام الأعضاء الطبيعية، فهل تتوقعون أن يقدمَ العلمُ إلينا في المستقبلِ أعضاء طبيعية من جسم الإنسان بدلاً من الأعضاء المفقودة؟
* ألم الطرف الشبح: هو ألم متدرج بالشدة في مكان البتر. سببه هو أنه على الرغم من أن العضو لم يعد موجوداً إلا أن نهايات الأعصاب في مكان البتر تستمر بإرسال إشارات الألم إلى الدماغ، مما يوحي للدماغ بأن العضو ما زال موجوداً. وتترافق مع الألم الحاد مشاكل أخرى لدى المريض أغلبها نفسية تؤثر بشكل سلبي على مدى تقبله لحالته التي غالباً ما تكون نتيجة حادث مروّع. لذلك يجد الكثير من الناس صعوبةً بارتداء الطرف الصناعي والتأقلم معه، الأمر الذي يؤدي إلى إطالةً أمد العلاج الفيزيائي والشفاء التام.
المصادر:
هنا
هنا