الفلامنكو... الخصائص الموسيقية للفلامنكو (الجزء الثاني)
الموسيقا >>>> سلسلة الرقص
الخصائص الموسيقية:
على الرغم من كثرة الاعتبارات العمومية المتعلقة بالخصائص الموسيقية للفلامنكو، إلا أنه لم يتم إيجاد دراسة موسيقية منطقية شاملة للذخيرة الفلامنكية، ومثل هذه المهمة تتطلب جمع المواد الموسيقية المنوّطة للترانيم الفلكلورية (المقتطفات الغنائية) ومقارنتها مع مخطوطات مكتوبة عن تسجيلات ميدانية فعلية، بالإضافة إلى البيانات المسجلة تجاريّاً. كما نضيف إلى نطاق البحث أن مثل هذه المقارنات يمكن أن يتم التدقيق في أسلافها من التنويطات المنبثقة عن المصادر الإسبانية التاريخية.
وكما في الموسيقى الأندلسية المشهورة، فإن السلالم المشتقة من الفلامنكو تظهر تقارباً في ثلاثة أنماط أساسية: أولها سلم فريغاني القرون الوسطى (أو السلم اليوناني الدوري)، ثانيها السلم الكبير (ماجور) أو الصغير (مينور)، وثالثها السلم ثنائي الصيغة (يتناوب فيه السلم الدوري مع السلم الكبير أو الصغير) كما في المثال الأول من الصورة.
Image: Syrian Researchers
تكون الألحان في الغالب عبارة عن سلالم موسيقية مع قفزات مفاجئة عرَضية في الدرجتين الثالثة والرابعة، ويعتبر الإيقاع الفريغاني سمة مشتركة. ووفقاً للغناء المنفرد في الذخيرة الفلامنكية فإن استعمال التزيينات يتنوع بين الخفيف والثقيل، والتصاعدي أو التنازلي على نمط الأبوجياتورا (نغمة تزيينية تؤدى قبل نغمة من اللحن وتكون خارجة عن الإيقاع)، وهذه التغييرات تستخدم لإبراز بعض العلامات. مثل هذه التغييرات تكون صغيرة و تعدّ سمة خاصة للغناء العميق (Cante hondo) الذي سبق وذكرناه في الجزء الأول، وهكنا فإن المقارنة مع الممارسات الهندوستانية والعربية الشكلية تبدو صالحة.
تتضمن الذخيرة الفلامنكية عدة مقاييس مزدوجة مؤلفة من مقاييس بسيطة ومعقدة، وثلاثية، ومزيج من النوعين، وتظهر المقاطع متعددة النظم عندما يؤدي المغني وفق مقياس مزدوج قد يكون مصحوباً بمقياس ثلاثي.
يتم تقديم الإيقاعات المتبادلة الإضافية عن طريق تقنية Taconeo (النقر بالكعب)، Palmas sordas (التصفيق باليدين) وPitos (النقر بالأصابع). وإن الأغاني ذات الطبيعة المؤثرة المتراخية (تسمى Parlando rubato) تغنى بدون مصاحبة الجيتار.
زامبرا، جويرغا و فلامنكو كوادرو ( (The Zambra، Juerga and Cuadro flamenco:
كانت إشبيلية مهد الزامبرا الغجرية (الأصل العربي لها Samira "سامرة" أو "سميرة") والتي من المحتمل أن أصلها يعود إلى الحفلات الليلية الساهرة التي كانت مشهورة في إسبانيا في عهد الإسلام، وكانت تتضمن هذه الحفلات الكثير من الموسيقى والغناء.
النوع الثاني Juerga (ومعناه الانغماس في الاحتفال والشرب) وهو يجمع بين عدم الرسمية والعفوية، حيث يتدفق الخمر بغزارة وحرية ويزداد اللهو إلى حالة من الفجور، والذي عرف في المجتمع الإسباني بالنمط غير الرسمي.
بدأ نمط الجويرغا دوراً جديداً خلال فترة المقاهي الغنائية (Cafes cantantes)، وذلك عندما أصبحت عبارة عن مؤسساتٍ تجارية تدور حول غناء الفلامنكو.
إنّ الإعدادات الحميمية عالية الحماس الخاصة بجلسات الفلامنكو المغلقة قد وصلت في مرّات إلى مستوى الجويرغا (بمعناها الماجن)، إضافة إلى أن الحميمية هي التي تخلق الفلامنكو الحقيقي.
شهدت فترة المقاهي الغنائية أيضاً ولادة (Cuadro flamenco) فلامنكو كوادرو والذي يتضمن مجموعة من المغنين، الراقصين وعازفي الجيتار الذين يجلسون في شبه دائرة على Tablao التي هي عبارة عن منصة مرتفعة قليلاً. تابعت هذه الفرقة طريقها لتصبح الأكثر شعبية بين ذوي الأصول الإسبانية، على الرغم أن الكثير من ذخيرتها التقليدية قد تغيرت، وأحد التغييرات الملحوظة هو استخدام الصنجات وهذه ليست ممارسة غجرية أصيلة.
إضافة إلى الأداء كمجموعة، فإن كل عضو من الفرقة يأخذ دوراً فرديّاً بينما يقوم باقي أعضاء المجموعة بمصاحبته، وحتى أثناء أداء المجموعة للرقص والغناء فإن كل عضو يقوم بالأداء بشكل منفرد، وهذه شهادة على أن الفلامنكو فن غير ثابت.
تبدأ الأداءات عادة بشكل من أشكال Jaleo (وهي صيحات التشجيع) رافعة من حماس الجمهور مع محاولة الحصول منهم على مشاركات لفظية. يقدم عازفو الجيتار بعدها مقدّمة (Tiento أو Prelude) للغناء والرقص من أجل خلق الجو والمزاج المناسب. وفي انتظار بدء الغناء التقليدي وخصوصاً من نوع Hondo أو الغناء العميق، يقوم المغني بضبط صوته ومخارج الحروف قبل البدء بالمقاطع الغنائية، ويبدو لعازف الجيتار الممتاز أنه يعرف بشكل حدسيّ ما سيقوم به المغني.
لا يزال الصوت الأجشّ، أو الذي يخرج من الأنف والمسمى (Rajo) مقدّراً بشكل كبير في بعض المجموعات، حيث أن جودة الصوت تعتبر واحدة من أهم الخصائص المميزة للفلامنكو.
يلعب الجيتار دوراً مزدوجاً كعزف منفرد ومصاحب، ولكنه يستخدم بشكلٍ أساسي كآلة إيقاعية ويقوم بتقديم ثلاثة أنماط من المصاحبة: Rasgueado (تقنية الرش: حيث تزلق الأصابع على الأوتار وهي مضمومة إلى جانب بعضها البعض)، Paseo (أداء مقطع لحني مليء بالحيوية) وFalsetas (الفواصل الارتجالية بين أجزاء القصيدة).
عادةً ما تنتهي أداءات فلامنكو كوادرو بختام الاحتفالية (Fin de fiesta)، والتي تضم مزيجاً من الأغاني والرقصات التي تخلق تسلية ممتعة وساحرة.
يضاف إلى تحالف فن الفلامنكو تلك الصفوف المتنوعة من الهواة الذين يتنوعون بين مشجعي الفن Aficionados وفاهميه Entendidos والهواة الشاملون Cabales الذين إما يتمرنون على الفن أو يقدرونه.
يسمى النص السائد لأغلب الأغاني بCopla وتعني المقطع الشعري الذي يتألف من 3 إلى 7 أسطر أو شطور ويتنوع من ناحية عدد المقاطع .
صنف العديد من المؤلفون الأغاني إلى أغاني عميقة Hondo و أغاني فلامنكو دون الأخذ بعين الاعتبار أن Cante hondo هو على نحو ما نوع من غناء الفلامنكو Cante flamenco. وصنف غناء الفلامنكو إلى نوعين رئيسيين هما: Cante grande والذي يضم أغانٍ من نمط الHondo، وCante chico الذي يضم البقية، كما قدم آخرون تصنيفاً ثلاثي الجوانب، قد يتفرع إلى تصنيفات عديدة أخرى فرعية.
جدول ببعض التصنيفات الفرعية:
Image: Syrian Researchers
Image: Syrian Researchers
المصدر:
The New Grove Dictionary of Music and Musicians