سلسلة التكنولويا في الرياضة: الجزء الأول: الكاميرا الطائرة
الهندسة والآليات >>>> التكنولوجيا
ولكن عند البحث عن أصلها فستجد أنها تحقق المثل القائل "قبل أن تمشي فإنك ستحبو" أي أن لا شئ يخلق فجأة. فهي نتيجة مراحل من التطور. فقبل ظهور السكاي كام، كان هناك الكاميرا الثابتة Steadicam وكلاهما كان نتاج ابداع شخص واحد وهو المخترع غاريث براون.
في بداية السبعينات أدرك براون أنه لابد أن يكون هناك طريقة أفضل لتصوير الفيديو من الكاميرا المتحركة. أي الاستغناء عن الطريقة التقليدية باستخدام السكك وبالتالي توفير الكثير من المجهود والوقت. ومنها أتى بفكرة الكاميرا الثابتة(steadicam) والتي هي عبارة عن سترة مزودة بمعدات متوازنة تقوم بالتخلص من اهتزاز اليد والاهتزازات الناتجة عن حركة الشخص الذي يلاحق المشهد. وفي منتصف هذا العقد انتشرت هذه الكاميرا بشكل كبير في أوساط هوليوود، واستخدمت في فيلم روكي الشهير. ومع نجاح الكاميرا الثابتة راودت براون فكرة بخصوص استخدام ما هو أبعد من ذلك، ألا وهو تصوير الرياضات من السماء. ومع استبعاد فكرة طائرة الهيليكوبتر للعديد من الأسباب، فإن الحل كان بالتخطيط وهندسة آلة تقوم بالتحرك في الفضاء تستطيع تزويد المشاهدين بمتعة المشاهدة من مسقط "عين الطائر" (bird's eye).**
النتيجة كانت هي كاميرا موصولة بكابلات أو حبال تستطيع تكبير أجزاء من الملعب والوصول لزوايا كان المستحيل سابقا الوصول لها.
في عام 1984، تم استخدام السكاي كام لأول مرة في مباراة في دوري كرة القدم الأميركية NFL. ومع إعجاب الجماهير باللقطات الخاصة بالسكاي كام ازداد الإقبال عليها من قبل المحطات التلفزيونية لتصبح تدريجيا جزءا من أي حدث كبير.
يتم استخدام نظام سكاي كام حاليا في أكثر من 100 ملعب مختلف. وليتم استخدامه فإنه بحاجة إلى عدة أشخاص و يومين من العمل كي يكون جاهزا للبث المباشر. في البداية، يجب أن يكون هنالك أربعة نقاط عالية تحيط بمكان الحدث، في حال كان ملعب كرة قدم، فإنه على الأغلب يتم استخدام أعمدة الإضاءة. في أسفل كل نقطة من هذه النقاط الأربع يوجد بكرات كبيرة مزودة بحبال مقواة من نوع خاص ذات قطر يبلغ 0.1 انش. كل بكرة مرتبطة بمحرك تحكم موصول بكمبيوتر ويكون ذو قدرة على سحب وإفلات آلاف الأقدام من الحبل.
وتلتف هذه الحبال على الأبراج وتنطلق من كل زاوية لتتلاقى في منتصف الملعب حيث تتصل مع السكاي كام.تسمى هذه المنظومة بالمجمل باسم الصاريSpar والذي يزن حوالي 50 باوند - 22.7 كيلوجرام. ويحوي على كاميرا عالية الدقة HD متصلة بعدسات واسعة الزاوية، حساسات خاصة بالتوازن، ميكرفون، ومحرك يقوم بحرف وتعديل جهة الكاميرا. حيث يمكن للكاميرا الاستدارة بمقدار 360 درجة والميل بمقدار 180 درجة. يكون الصاري مزودا بمثبت للتوازن يمنع من ظهور الصورة بشكل مهتز. وبالتالي السماح للمشاهدين بمتابعة صورة واضحة في منازلهم.
تنقل إشارة الفيديو عبر خط من الألياف الضوئية المرتكزة ضمن الحبال مما يسمح بالنقل السريع للبيانات. كما أن استخدام الألياف الضوئية بدلا من الاتصال اللاسلكي يأمن ضمان أكبر في نقل الإشارة دون تشويش.
كل هذه التجهيزات تكون متصلة بحاسوب مركزي يقوم بمراقبة والتحكم بعشرات المتحولات في نفس اللحظة. حيث يقوم باستقبال البيانات الواردة من الطيار (الشخص الذي يتحكم بمسار حركة الكاميرا) ومشغل الكاميرا (الشخص الذي يتحكم بزاوية الحركة والميلان لضمان متابعة حدث محدد).
قد يتبادر للبعض تساؤولات عن الأمان في منظومة تزن ما يقارب 25 كيلوجرام وتنطلق بسرعة 30 ميل في الساعة فوق رؤوس اللاعبين. بالطبع هناك العديد من إجراءات الحماية. فعلى سبيل المثال يقوم الكادر الخاص بالمنظومة بإجراء تجارب قبل بداية كل مباراة وتحديد الارتفاع والأماكن التي يجب عدم تواجد الكاميرا فيها - مثلا أمام شاشة النتائج في صالة كرة السلة.
ومع ذلك فإن العديد من الحوادث قد حدثت سابقا، ففي عام 2013 أثناء نقل سباق للدراجات فإن أحد الحبال انقطع وسقط جزء منه على المدرجات وجزء آخر على المضمار مسببا العديد من الإصابات وتوقف السباق. إلا أن ندرة هذه الحوادث فإنها تعتبر تكنولوجيا آمنة بنسبة كبيرة.
و يمكننا القول أنه كنتيجة للميزات الكبيرة و المشاهد المميزة التي تقدمها هذه الكاميرا فقد أصبحت جزء أساسيا من متعة المباريات الهامة و جزءاً أساسياً لا يمكن الاستغناء عنه من قبل المخرجين لتتيح لهم تقديم المزيد من اللقطات الابداعية.
* سبايدر كام Spidercam هي عبارة عن كاميرا مشابهة ل skycam وهي ماركة تجارية مختلفة، تم استخدام مصطلح أو كلمة skycam نظرا لكونها النموذج الأول.
** مسقط "عين الطائر bird's eye" هو عبارة عن المسقط الرأسي الذي يظهر المشهد و كأن طائرا ينظر من السماء باتجاه الأرض.
المصدر:
هنا