فولسفاغن والوجه الخفي لمحركات الديزل: دراسة أثر محركات الديزل على التلوث الثانوي
الهندسة والآليات >>>> المحركات
بالتأكيدِ سمعتُم عن فضيحةِ شركةِ Volkswagen بخصوصِ مستوياتِ التلوّثِ المنطلِقة من سيّاراتها، حيث قامت الشركةُ بتنصيبِ برمجيّاتٍ لخداعِ اختباراتِ قياس التلوّث وجعلَت السيّارات تبدو بمظهرِ السيّارةِ الاقتصاديّةِ الصديقةِ للبيئة، لذلك قام فريقٌ من الباحثين في جامعة Manchester باختبار محرِّك ديزل لأحد سيّارات Volkswagen في محاولةٍ للحصول على صورةٍ دقيقةٍ عن مدى تلويثه للبيئة.
منذ مدَّةٍ طويلةٍ قبل فضيحةِ "فولكس فاغن" للعلن، كان الباحثون في جامعة Manchester يحاولون توضيحَ الصورةِ الحقيقيّةِ لمدى تلويثِ وقذارةِ محرِّكاتِ الديزل.
قام الفريقُ بصناعة حُجرَةٍ جويّةٍ خاصّةٍ في المخبر، ووُصِلَت إلى المحرِّكِ لتقومَ وبدقّةٍ بمراقبةِ الانبعاثاتِ الحقيقيّةِ من المحرِّك، وبشكلٍ حاسمٍ دراسةَ كيفيّةِ تفاعلِ هذه الملوِّثات مع ضوء الشمس وإنتاج هواءٍ مُلوَّثٍ غير صحيّ يعرَف بتلوُّث الهواء الثانويّ*
أظهرت النتائجُ الأوّليّةُ لدراسةِ الفريقِ ما يلي:
• مستوياتٌ مرتفعةٌ من أكاسيد النيتروجين وجزيئاتٍ أخرى منبعثة بمستوياتٍ عاليةٍ في ظلّ ظروفٍ غير مُمثَّلة في بروتوكولات الاختبارات المُتّبَعة حالياً.
• تتفاعلُ هذه الانبعاثاتُ بقوّةٍ مع أشعّة الشمسِ وتُنتِج ملوّثاتٍ ثانويّةً كمشكلةِ ثقب الأوزون، والّتي تعدّ مشكلةً خطيرةً جداً.
ذكرَ الفريقُ أيضاً أنّهم لاحظوا زيادةً كبيرةً في تلويثِ المُحرِّك عند التشغيل وعند التسارع الكبير، وهذان عنصران مهمّان غيرُ موجودَين في فحوصاتِ الانبعاثاتِ. كلُّ هذا يدعم بالدليل أنّه لابُدَّ من نظامٍ جديدٍ للفحص والاختبار يعكسُ ظروفَ القيادةِ الحقيقيّةِ.
يُديرُ هذه الدراسةَ المُموَّلة من قِبَل المجلس الوطنيّ لبحوثِ البيئة "NERC" بالتعاون مع جامعتَي Birmingham وYork الباحثُ وعضوُ المركزِ الوطنيّ لعلومِ الغلافِ الجوّيّ الدكتور رامي الفرّا.
يقول الدكتور رامي: "أصبح من المعلوم منذ مدّةٍ أنّ مُحرِّكات الديزل تبعثُ أبخرةً أخطر من تلك المُلتقَطة بالاختبارات".
ويُضيف: "لم يتمّ النظرُ بشكلٍ كافٍ لِما يحدثُ لهذه الملوّثات بمجرَّدِ أن تصلَ إلى الغلافِ الجوّي، وهذا هو جوهرُ عملِنا، نحن نريدُ أن نعرفَ كيفيّة تفاعلِ هذه الملوّثات في الجوّ وما مقدارُ التلوّثِ الإضافيّ الذي تسبّبُه، ووجدنا أنّ مشكلةَ الأوزون تنتجُ عن التفاعلاتِ اللاحقةِ للانبعاثات في الغلاف الجوي، وهذه الملوِّثات موجودةٌ على مستوى الشارع أي تؤثّرُ على الجميع فكلُّنا نتنفّسُها يوميّاً"
تُعدُّ هذه الدراسةُ الوحيدةَ حاليّاً في المملكةِ المتحدةِ وأُجريَت لزيادةِ معرفتِنا وفهمِنا لمحرِّكاتِ الديزل أملاً في أن نحسِّنَ منها في المستقبل ونجعلَها أنظف وأكثر مُراعاةً للبيئة.
من المعروفِ أنّ أنظمةَ العوادمِ في السيّاراتِ الحديثةِ كلِّها مُجهَّزةٌ بالمحوِّلات التحفيزيّةِ "Catalytic Converters" وهي أجهزةٌ تقوم بأخذ الملوّثات الغازيّةِ والتقليلِ من ضررِها، ولكن وفي بداية تشغيل السيّارة تكونُ هذه المحوِّلات باردةً ولا تعمل بفعاليّةٍ، وهذا يفسِّرُ سببَ الانبعاثات الكبيرةِ عند بدءِ تشغيلِ المحرِّك.
يقول الدكتور جيمس ألن " James Allan" الذي يعمل أيضاً على هذه الدراسة: "تسمح لنا هذه التجربةُ بالنظر إلى تركيب وخواص جزيئاتِ وغازاتِ العادمِ على مستوىً من التفصيلِ لم يَكُن ممكناً في السابق، وإنّه لَمِن الصاعقِ رؤيةُ الفرقِ عند أخذ المحرِّكِ خارجَ منطقةِ الراحةِ، وإذا ما أردنا حقّاً دراسةَ التأثيرِ الحقيقيِّ لهذهِ المحرِّكات على نوعيّةِ الهواءِ فعلينا إجراءُ الكثيرِ من هذهِ التجاربِ بدلاً من الاتّكال على الاختباراتِ الاعتياديّة والتي تعطي صورةً غيرَ كاملةٍ ومُضلِّلَةٍ".
"تمكِّنُنا هذه التجاربُ المستقلّةُ من التحقّقِ من مجموعةٍ من الشروط والحالات، عندها يمكِنُنا القول بأنّنا نفهم عواقبَ التلوُّثِ المروريّ، ومن المهمّ النظر في الظروف الواقعيّة لحالاتِ عملِ المحرِّك إضافةً إلى التغيُّراتِ في الغلافِ الجوّيِّ المحيط، ولكن لدينا الخبرات لتذليلِ هذه العقباتِ المُهمّةِ والمُهمَلة إلى حدٍّ كبيرٍ".
حاشية:
تلوُّث الهواء الثانويّ: هو التلوُّث الناجمُ عن تفاعلاتِ الملوِّثات الأوّلية (كانبعاثات المصانع والسيّارات) الموجودة في الهواء ليَنتُجَ عنها ما يُعرف بالملوِّثات الثانويّة المسؤولةِ عن التلوّث الثانوي للهواء.
المصدر:
هنا