جزيرة إليس... عندما تتحول هجرة الأوطان لأملٍ جديدٍ... (الجزء الثالث)
التاريخ وعلم الآثار >>>> التاريخ
لمعرفة نظرة عامة عن الجزيرة يمكنك قراءة الجزء الأول من السلسلة من هنا:
هنا
ولمعرفة الجزء الأوفر عن تاريخ الجزيرة يمكنك قراءة الجزء الثاني من السلسلة من هنا:
هنا
ومن هنا يمكننا متابعة الحديث حول هذه الجزيرة:
عام 1998:
في العام 1998 كانت المنطقة الجنوبية لجزيرة إليس، أو تلك المنطقة التي تمت إضافتها إلی الجزيرة عن طريق المكبات بعد العام 1834 تحت سيطرة السلطة القضائية الأمريكية العليا، والتي كانت تحكم ولاية نيوجيرسي أيضاً، في حين احتفظت مدينة نيويورك بسلطتها علی مساحة الجزيرة الأصلية والتي بلغت قبل التوسعة 3.5 فداناً، وتضم هذه المنطقة كتلة المنشآت العمرانية للمبنی الرئيسي لاستقبال الواصلين إلی الجزيرة.
إن دخول السياسات التي فرضها قانون الهجرة عام 1965 حيز التنفيذ، لعبت دوراً كبيراً في التأثير علی الكثافة السكانية في الولايات المتحدة مع نهاية القرن العشرين، حيث أن أكثر من نصف المهاجرين إلی أميركا في خمسينيات القرن الماضي كانوا أوروبيين، وفقط ما نسبتهم 6 بالمئة كانوا آسيويين، ثم انقلب الحال لتبلغ نسبة الأوروبيين في تسعينيات القرن الماضي فقط 16 بالمئة والآسيويين 31 بالمئة، كما ارتفعت نسبة المهاجرين الأفريقيين واللاتينيين بشكل ملحوظ.
وفي الأعوام ما بين 1965 و 2000 بلغت أعلی مستويات الهجرة ذروتها(4.3 مليون) للمهاجرين القادمين من المكسيك، و 1.4 مليون لأولئك القادمين من الفلبين. كما تعتبر كل من دول كوريا وجمهورية الدومينيك والهند وكوبا والفييتنام في مقدمة الدول المصدرة للمهاجرين أيضاً، فقد صدرت كل من الدول المذكورة علی حدة ما بين 700 ألف و 800 ألف مهاجراً خلال تلك الفترة.
عام 2001:
تم افتتاح مركز تاريخ هجرة الأسرة الأمريكية علی جزيرة إليس في العام 2001 ، ويسمح المركز للزوار بالبحث في ملايين سجلات وصول المهاجرين عن معلومات لأشخاص محددين كانوا قد عبروا جزيرة إليس في طريقهم إلی الولايات المتحدة. وتضم السجلات البيانات الأصلية التي تم إعطاؤها للمسافرين علی متن السفينة تظهر فيها الأسماء ومعلومات أخری، إضافة إلی معلومات عن تاريخ وخلفية السفن التي وصلت إلی ميناء نيويورك والتي كانت تقل المهاجرين المتفائلين بالعالم الجديد.
استمرت الجدالات التي تدور حول كيفية مواجهة أميركا لآثار ارتفاع معدلات الهجرة خلال تسعينيات القرن الماضي، إلی أن أدت صحوة هجمات 11/9 الإرهابية إلی صدور قانون الأمن الوطني عام 2002 والذي نص علی إنشاء وزارة الأمن الوطني، الذي سيطر بدوره علی معظم الخدمات المتعلقة بالهجرة، والتي كانت سابقاً تحت إدارة خدمات الهجرة والجنسية.
عام 2008:
تم الإعلان عن خطة لتوسعة متحف الهجرة علی جزيرة إليس والذي حمل شعار "الشعبية الأمريكية"، وقُدر الوقت المحدد لإنهائه في عام 2011 . كما سيتم لاحقاً إجراء توسعة لاستكشاف متحف الهجرة علی جزيرة إليس خلال فترات الهجرة الجماعية التي امتدت بين (1892 - 1954)، وستضم هذه التوسعة كامل التجربة الأميركية للهجرة حتی يومنا هذا.
بلغت نسبة الأشخاص ذات البشرة البيضاء في العام 1965 خمسة وثمانون في المئة من مجمل القومية الأمريكية، واليوم فإن الثلث هم الأقلية، وعلی طريق أن يكون الأشخاص ذات البشرة السوداء هم الأكثرية بنسبة مضاعفة.
أول الواصلين :
في الأول من يناير/ كانون الثاني وفي عيد ميلادها الخامس عشر، كانت آني مور من مدينة كورك في إيرلندا أول الواصلين الذين تم تسجيلهم في محطة الهجرة علی جزيرة إليس. وقد تلقت في يوم الافتتاح ذاك، الترحيبات من المسؤولين إضافة إلی قطعة ذهبية بقيمة 10$ في ذلك الوقت. بدأت رحلة آني مع أخويها الصغيرين إلی نيويورك علی متن السفينة إس إس نيفادا، في المكان المخصص لمسافري الدرجة الثالثة، حيث غادرت السفينة ميناء كوينس تاون (كوب حالياً) في إيرلندا في 20 من شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام 1891 ووصلت إلی نيويورك مساء يوم 31 من شهر ديسمبر/ كانون الأول . وبعد انتهاء كافة إجراءات الهجرة، تم لم شمل الأطفال مع ذويهم الذين كانوا مقيمين في نيويورك.
احذر رجال الـ "بتن هوك"
قام الأطباء علی جزيرة إليس بإجراء فحوصات طبية لكل من كان يعبر الجزيرة، وقد شملت الفحوصات أكثر من 60 نوعاً من الأمراض والإعاقات التي لا تؤهل المهاجرين من دخول الولايات المتحدة، وقد تم وضع علامة بالطبشور علی أولئك الذين اشتبه بإصابتهم ومن ثم حجزهم لاجراء فحوصات طبية أخری. لقد تم إخضاع جميع المهاجرين للفحص الطبي الخاص بمرض "تراخوما"، وهو مرض عيني معد يصيب الجفن الداخلي من العين بالتهاب وحرقة شديدين، ويعتبر أكثر الأمراض التي تودي بصاحبها إلی الاعتقال أو الترحيل المباشر. ومن أجل القيام بهذا الفحص الطبي، تم استخدام رجال ال "بتن هوك" المرعبين، حيث يقومون بفحص المهاجرين من خلال قلب جفونهم ليصبح الجفن الداخلي ظاهراً إلی الخارج، ويعتبر الإجراء الطبي هذا من أكثر اللحظات التي خلدت في ذاكرة المهاجرين لشدة الألم والذعر الذين أصيبوا به أثناء قيامهم بهذا الفحص.
الطعام علی جزيرة إليس :
كان الطعام وفيراً علی جزيرة إليس، بصرف النظر عن الآراء المختلفة التي تنتقد جودته. تتكون وجبة الطعام التي تم تقديمها في قاعة الطعام من قطعة من اللحم المطهو، بعض البطاطا، خبز وهيرينغ (وهو نوع رخيص جداً من الأسماك) وقد تحتوي الوجبة علی الفاصولياء المخبوزة أو الخوخ المجفف.
لقد تم تعريف المهاجرين علی أنواع جديدة من الطعام كالموز والساندويتش والآيس كريم، بالإضافة إلی بعض أنواع المقبلات التي لم تكن مألوفة بالنسبة إليهم. ومن أجل تلبية المتطلبات الغذائية الخاصة بالمهاجرين اليهود، تم بناء مطبخ كوشير عام 1911 . إضافة إلی تقديم الجزيرة للوجبات المجانية، تواجدت بعض القطاعات الخاصة المستقلة التي كانت تبيع الطعام المعلب للمهاجرين الذين كانوا عادة ما يشترون هذا الطعام أثناء فترات الانتظار أو قد يأخذونه معهم عند مغادرتهم للجزيرة.
مشاهير عبروا جزيرة إليس :
العديد من الشخصيات المشهورة عبرت جزيرة إليس، وقد قام الكثير منهم بتغيير أسمائهم لدی دخولهم إلی الولايات المتحدة. كاسرائيل بيلين المشهور علی أنه المؤلف الموسيقي إرفينغ بيرلين، وصل إلی الجزيرة عام 1893. ووصل آنجلو سيسيليانو إلى الجزيرة عام 1903 وحقق لاحقاً شهرة واسعة في مجال رياضة بناء الأجسام واشتهر باسم تشارلز أتلاس. وليلي شوكوين وصلت من فرنسا إلی نيويورك عام 1911 وحققت النجومية في هوليوود واشتهرت باسم كلوديت كولبيرت. إضافة إلی بعض المشاهير الذين عبروا الجزيرة وكانوا مشهورين أصلاً مثل كارل يانغ وسيغموند فرويد ، حيث وصل كلاهما إلی الجزيرة عام 1909، في حين أن شخصيات أخری كتشارلي تشابلن (1912) صنعوا شهرتهم في العالم الجديد.
عمدة المستقبل :
فيوريللو لاغارديا الذي أصبح لاحقاً عمدة مدينة نيويورك، عمل كمترجم لدی خدمات الهجرة علی جزيرة إليس من العام 1907 وحتی العام 1910، وذلك أثناء إكمال دراسته في كلية الحقوق في جامعة نيويورك. ولد لاغارديا في نيويورك من العام 1882 لأجداد مهاجرين يهود وإيطاليين. أقام فترة من حياته في هنغاريا عمل خلالها لدی القنصلية الأميركية في بودابست وعدة مدن أخری. ومن خلال خبرته التي اكتسبها أثناء عمله علی جزيرة إليس، رأی لاغارديا أن ما أطلق عليه ترحيل المهاجرين بسبب وجود مرض عقلي، لم يكن أمراً عادلاً، ذلك أن أولئك الذين تم تشخيصهم بوجود علة عقلية كانوا يعانون فقط من عدم القدرة علی التواصل، أو تم تشخيصهم بذلك بسبب جهل بعض الأطباء الذين قاموا بإجراء تلك الفحوصات.
"أنا قادم إلی نيوجيرسي":
بعد معركة قضائية طويلة، حصلت ولاية نيوجيرسي والتي كانت تحت السلطة القضائية الأميركية العليا في العام 1998، علی حكم يقضي بأن تكون معظم مساحة جزيرة إليس والتي تبلغ 27.5 فداناً خاضعة لسيطرتها. ووفقاً لمكتب الإحصاء الأميركي، فإن الجزء الجنوبي للجزيرة، أو ذاك الجزء الذي تمت إضافته إلی الجزيرة عام 1834 عن طريق المكبات، يعتبر جزءاً من ولاية نيوجيرسي. وبذلك تكون ولاية نيويورك قد احتفظت بملكيتها لمساحة الجزيرة الأصلية والتي تبلغ 3 فدانات بما فيها مبنی قاعة الواصلين الرئيسية ومتحف الهجرة.
وقد علق أحد أكثر أنصار مدينة نيويورك شهرة آنذاك، رودولف جولياني، علی قرار المحكمة قائلاً عبارته الشهيرة: "لن يحاولوا إقناعي بأن جدي بينما كان جالساً علی كرسيه في إيطاليا، يفكر في المجيء إلی الولايات المتحدة، وفي أثناء رحلته تلك وبينما كان يستعد لركوب السفينة في جنوا، كان يحدث نفسه 'إنني قادم إلی نيوجيرسي'، فقد كان يعلم إلی أين هو قادم، لقد كان قادماً إلی شوارع نيويورك".
ومع نهاية سلسلة جزيرة إليس، يمكنك الآن القيام بجولة ضمن الجزيرة عن طريق الرابط التالي : هنا