علماء يؤكدون اكتشاف قريب لجسيمات "فرميونات فايل" في بلورات ثنائي تيلوريد التنغستين
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
تم اكتشاف هذا النمط من الفيرميونات في بلورات ثنائي تيلوريد التنغستين، لكن بلورات ثنائي تيلوريد التنغستين (Tungsten ditelluride) الّتي تم اكتشاف الفرميونات من خلالها أيضاً أظهرت سلوكاً غريباً عند تعرضها لحقلٍ مغناطيسي، فقد أصبحت عازلة تماماً عندما تم إمرار تيار بجهة معيّنة فيها، وموصلة عندما تم إمرار التيار في إتجاه آخر، أثار هذا الاكتشاف الجديد فضول العلماء، واقترح طيفاً واسعاً من التطبيقات التي يمكن استخدام هذه الخاصيّة فيها، من الأجهزة التي تعمل في طاقات منخفضة إلى صناعة ترانزستورات أكثر فاعلية عن طريقها، الأمر الّذي قاد بمجموعة من الباحثين إلى تشكيل فريق دوليّ تقوده جامعة برينستون للقيام بمهمّة تقصّي الأسباب الّتي أدت إلى مثل هذا السلوك في بلورات ثنائي تيلوريد التنغستين عند تعرضها للحقل المغناطيسيّ. وقد توصّل الفريق إلى أنّ هذا السلوك نتيجة وجود جسيم جديد غير متوقّع ، ألا و هو النمط الثاني من فرميونات فايل. و يتنبأ العلماء بأنّ فرميونات النمط الثاني موجودة في بلورات ثنائي تيلوريد التنغستين و التي يدعوها العلماء "المادّة الكونية" لاحتوائها على عدة جسيمات دون ذرية، بعضها يتواجد في الظروف الطبيعية و بعضها الآخر لا يتواجد إلا في هذا النوع من البلّورات.
و إن فيرميونات فايل من النمط الثاني هي إحدى الجسيمات المتوقعة في نظرية الحقل الكمومي، لكنه يبدي سلوكاً مختلفاً عن فيرميونات فايل من النمط الأول من حيث تجاوبه مع الحقول الكهرمغناطيسية، إذ تكون موصلة مثالية في اتجاهات معينة للحقل و عازلة في اتجاهات أخرى.
و تماماً كما تكون الإلكترونات جسيمات أولية. فإنه في حالة المواد الصلبة العالية الكثافة، فإنّ أشباه جسيمات صغيرة تسمّى إلكترونات بلوك (Bloch electrons) هي الجسيمات الأولية،و إن هذه البلّورات تعتبر "كوناً" بحد ذاتها إذ تحوي على جسيماتها الأساسية الخاصة بها.
لكن إذا كان من المتوقع وجود فيرميون فايل منذ 85 عاما، فلماذا لم يتنبأ العلماء بوجود النمط الثاني من هذه الفرميونات؟
لقد اتضح أن الفيزيائي " هيرمان فايل" أثناء تطوير نظريّة الكم، لم يتوقع وجود مثل هذه الجسيمات لسبب بسيط هو أنها تخالف قاعدةً أساسية تسمّى تناظر لورينز (Lorentz symmetry)، و لكن اتضّح أن هذه القاعدة لا تُطبّق في البلّورات التي تم اكتشاف هذه الجسيمات فيها.
يتم وصف سلوك الجسيمات في كوننا من خلال نظريّة الحقل الكمومي النسبيّة، الّتي هي عبارة عن دمج لميكانيك الكم والنظرية النسبية لأينشتاين. لكن الباحثين يعتقدون أنّ ذلك قد لا يشكّل مشكلة حقيقيّة أو خللاً داخل المادّة عالية الكثافة بحدّ ذاتها. يقول (أندريه بيرنفيغ) مدير البحث: "يخيّل إليك أنّ جسيمات جديدة غير مألوفة بالنسبة للحقل الكمومي النسبيّ، قد تظهر في المادّة عالية الكثافة، و هذا ما وجدناه بالضبط عندما اكتشفنا وجود النمط الثاني من فرميونات فايل. و في حين أن الكمومية النسبية تسمح بوجود نمط واحد من فرميونات فايل في المادّة عالية الكثافة، لكن وجود النمطين في آن معا هو أمر ممكن للغاية".
يبذل الباحثون اليوم مجهودا لتصنيع كمياتٍ أكبر من بلورات مادّة ثنائي تيلوريد التنغستين في المخابر لرصد النمط الثاني من فيرميونات فايل. و هم أيضاً يدرسون امكانية وجود هذا النمط في بلورات مواد أخرى عالية الكثافة.
إن تم رصد النمط الثاني من فرميونات فايل عمليّاً في المختبر بشكل رسمي، فإنّها بشرى سارّة لقطّاع الاجهزة الالكترونيّة، لأنّ لدى هذه الفرميونات قدرة عجيبة على نقل التيار الكهربائي بسرعة لا تصدّق، الأمر الّذي يقود إلى وجود أجهزة الكترونية أسرع وأكثر فعالية بشكل خيالي. ينطبق الأمر على فرميونات فايل من النمط الأول، لكن ما يميّز جسيمات النمط الثاني هو قدرتها على التبدل بسرعة إلى جسيمات عازلة ان توفرت الظروف المناسبة. لكن بغض النظر عن فوائد التطبيقات العملية التي تعتمد على فرميونات فايل وروعتها، فإنّ أكثر ما يحمّس العلماء هو إمكانية وجود جسيمات جديدة أخرى في هذه المواد التي تدعى (المواد الكونية). و يبدو انّ اكتشاف الفرميونات و أنماطها هو البداية فقط.
المصدر: هنا