إكتشاف نوع جديد من الصخور على سطح القمر.
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
إن الجوالَ الصينيَّ يوتو ( والذي يعني اسمه الأرنب الشمّام ) هو أوّلُ مركبةٍ فضائيةٍ تهبطُ على القمرِ منذ أن انتهت مهماتُ أبولو الأمريكية و لونا السوفيتية منذ حوالي الأربعين عاماً ( أُرسلت بعضُ المركباتِ لترتطم بسطح القمر عمداً ولكن لا يمكنُ لنا أن نعتبرَ هبوطَهم مماثلاً للتجوالِ على سطحه )، وبمرورِ الذكرى السنويةِ الثانيةِ لهبوطهِ على القمر فإنّ يوتو يعتبرُ الجوالُ صاحبَ أطولِ فترةِ خدمةٍ على سطحِ القمر .
أعطت المركباتُ التي دارت حول القمرِ العلماءَ فكرةً عن الأنواعِ المختلفةِ للصخورِ البركانيةِ التي يتكونُ منها سطحُ القمر، ولكن هذهِ المرةُ الأولى التي تُفحصُ فيها عيناتٌ من هذه الصخورِ بشكلٍ مباشرٍ منذ العام 1970. وقد قدّر علماءُ من الصين والولايات المتحدة أن هذه الحجارةَ تأتي من منطقةٍ حديثةٍ نسبياً تشكلت قبل حوالي 2.96 مليار عام.
وبمعرفتنا أن القمر تكوّن منذ حوالي 4.5 مليار عام، وتشكلّت براكينُ نشطةٍ بعد ذلك بحوالي 500 مليون عام فإن هذا الاكتشافَ يساعدُنا على فهمِ سلوك آخرِ براكينِ القمرِ والتي اختفت منذُ زمنٍ بعيد.
يقولُ برادلي جوليف، أحدُ أعضاء الفريق : "يخبرنا هذا التنوعُ في الصخورِ بأنّ القشرةَ الخارجيةَ للقمرِ أقلُّ تجانساً بكثيرٍ من قشرةِ الأرض، وبربطِ الكيمياءِ بالعمرِ فإنّنا نستطيعُ أن نرى كيفَ تغيّرَ النشاطُ البركانيُّ على سطحِ القمرِ بمرور الوقت"
لم تمتلك المركباتُ في مهماتِ لونا وأبولو عند جمعها للصخورِ القمريةِ التقنياتِ ذاتها التي بحوزتِنا اليوم، فقد تمكّنَ جوليف و زملاؤه من عدّة جامعاتٍ صينيّةٍ من تحديد كميّةِ التيتانيومِ والحديدِ الموجودةِ في عيناتهم بدقّةٍ، وذلك بفضلِ مطيافِ الأشعّةِ السينيّةِ المعتمدِ على جسيماتِ ألفا وجهازِ التصويرِ بالأشعةِ تحت الحمراءِ فائقِ الطيفيّةِ الذي يحمِلهُ يوتو.
يضيف جوليف قائلاً : " إنّ التيتانيوم مهمٌّ بشكلٍ خاصٍ لأنهُ مؤشرٌ جيدٌ على الكيفيةِ والزمانِ والمكانِ الذي تشكلت فيهِ الماغما* أولَ مرةٍ على القمرِ، وإن توزُّعَ التيتانيوم على سطحِ القمرِ قد يعني أنّ ما داخلَ القمرِ لم يكن متجانساً، ونحنُ نحاولُ حتى الآن اكتشافَ طريقةِ حدوثِ ذلك، فمن المحتملِ حدوثٌ اصطدامٍ كبيرٍ في مرحلةِ محيطِ الماغما (المرحلةِ التي كان فيها سطحُ القمرِ مغطّىً بالماغما) والذي سبّبَ هذا التوزُّعَ للموادِّ في القشرةِ القمرية"
يُقدّمُ لنا تحليلُ هذا النوعِ الجديدِ من الصّخورِ القمريّةِ خدمةً إضافيةً تتمثل في إعطاؤنا مرجعيةً دقيقةً للأرصادِ التي تقومُ بها المركباتِ الأخرى في مدارِ القمرِ، فعندما نرصُدُ إشاراتٍ مماثلةٍ لتلكَ التي رصدناها في موقعِ الصّخورِ الجديدةِ فإننا نُقَدِّرُ أنّ هذهِ المناطقَ تحتوي التركيبةَ الصخريةَ ذاتها على الأغلب.
* الماغما : هي المزيجُ المنصهِرُ الموجودُ في باطنِ الأرضِ والذي ينطلقُ من البركانِ عند ثورانه.
المصدر: هنا