التعديل الجيني يُنقِذ طفلة من اللوكيميا
البيولوجيا والتطوّر >>>> التقانات الحيوية
تم تشخيص ابيضاض الدم اللمفاوي (اللوكيميا) لدى ليلى منذ الشهر الثالث، حيث تقوم الخلايا المولدة للدم والتي تقع في نقي العظم بتحرير أعداد هائلة من الخلايا المناعية غير الناضجة إلى الدم في هذا المرض. أُخذت ليلي فوراً إلى مشفى Great Ormond في لندن لبدء العلاج الكيماوي وليتبعه زرع نقي العظام أملاً باستعادة وظائف الجهاز المناعي.
ان الخطوات السابقة تؤدي الى شفاء المرضى ذوي الأعمار الأكبر من عمر ليلى ولكن لا ينجو من المصابين بأعمار صغيرة - مثل ليلى- إلا رُبعهم كما تُصرِّح الدكتورة Samarasinghe أخصائية الدم وأحد أعضاء الفريق الذي عالج ليلى.
كانت ليلى من المرضى الذين بقي السرطان عندهم بالرغم من العلاج الكيماوي. وبالرغم أنها ليست المرشحة الأفضل للمضي نحو زرع نقي العظم إلا أن الأطباء تابعوا في ذلك آملين بحدوث الشفاء بعد الزرع ولكن للأسف لم ينفع ذلك كله في شيء. وفي غضون شهرين من الزرع انتكس السرطان في جسم ليلى وتعتبر هذه من علامات سوء الإنذار التي تم إبلاغ الأهل بعدها أنه لايمكن تقديم شيء للمريضة. عندها أصر الأهل على تجربة أي شيء لإنقاذ الطفلة؛ اتصل الأطباء بعدها بأحد المطورين لنمط من أنماط العلاج الجيني للسرطان وهو الدكتور وسيم قاسم من جامعة College London.
مهاجمة الخلايا:
إن الفكرة التي تم تطويرها هي أخذ بعض الخلايا المناعية من الجسم وتعديلها عن طريق الهندسة الوراثية خارج الجسم لمهاجمة خلايا السرطان ومن ثم إعادتها إلى الجسم من جديد كي تقوم بمهمتها وهي إيجاد خلايا السرطان والقضاء عليها. تُجرى الكثير من التجارب حول العالم حول نفس الموضوع، وهناك عدة طرق لإتمام ذلك، ولكن حالة ليلى كانت صعبة جداً بسبب صِغر عمرها وندرة الخلايا المناعية التي يمكن أخذها للتعديل خارج الجسم.
ولكن الفكرة الرائعة التي طورها الدكتور قاسم وفريقه هي بأخذ خلايا مناعية من معطي (متوافق مع المريض) وتعديلها ثم منحها لمئات من المرضى. تكمن صعوبة ذلك أنه في حال تم حقن خلايا مناعية غير معدلة من المعطي فإنها ستهاجم كل خلايا جسم المريض على أنها خلايا غريبة وهذا يعتبر كارثة. والتعديل الجيني الذي يقوم به الدكتور قاسم وفريقه هو الذي يضمن تغيير المستقبل في الخلايا المناعية المنقولة للمريض والذي بدوره سيمنع الاصطدام بين الخلايا المناعية وخلايا المريض.
المقصات الجزيئية!
تقوم المعالجة الجينية التقليدية على إضافة جينات على المادة الوراثية (DNA). ولكن مع تقنيات التعديل الجيني أصبح بالإمكان قص قطع محددة من المادة الوراثية باستعمال ما يسمى المقصات الجزيئية. المقصات التي استعملها دكتور قاسم وفريقه هي بروتينات اسمها (Talen) قادرة على قص وحذف أجزاء من ال DNA. مما يولد طفرات مقصودة لتعديل الوظائف الخلوية، مما سيمنع الخلايا التي يتم نقلها للمريض من مهاجمة خلايا المريض ولكن تبقى المشكلة الاخرى أن خلايا المريض بدورها ستهاجم الخلايا المنقولة على أنها خلايا غريبة فما العمل؟
لا تعتبر هذه مشكلة عند مرضى سرطان الدم بسبب إعطائهم أدوية تعطل جهازهم المناعي. وعند ليلى تحديداً، كان أحد أدويتها دواءً مناعياً يستطيع تدمير الخلايا المنقولة لجسمها ولهذا أضاف الدكتور قاسم وفريقه تعديلاً آخر على الخلايا المنقولة لليلى يجعل تلك الخلايا تتجنب هذا الدواء. وجاء الخوف من تطبيق الفكرة عند ليلي من كونها لم تطبق أبداً على أي إنسان واقتصر تطبيقها فقط على فئران التجارب. حتى أن فكرة استخدام الخلايا المعدلة جينياً عند الإنسان اقتصرت فقط على مرضى الإيدز كي تقوي جهازهم المناعي. ومن المخاطر المحتملة أيضا حدوث أخطاء أثناء قص وتعديل المادة الوراثية مما قد يحمل خطر تحويل الخلايا المناعية المنقولة نفسها إلى خلايا سرطانية. إلا أن الأمور عند ليلى وصلت برَّ الأمان من هذه الناحية حيث أن الجهاز المناعي المزروع قام بتنظيف الجسم من الخلايا المنقولة لها سابقا بشكل كامل.
سيتم تقديم هذه الحالة في المؤتمرات العلمية خلال هذه السنة على أمل تواصل نجاح هذه الحالة وغيرها ممن خضعوا لهذا العلاج وعندها فقط سنكون متأكدين أننا خطونا خطوة هائلة باتجاه القضاء على عدو ليلى وعدو الإنسانية وهو السرطان.
المصادر:
هنا
هنا