طرقُ الحفر التقليديّة وغير التقليديّة مقارنة بسيطة مع حلوى الدونات والتيراميسّو
الهندسة والآليات >>>> هندسة البترول والغاز
دعنا عزيزي القارئ في هذا المقال أن نبيّنَ أوجهَ الشبهِ بين المصدرين الأساسيين للنفط والغاز في باطنِ الأرضِ وبين نوعين من الحلوى (كعكة الدونات المحشوّة بالجيلاتين، وكيك التيراميسّو).
تطوِّرُ شركاتُ الحفرِ في مجالِ النفطِ والغازِ تقنياتِ الحفرِ الخاصّةِ بها وتعزّزها بشكلٍ مستمر. حيثُ يُعتبرُ الحفر الأفقيُّ على طولِ تشكيلةِ الصخرِ الخازنِ من إحدى التقنياتِ الثوريّةِ الأخيرةِ في مجالِ الحفرِ والذي باتَ يُعرَفُ بما يسمّى " الحفرُ غيرُ التقليديّ " على رغمِ أنهُ باتَ مألوفًا بعد الثورةِ في مجالِ النفطِ الصخريّ.
تُقسمُ مصادرُ النفطِ والغازِ بشكلٍ عام إلى نوعينِ مميزينِ: الأولى مصادرٌ تقليديّةٌ، والثانية فمستمرّةٌ أو غيرُ تقليديّة.
* توصَفُ المصادرُ التقليديةُ من خلالِ المصائدِ البنيويّةِ أو المصائدِ الستراتيغرافيّة أو من خلالِ الجيوبِ التي تحوي على ماءٍ وسوائلَ هيدروكربونيةٍ غنية بالغازات، تكونُ مفصولةً عن بعضها إلى طبقاتٍ بناءً على وزنِها النوعيِّ، وعلى عدمِ قابليتها للامتزاج.
* أما المصادرُ غيرُ التقليديّةِ أو ما يُعرفُ بالتراكماتِ المستمرّةِ فهي تراكماتٌ موضعية من الهيدروكربونات -غالباً غاز طبيعي- والتي تتواجد عادةً ضمن طبقةِ من التوضّعاتِ الرسوبيّةِ من الفحمِ أو الصخرِ الزيتيِّ (الشيل)الغنيِّ بالموادِ العضويّةِ، بالإضافةِ إلى الأحجارِ الرمليّةِ المنخفضةِ المساميّة.
هذه الترسبات غير التقليدية ليست مفصولة بشكل واضح إلى حقول للنفط وإنما تتوزع بكميات صغيرة ضمن طبقات عديدة متكدسة. وعادة ما تُحفر هذه الطبقات وتُخترق وتُعالج ضمن بئرٍ واحد.
لتوضيحِ ما أسلفنا ذكره، يمكنُنا مقارنةَ الدوناتِ المحشوّةِ بالجيلاتينِ التي تشبه إلى حدّ ما المصادرَ التقليديّةِ، مع المصادرِ غيرِ التقليديّةِ التي سنشبهها بكيك التيراميسّو وهي حلوى إيطاليّة لذيذة ذات طبقات متعددة تعني من قبيلِ المصادفةِ " ارفع معنوياتي! " أو "الارتقاء إلى الجنّة". تملكُ عمليّةُ الإنتاجِ غيرُ التقليديّةِ للنفطِ والغازِ القدرةَ على منحنا "دفقةً من الطاقةِ"، فحالما تنضجُ عمليةُ الحفرِ الأفقيّ نكونُ قد دخلنا في الجيل التالي من إنتاجِ الوقودِ الأحفوريّ.
Image: James Scherrer 2014
إذًا، الحفرُ في المصادرِ التقليديّةِ أشبهَ ما يكونُ بغرزِ قشّةِ "شلمونة" في كعكةِ الدوناتِ المحشوّةِ بالجيلاتين حيثُ يكونُ النفطُ محتجزًا في تشكيلةٍ واحدةٍ كبيرة، مما يؤدي إلى تدفقهِ خارجًا منها تحتَ تأثيرِ الضغط.
أما الحفرُ في المصادرِ غيرِ التقليديّةِ فمختلفٌ تمامًا وقريبٌ من التيراميسّو، حيث يتموضعُ النفطُ في طبقاتٍ عدّة والتي يجبُ اختراقها أفقيًّا باستخدامِ الحفرِ الأفقيّ والتشقيقِ الهيدروليكيّ.
كيف وصلنا إلى عهدِ التيراميسّو؟
إنّ وصولَنا إلى عهدِ التيراميسّو هو نتيجةٌ للتطوراتِ في الصناعةِ النفطيّةِ والغازيّة والتي يمكنُ تلخيصها بما يلي:
* وصلت المكامنُ النفطيّةِ التي يمكنُ اختراقها من خلالِ الحفرِ العموديِّ إلى نهايتها تقريبًا.
* وفرةُ صخورُ المصدرِ التي ينشأُ فيها النفطُ كالغضار (الشيل).
* جعلَ التقدّمُ الحاصلُ في مجالِ الحفرِ إمكانيّة عملِ حفرةَ البئرِ بشكلٍ أفقيٍّ أمرًا ممكنًا.
* يعزّز التقدمُ التكنولوجيّ في استخدامِ الماءِ والرملِ المضغوطين أثناء الحفرِ من التطبيقاتِ على صخورِ المصدرِ وذلك في الآبارِ الأفقيّةِ بغيةَ استخراجِ النفطِ والغازِ منها.
* تُحررُ التكنولوجيا الحاليةُ في أحسنِ الأحوالِ حوالي الـ 5 % من النفطِ المتوفرِ في الصخرِ الزيتيّ (الشيل)، ومن شأنِ التقدّمِ المستمرِّ للتكنولوجيا أن يحسّن استثمارَ المواردِ بشكلٍ ملحوظٍ في المستقبل.
مما سبق نجد بأننا قادمين على عصر التيراميسّو مستقبلًا. أمّا أنتَ عزيزي القارئ، أما شعرتَ بشهيّةٍ للحلوى أثناء قراءتِك لهذا المقال؟ أيّهما تفضل، حلوى الدونات أم التيراميسّو؟