كيف تتشكّل نُدف الثلج.
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
فإذا كانت حرارةُ الأرضِ مساويةً أو أصغرَ من درجةِ حرارةِ تجمُّدِ الماءِ فإنَّ الثلجَ سيصلُ إلى الأرض، مع إمكانيّةِ وصولِه أيضاً في حالاتٍ أُخرى تكونُ فيها العواملُ الجويّةُ مناسبةَ حتى لو كانت درجةُ الحرارةِ أكبرَ من درجةِ حرارةِ تجمُّدِ الماء، في هذه الحالة فإنّ نُدَف الثلجِ ستبدأُ بالذوبانِ حالَ وصولها إلى هذه الطبقاتِ الأكثرَ دِفئاً وهذا الذوبانُ بدورهِ يؤدي إلى نوعٍ منَ التبريدِ للجوِّ المحيط والذي بدورهِ يُؤخِّرُ من عمليَّةِ الذَّوبان .
إذاً إنّ تشكُّلَ نُدف الثلجِ في طبقاتِ الجوِّ العُليا للأرضِ لا يضمنُ بالضرورةِ سقوطَ الثلجِ على سطحِ الأرضِ ، فهذا يحدثُ فقط إذا كانت درجةُ حرارةِ الهواء تحتَ درجةِ التجمُّد على طول الطريق نحو الأرض. فإذا عَبَرت نُدف الثلجِ من خلالِ طبقةٍ رقيقةٍ دافئةٍ من الهواءِ فإنَّها قد تتعرَّضُ إلى ذوبانٍ جُزئيٍّ، وعندما تخرُجُ من طبقةِ الهواءِ الدافِئِ هذهِ فإنها ستتجمَّدُ من جديدٍ على طولِ الطريقِ نحوَ الأسفلِ مشكِّلةً حبيباتٍ جليديّة صغيرة وهكذا يتشكَّلُ الصَّقيع، أما إذا عَبرت نُدف الثلجِ من خلالِ طبقةٍ دافئةٍ من الهواءِ ولكنَّها ثخينةٌ بما فيهِ الكفايةِ لتؤدي إلى ذوبانِ هذهِ النُدف بشكلٍ كاملٍ، فتهبُطُ على سطح الأرضِ الباردِ والنتيجةُ يمكنُ أن تكونَ عبارةً عن أمطارٍ متجمِّدة .
وبشكلٍ عام فإنّ الثلجَ لا يتشكَّلُ عند درجةِ حرارةٍ تساوي أو أكبر من خمسِ درجاتٍ مئويّة. وفي المقابلِ فإنَّهُ ومهما انخفَضَت درجةُ الحرارةِ فإنّنا نستطيعُ أن نتوقَّعَ إمكانيَّةَ تشكُّلِ الثلوجِ طالما توافرت نسبةُ رطوبةٍ مناسبة و ضغطٌ جويٌّ مناسب، ولكن معظمَ الهطولاتِ الثلجية الغزيرة تحدثُ في أجواءَ دافئةٍ نسبيّاً قُربَ سطحِ الأرض (حوالي 9- درجة مئوية ) وذلك لأن الهواءَ الدافئَ يحملُ كميّةً أكبرَ من بخارِ الماء.
ولأن تكوُّن الثلجِ يحتاجُ الرطوبة (أي يحتاجُ لوجودِ كميةٍ مناسبةٍ من بخارِ الماءِ في الجو ليتحولَ إلى ثلج) فإنّ المناطقَ الجافةَ نادراً ما ترى الثلجَ مهما كانت باردةً، فالوديانُ الجافةُ في القُطبِ المتجمِّدِ الجنوبيِّ باردةٌ جداً وتَكادُ تكونُ خاليةً من الثّلوجِ! وذلكَ بسببِ الانخفاضِ الشديدِ في نسبةِ الرطوبةِ في تلك المناطقِ إضافةً لذلكَ فإنَّ الرياحَ القويةَ تقومُ ببعثرةِ الرطوبةِ الصغيرةِ المتبقيةِ وكنتيجةٍ لذلكَ فإنّ الهطولاتِ الثلجيةَ قليلةٌ هناك .
ويهطلُ الثلجُ على شكل نُدف في غايةِ الجمالِ تتكوّنُ في طبقاتِ الجوِّ العُليا الأكثرِ برودةً عادةً وتكبُرُ باستمرارٍ أثناءَ هُبوطها نحو الأرض، ولكن إلى أيِّ حدٍّ يمكنُ لنُدف الثلجِ أن تكبُرَ؟
في الواقع تتكوَّن النُدفةُ الواحدةُ من عددٍ من النُدف الأصغر فهي تتشكَّلُ نتيجةَ تراكمِ العديدِ من بلورات الثلج، وذلك بسبب تجمُّعِ قطيراتِ الماءِ وتجمُّدها حولها أثناءَ الهبوط وهذه النُدف الصغيرةُ تكونُ على شكل سداسيٍّ متناظر ( هذا يعود إلى طبيعة الماء الذي يميل للتجمد بهذا الشكل).
ويكونُ عرضُ معظم نُدف الثلج أصغرَ من 1.3 سنتيمتر عادةً، ويمكنُ في ظروفٍ خاصةٍ (درجات حرارة قريبة من التجمد و رياح خفيفة و ظروف جوية غير مستقرة) أن تتشكّلِ نُدف ثلجٍ أكبرَ قد يصلُ عرضها إلى حوالي 5 سنتيمترات.
لنشاهد الفيديو التالي والذي يظهر لنا تكون نُدف الثلج بأشكال مختلفة .
على الرُّغمِ من أنَّ ندفَ الثلجِ لها شكلٌ سداسيّ لكنَّ صِفاتها الهندسيّةَ الأُخرى مُختلفة وهذهِ الاختلافاتُ هي نتيجةُ اختلافِ الظروفِ الجويّةِ (من درجاتِ حرارةٍ و رطوبة) والتي تسقطُ خلالها نُدفُ الثلج، حيث تنتجُ بعضُ قيمِ درجةِ الحرارةِ و الرطوبةِ ندفاٌ ذات أذرُعٍ إبريّةٍ طويلة، بينما تنتجُ ظروفٌ أخرى ندفاً ذاتَ أذرعٍ عريضةٍ مُسطّحة وتنتجُ ظروفٌ غيرُها أذرعاً رقيقةً متفرِّعة.
هذهِ الأشكالُ المختلفة تملكُ عدداً غيرَ محدودٍ منَ الاختلافات بِمعنى آخر فكلُّ نُدفةِ ثلجٍ مختلفةٌ عن الأخرى، وكلٌّ منها يمثِّل الظّروف الجويةَ من درجةِ حرارةٍ ورطوبةٍ وبخارِ ماءٍ والتي واجهتها ندفُ الثلجِ خلال سقوطها. ويمكنُ لهذهِ الشروطِ أن تتغيرَ أثناءَ سقوطِ الندف لتُسبِّبِ تغيُّراً في نُموِّ البلورة.
Image: Image by NOAA
لكن لماذا يرتبطُ تشكُّلُ الثلجِ بدرجةِ الحرارةِ والرطوبةِ والضغطِ الجوي ؟
اذا أردنا أن نفهم تماماً ما الذي يجعلُ الثلجَ يتشكَّلُ فإنَّ علينا أن نتعرف إلى ما يُدعى بمخطط الطَّورِ للماء، وهو مخطَّط يُخبِرنا بحالةِ الماء عند درجةِ حرارةٍ وضغط ٍمعين فمثلاً نستطيع أن نرى أن الماءَ يكونُ في الحالة السائلة عند درجة حرارة بين الصفر والمئة مئوية بضغطٍ جزئيٍّ لبخارِ الماءِ مساوٍ للضغطِ الجويِّ النظاميّ (1 atm) ثم يبدأ بالغليانِ عند الضغط نفسه في الدرجة مئة متحولاً بذلكَ إلى بخارٍ وكذلك نستطيعُ أن نميِّز النقطة الثلاثيّة وهي النقطةُ التي يُمكنُ للماءِ أن يتواجد في الحالات الثلاثة (صلب، سائل ، غاز) فيها وهي موافقةٌ لدرجة حرارة تساوي 0.01 مئوية وضغط 0.06atm .
Image: NOAA
عند قدوم عاصفة ثلجية فإن الهواء يكون بارداً و محملاً ببخار الماء (أي نسبة رطوبة عالية)، فإذا كان الضغط الجوي مناسباً (أي ما نسميه بالمنخفض الجوي) وحدث أن انخفضت درجة الحرارة إلى حد معين (عند هبوط الليل مثلاً ) فإن بخار الماء في المنطقة الزهرية ستتوفر له الشروط المناسبة لينتقل للحالة الصلبة (جليد أو ثلج) في المنطقة البيضاء على الشكل المجاور وحال زوال الظروف المناسبة تلك فإن الماء سينتقل إلى المنطقة الزرقاء متحولاً إلى سائل (أمطار) أو سيبقى على شكل بخار ماء في المنطقة الزهرية حسب الظروف المحيطة من حرارة وضغط جوي .
إذاً فلدى خُبراءِ الأرصادِ الجويّةِ مهمةٌ صعبة، فإذا أرادوا التكهُّنَ بالهطولاتِ الثلجية فهم بحاجةٍ لتحديدِ العديدِ من الأمور، الأمرُ الأولُ هو الوقتُ الذي ستمرُّ فيه كتلةٌ هوائيةٌ محملةٌ بالرطوبةِ فوقَ المنطقة والثاني كونُ درجةِ الحرارةِ عالياً في مكانِ تشكُّلِ نُدف الثلجِ تحتَ درجةِ التجمدِ، والثالثُ تحديدُ كونِ درجةِ الحرارةِ في الارتفاعاتِ الأقل مناسبةً لتسمحَ لهذهِ النُدف بالسقوطِ إلى الأرض، وأخيرا معرفةُ الظروفِ الجويةِ على الأرض لتحديدِ ما إذا كان الثلج سيتجمع أو يذوب.
* نعبر عادة عن كمية بخار الماء في الجو بواسطة مفهوم نسبة الرطوبة وهو النسبة بين ضغط البخار في الجو على الضغط الأعظمي لبخار للماء في الهواء الممكن الوصول إليه (أو مايعرف بضغط البخار المشبع للماء).
المصادر: هنا
هنا