الورمُ الأروميّ الشبكيّ Retinoblastoma
الطب >>>> السرطان
Image: www.mayoclinic.org
نسمعُ عادةً بأورامٍ تصيبُ أجزاءً مختلفة من الجسم، ولكن هل يمكن أن يصيبَ السّرطان العين؟
سنتعرّف في هذا المقال إلى سرطان العين الأكثر شيوعاً عند الأطفال وأعراضه وطرق علاجه..
ما هو الريتينوبلاستوما؟
الريتينوبلاستوما، أو ما يُعرف بالورمِ الأروميّ الشبكيّ، هو أحدُ أنواعِ السّرطانات التي تصيب الأطفال بأعمارٍ أقلّ من 3 أعوام، ونادراً ما يصيب البالغين، ويُعتبر أكثر سرطانات العين شيوعاً عند الأطفال.
يبدأُ الورمُ في الشبكيّةِ الواقعة في الجزءِ الخلفيّ من العينِ والمكوّن من طبقةٍ من الخلايا العصبيّة الحسّاسة للضوء، ترتبطُ بالدماغ بواسطةِ العصبِ البصريّ الذي بدورهِ ينقلُ الإشاراتِ القادمة من الشبكيّةِ إلى المنطقةِ البصريةِ في قشرةِ المخّ، لتتكوّن الصورةُ المرئيّة.
الآليّة:
تتطوّرُ العينُ في المراحلِ الباكرةِ من الحياةِ الجنينيّة، حيث تبدأُ الخلايا الأروميّة الشبكيّة Retinoblasts بالانقسام لتشكّل خلايا جديدة، ثمّ تتحوّلُ لخلايا شبكيّة ناضجة؛ ولكن، وبشكلٍ نادرٍ كنتيجةٍ لطفرةٍ في الجين Rb1 على الصبغيّ رقم 13، قد يحدثُ خطأٌ ما في هذهِ العملية، ممّا يؤدّي إلى استمرارِ انقسامِ الخلايا بدلاً من تحوّلها لخلايا ناضجة، وبالتالي تشكّل ورمٍ سرطانيٍّ يُدعى ريتينوبلاستوما. في ثلثِ الحالاتِ تكونُ الطفرةُ الجينيةُ موروثةً، ووراثتُها جسديةٌ سائدةٌ (فإذا كان أحدُ الوالدينٍ يحملُ الطفرةَ، فإنّه وفقاً لقوانينِ الوراثةِ تكونُ احتماليّةُ إصابةِ كلّ طفلٍ هي 50%)، وقد تحدثُ الطفرةُ أثناءَ الحملِ دونَ أن يحملَ أحدُ الوالدينِ الطّفرة.
قد يصيبُ الورمُ عيناً واحدةً أو قد يكونُ ثنائيَّ الجانبِ -خاصّةً في حالِ كانتِ الطفرةُ موروثةً-.
الأعراض:
الحدقةُ البيضاءُ: وهي أهمُّ عرَضٍ للورمِ الأروميّ الشبكيّ، حيثُ تصبحُ الحدقةُ بيضاءَ عندَ تسليطِ الضوءِ عليها وهو ما يُسمَّى بغيابِ المنعكسِ الأحمرِ (يُجرى الاختبارُ في غرفةٍ مظلمة بتسليطِ ضوءٍ على العين؛ بالحالةِ الطبيعيّةِ يجبُ أن تظهرَ الحدقةُ بلونٍ أحمر بسببِ انتقالِ الضوءِ بشكلٍ طبيعيٍّ، أمّا في حالاتِ إصاباتِ الشبكيّة أو العدسة أو الجسم الزجاجيّ؛ فقد يصبحُ لونُها أبيضاً بسببِ وجود عائقٍ في مسار الضّوء).
الحولُ أو عدم تناظرِ الحدقتين مع تقدّمِ المرض.
احمرارُ العين.
تورّمُ العين.
اضطّراباتٌ بالرؤية.
ألمٌ في العينِ المصابة، في حال حدوثِ زرقٍ ثانويّ.
التهابُ الحجاج.
نزفٌ في الجزءِ الأماميّ من العين.
تغايرٌ بلونِ العينين.
الشعورُ بنبضٍ في العين.
عدم تضيّقِ الحدقة عند تسليطِ الضّوء عليها.
يحدثُ لدى نسبةٍ ضئيلةٍ من المرضى تشوّهاتٌ خِلقيةٌ مرافقة.
تستطيعُ خلايا الورمِ الأروميّ الشبكيّ غزو العينِ والمناطقِ المجاورةِ لها والانتقالَ لأماكنَ أخرى في الجسمِ كالدماغ والنخاعِ الشوكيّ.
متى تجبُ زيارةَ الطّبيب؟
يجبُ مراجعةُ الطّبيبِ عند ملاحظة أيّ شذوذٍ في العين، لاستبعادِ الأسبابِ الأخرى للحدقةِ البيضاء أو الحولِ وغيرها من الأعراض. وفي حالِ وجودِ سوابقَ عائليّة للريتينوبلاستوما، ينبغي إخبارُ الطّبيب لإجراء فحصٍ عينيٍ في الزياراتِ الدوريّة.
التشخيص:
لتشخيصِ الريتينوبلاستوما لابدّ من إجراءِ بعض الفحوصات:
فحصُ العين: الفحص الدوريّ للعين -خاصةً في حالِ وجود سوابق عائليّة للورم- يفيدُ في الكشفِ المبكّرِ للورم. ويجب أيضاً فحصُ الجسمِ كاملاً في حالة الشكّ بالإصابة: حيثُ يتمّ إجراء تنظيرٍ لقعرِ العين تحت التخدير العامّ.
يجبُ إجراء الفحوصات الشعاعيّة لمعرفةِ حجم ومدى انتشار الورم، وتشملُ الفحص بالموجاتِ فوق الصوتية (الإيكو) وبالتصويرِ المقطَعيّ المُحَوسَب (الطبقيّ المحوريّ) وبالرنينِ المغناطيسي.
تفيدُ الخزعةُ في معرفةِ نوع نسيجِ الورم.
قد يحتاجُ الطبيبُ إجراءَ مسحٍ عظميّ أو بزلٍ قَطَنِي للسائلِ الدماغي الشوكي أو خزعةٍ من نِقْي العظم.
العلاج:
يعتمدُ العلاجُ على حجمِ الورم ومكانه، وفيما إذا كان هناك انتقالاتٌ أم لا. ويهدفُ العلاج للحفاظ على البصرِ عند الطفل.
1-العلاجُ الكيماويّ:
يفيد العلاجُ الكيماويّ في قتلِ الخلايا السّرطانية وتقليصِ حجم الورم قبل إخضاعِ الطفل لعلاجٍ آخر. وقد يُستعملُ في حالاتِ الأطفال الذين ليسوا بحاجةٍ لعلاجٍ جراحيّ.
2-العلاجُ الشعاعي:
تُستعمل الأشعّة السّينية لقتل الخلايا السّرطانية أيضاً.
وهناك نوعان من التشعيع:
- التشعيع الداخلي (الموضعيّ): حيثُ يوضعُ الجهاز على الورمِ أو بالقربِ منه، ممّا يقلّل من إصابةِ الجزءِ السليمِ من نسيجِ العين.
- التشعيع الخارجي: يتمّ بواسطةِ جهازٍ كبيرٍ خارج الجسم ينقل حزماً عالية الطّاقة من الأشعّة. وقد يسبّب تأثيراتٍ غير مرغوبة في الأنسجةِ المجاورة للعين (كالدّماغ)، ولهذا يُترك هذا الخيار لعلاجِ الأطفال بمراحلٍ متقدّمة من الورم أو ممّن لديهم مضادُ استطبابٍ للعلاجات الأُخرى.
3-العلاجُ بالليزر (التخثير الضوئيّ):
يدمّر الليزرُ الأوعية الدموية المغذّية للخلايا الورمية وبذلك يقضي عليها.
4-العلاجُ بالبَرْد (المعالجة القرّية Cryotherapy):
يتمّ قتلُ الخلايا السّرطانية بالتبريدِ الشّديد بالنيتروجين السّائل، حيثُ يوضع في الورم أو بالقربِ منه، ممّا يؤدّي لتجميدِ الخلايا الورمية، وبتكرارِ هذه العملية تتنخّر الخلايا الورمية ويُقضى عليها.
5-العلاجُ بالحرارة Thermotherapy:
يتمّ استخدامُ الحرارة العالية لقتلِ الخلايا السّرطانية، وذلك بتوجيه الحرارة بواسطة الإيكو أو الموجات المكرويّة Microwaves أو الليزر.
6-الجراحة:
نلجأُ للحلّ الجراحيّ في حالِ كان الورم كبيراً ولا يمكن علاجهُ بالطرقِ العلاجية الأخرى.
إنّ استئصال العينِ قد يقي من انتقالِ الورمِ لأعضاءٍ أخرى في الجسم. ومن الناحيةِ الجماليّة، يمكن وضع عينٍ اصطناعيّة بعد استئصال العين.
7-العلاجُ بالخلايا الجذعيّة.
المضاعفات:
قد ينكسُ الورمُ عند الأطفال المعالجين، فقد يعاودُ الظهورَ في العينِ أو في النسجِ المحيطةِ بها.
الأطفالُ المصابين بالورم الأروميّ الشبكيّ الموروث لديهم خطرٌ أعلى لتشكّلِ أورامٍ أخرى في الجسم بعد المعالجة بسنوات.
ولذلك يجبُ المتابعةُ مع الطبيبِ المعالج لإجراء الفحوصاتِ بفواصلَ منتظمة، للتأكّد من عدم نُكْس الورمِ أو تشكّل أورامٍ أخرى.
الإنذار:
يعتمدُ على مدى تقدّم المرضِ وحجمِ الورم.
تكونُ نسبُ الشفاء تقريباً 90% في حالاتِ استئصالِ الورمِ وحيدِ الجانب، بينما تكونُ أسوأ في حالِ كان الورمُ ثنائيّ الجانب أو إذا كانتِ الطفرةُ موروثةً.
المصادر:
هنا
هنا...
Nelson textbook of pediatrics (كتاب)