المثلية الجنسية بين الماضي والمستقبل
التوعية الجنسية >>>> الحياة والحقوق الجنسية والجندرية
نشرَ العلماءُ في مجلّة HealthDay news في الثّامن من أكتوبر 2015 تقريراً يبيّنُ الصلةَ بين الطريقةِ التي تعمل بها بعضُ المناطقِ في الجينوم البشرّي والتأثيرِ على السلوك والميول الجنسيّ عند الذكور.
يقول مؤلّف الدّراسة الدكتور TuckNgun: "يتمّ تحديدُ التوجّه الجنسيّ في وقتٍ مبكّر جداً من الحياة، واعتماداً على هذه النتائج يمكنُ القولُ أنّ العواملَ البيئيّة تلعبُ دوراً هامّاً في التوجّه الجنسيّ عند الفرد".ولكنّ الدكتور Ngun لا يعني بذلكَ البيئةَ الاجتماعيّةَ التي نشأنا فيها أو معاملةَ آبائنا لنا، بل يشيرُ إلى احتمالِ أن يكون التوائمُ قد تعرّضوا لظروفٍ مختلفةٍ خلال الحياةِ الجنينيّة في الرحم.
قامتِ العديدُ من الدراساتِ السابقةِ بربطِ التوجّه الجنسيّ للفردِ بمناطقَ معيّنة من الجينوم، ولكنّ الجينات المسؤولةَ عن هذه العملية لاتزالُ غامضةً إلى الآن. إذ أنّ الانجذابَ الجنسيّ أمرٌ مهمٌّ ومحرّكٌ أساسيّ عند جميعِ أنواعِ الحيواناتِ، إلّا أنّه لايزالُ غير مفهومٍ تماماً على المستوى الجينيّ لا سيما عند البشر.
سعى الباحثون في الدّراسة الجديدةِ نحو فهمٍ أفضلَ لكيفيّة عملِ الجيناتِ والتوجّه (الهويّة) الجنسيّة*، وليس إثباتُ وجودِ بعض الجيناتِ أو الاختلافاتِ فيها فحسب. وبالرغمِ من أنّ النتائج لا تفسّر كيف قد تؤثّر الاختلافات في طريقةِ عملِ المناطقِ الجينيّة على السلوك الجنسيّ في أحد أو كلا الجنسيّن، إلّا أنّ معدّي الدّراسة الجديدة يقولون أنّهم تمكّنوا باستخدام هذه المعلوماتِ من التنبؤ بنجاحٍ بالتوجه الجنسيّ لذكور من توائمَ متطابقةٍ في 70 في المئة من العينات، مقارنةً مع 50 في المئة التي يتمُّ توقّعها بالصدفة المحضة!
*يمكنكم قراءة المزيد عن الهوية الجنسيّة والميول الجنسي في مقالاتنا السابقة:
هنا
هنا
بحث العلماءُ بالتوائمِ المتماثلةِ كونهم يملكون نفس الـ DNA، ومع ذلك، تتأثّر الجيناتُ ببيئةِ وتجاربِ كل توأم، لذلك فهم ليسوا نسخةً عن بعضهمِ في كيفيّة عملِ جيناتهم. حيث بدأ الباحثون بجمعِ معلوماتٍ عن 140 ألفِ منطقةً جينيّة، ثمّ قلّصوها إلى خمس مناطقَ؛ والتي أظهرت قدرتَها على التنبّؤ فيما إذا كان السلوكُ الجنسيّ لدى التوائمِ المتطابقةِ معتمِداً على كيفيّة عملِ الجينات في هذه المناطق، أو كيفيّة تعبيرها عن نفسها. وبذلك تمكّن الباحثون في هذه الدّراسة من التنبّؤ بالسلوك الجنسيّ لـ 10 أزواجٍ من التوائمِ مثلييّ الجنس، و37 زوجٍ من التوائم كان أحد التوأمين فيها مثليّاً أو غيريّاً.
وأشادَ Qazi Rahman –أحدُ كبارِ المحاضرين في علمِ النفسِ العصبيّ المعرفيّ في لندن– بالدّراسة لاعتبارهِ تصميمها قويّاً ومتيناً. مضيفاً أنّ هذه الدّراسةَ تخبرنا عن قدرةِ الاختلافاتِ البيئيّة –وإن كانت اختلافاتٍ بيولوجيّة- على تفسيرِ التوجّه الجنسيّ لدى الرجال الذين يتشاركون نفسَ الجينوم.
وكان قد أظهرَ بعضُ الأشخاصِ في مجتمعِ المثليّين LGBT قلقاً وتخوّفاً إزاء البحثِ في الجذورِ البيولوجيّة لميولهم الجنسيّ؛ لأنهم يخشون أن تُستخدم هذهِ المعلومات باستهدافِ الأشخاصِ المثليّين وقد تصلُ الأمورُ إلى إجهاضِ الجنينِ الذي يَتبيّن أنّه لن يصبح غيريّ الجنس.
وفي هذا السّياق صرّح Ngun: "لا أعتقدُ أنه علينا أن نخطوَ بحذرٍ بسببِ احتمالِ الإساءةِ القائم، ورغم اعتقادي أنّه من المستبعدِ جدّاً أن تقودَ نتائجُ هذهِ الدّراسة البحثيّة إلى اختبارٍ جينيّ، إلاّ أن الأبحاثَ في المستقبلِ ستقودُ إلى شيءٍ من هذا القبيل". مؤكّداً أنه من الواجب على المجتمعِ أن يتكاتفَ لضمانِ عدمِ إساءةِ استخدامِ نتائجِ أبحاثِ التوجّهات الجنسيّة عند الفرد.
• ارتفاعُ خطرِ مشاكلِ الصحّةِ العقليّةِ عند مثليّي الجنس:
يميلُ مثليّو الجنسِ إلى مواجهةِ مشاكلَ متعلّقةٍ بالصّحّة العقليّة أكثرَ من غيريّ الجنس وفقاً لفريقٍ بحثيٍّ في جامعةِ لندن بقيادةِ الدكتور ApuChakraborty.
تمّ النظرُ في نسبِ الاضطراباتِ العقليّةِ بين جمهرةٍ من 7403 بالغٍ في بريطانيا، ووصلتِ النتائجُ إلى أنّ معدّلات الاكتئابِ والقلقِ والوسواسِ القهريّ والفوبيا ومحاولاتِ الانتحارِ وإيذاءِ النفسِ بالإضافةِ لإدمان الكحول والمخدّرات كانت أعلى بين المثليّين. وفي سياقٍ متصلٍ، كانت نسبةُ الأشخاصِ المثليّين الذين اعتبروا أنفسَهم سعداء 30% مقابل 40% من غيريّي الجنس.
يعتقدُ الدكتور Chakraborty أنّ هذه النتائج مقلقةٌ للغاية، فهذه الدّراسة الأولى من نوعها التي تتطرّق إلى الصّحّة العقليّة عند هذهِ الفئة.
هناك العديدُ من الأسبابِ التي توضّح سبب كونِ مثلييّ الجنس أكثرَ عرضةً للاضطرابات النفسيّة، والتي أهمّها الصعوباتُ التي تواجههم في تقبّلهم ضمن مجتمعٍ متوجّهٍ إلى معاييرَ وقيمٍ غيريّة، بالإضافةِ إلى الوصمةِ الاجتماعيّة ضدّهم "العار الاجتماعي".
علاوة على ذلك، يسعى الرجال والنساء ضمن المجتمع المثليّ لإيجادِ شركاءٍ وأصدقاء، وذلك قد يقودهم إلى إدمانِ الكحولِ والتدخينِ ممّا يؤثّر سلباً على الصّحّة العقليّة والنفسيّة!
• لمحةٌ في تاريخِ المثليّة الجنسيّة:
الأصلُ الإغريقيُّ لكلمةِ lesbian من كتابِ "عباقرةٌ ومجانين" لـ "رجاء النقاش": (كانت علاقةُ (سافو) مع تلميذات مدرستها علاقةً حميمةً مليئةً بالعاطفةِ القوية، ممّا أطلق الشائعاتِ المختلفةِ ضدّها، وكان أهمُّ هذهِ الشائعاتِ هو اتهامُها بالشذوذ. حتّى أصبحت كلمةُ "الشذوذ" عند المرأةِ منسوبةً إلى مدينة لسبوس، وهي مدينةُ الشاعرة سافو، فالمرأةُ يُقال لها في اللّغات الأوربيّة (ليسبيان) نسبةً إلى مدينة لسبوس، وكان الأساسُ في إطلاقِ هذه الصفةِ هو ما تردّد عن نوعِ العلاقاتِ القائمةِ بين سافو وتلميذاتها في المدرسةِ التي افتتحتها الشّاعرةُ وأشرفت عليها وتولّت التعليم فيها. كذلك اعتمدت هذهِ الشائعاتُ على بعض ما بقي من شعرِ سافو، فقد قالت عن نفسها وهي تتحدّث عن تلميذات مدرستها: "إنّ الحبّ لهنّ يهزُّ قلبي كما تهزُّ الريحُ القويةُ أشجارَ البلّوط". وقالت لإحدى تلميذاتها: "لقد أحببتُك يا أفيس منذُ زمنٍ بعيد"، وعندما تزوّجت أفيس هذهِ كتبت سافو قصيدةً تعبّر عن ألمها العاطفيّ لفراق تلميذتها العزيزة.)
المثليّة الجنسيّة عند الفراعنة:
بعد اكتشافِ قبرِ توت عنخ أمون عام 1922، ذكر Percy Nweberry أنّ هناكَ قطعاً قد نُقلت من حُجرةِ دفنِ Smenkhkare إلى حجرة توت عنخ أمون لزيادةِ كنوز قبره، ومن بين هذهِ الأشياء كان هناك صندوقٌ مكتوبٌ على مقابضه: "Ankheprure محبوبُ Neferkheprure و Neferneferuaten محبوبُ Waenra"، وبعد فكّ شيفرة هذه العناوين وُجِد أنّ المقصودَ فيها هو: Smenkhkare محبوبُ Akhenaten و Akhenaten محبوبُ Smenkhkare.
يشير Newberry أيضاً في مقالتهِ إلى شاهدةٍ صغيرةٍ في متحف برلين تُظهر ملكين (عُرفا من خلالِ التّيجان على رؤوسهم) عارييّن ويجلسان بجانب بعضهما.
• تُظهر الصورةُ التالية، التي كُشف عنها في ما يُسمّى (قبر الأخوين) عام 1964 قرب ممفيس، رجلين (Niankhkhnum وKhnumhotep) مدفونين معاً متعانقين مع ملامسةِ الأنوف.
Image: closetprofessor.com
المصدر:
هنا
هنا
هنا
هنا
Homosexuality in Ancient Egypt by Bruce L. Gerig.