شريكنا الأرضي في رحلتنا إلى الكوكب الأحمر
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
في إطار بحث الإنسان عن شريكٍ أرضيٍّ في الفضاء قادرٍ على مقاومة الظروف القاسية هناك، حصل علماء أوروبيون على نتائج أوليةٍ لأبحاثهم المتعلقة بقدرة الأحياء على العيش في المريخ، والتي بدؤوها قبل سنواتٍ عديدة، فقد تجاوزت اليوم إحدى الكائنات الأرضية المَهَمة بنجاح، وهي فطرياتٌ صغيرةٌ تتواجد ضمن الشقوق الصخرية في القطب الجنوبي.
ولإنجاز جزءٍ من تجربةٍ تعرف بتجربة الأشنيات والفطريات Lichens and Fungi Experiment (LIFE)، أجرى علماء أوروبيون دراسةً نشرت في مجلة Astrobiology، لمصير مجتمعاتٍ مختلفةٍ من الأحياء الصخرية خلال رحلةٍ طويلة الأمد في الفضاء على منصة تجارب طورتها وكالة الفضاء الأوروبية لتتحمل البيئات الفضائية القاسية وتدعى EXPOSE-E.
_______
منهجية الدراسة:
توجه العلماء إلى وديان ماك موردو الجافة الواقعة في أرض فيكتوريا في المنطقة القطبية الجنوبية، حيث تُعتبر بيئَتُها الأقرب لبيئة المريخ، فهي تشكل إحدى أكثر البيئات الأرضية جفافًا وعدائيةً للحياة، وتعصف فيها رياحٌ قويّةٌ جدًا تنتزع كل شيءٍ في مسارها بما فيه الثلوج والجليد، لذلك لا تقطنها إلا الأحياء الدقيقة المختبئة ضمن شقوق الصخور cryptoendolithic microorganisms، وبعض أنواع الإشنيات التي تتحمل هذه الظروف القاسية، وقد قام العلماء بجمع عيناتٍ من نوعين من الفطريات هما Cryomyces antarcticus و Cryomyces minteri
ووضعت في خلايا بقطر 1.4 سم، وأُرسلت إلى محطة الفضاء الدولية ISS بواسطة المركبة الفضائية أتلانتس، ووضعت خارج وحدة كولمبوس، وعلى منصة EXPOSE-E، وذلك لتعريضها لذات الظروف المريخية، والظروف الفضائية المتطرفة من أجل مراقبة مدى استجابتها لتلك الظروف.
كما جمع العلماء كذلك نوعين من الإشنيات من جبال سييرا دي جريدوس في إسبانيا وجبال الألب في النمسا، تعرفان باسم Rhizocarpon geographicum، وXanthoria elegans، وأُرسلتا إلى المنصة EXPOSE-E، حيث أن بمقدور هذين النوعين مقاومة البيئات القاسية والمتطرفة في الجبال العالية.
خلال 18 شهرًا من بدء التجارب، عُرِّضت نصف عينات الإشنيات ونصف الخلايا الفطرية لظروف تشبه ظروف الكوكب الأحمر، فوُضعت في جوٍّ يحوي 95% من غاز ثاني أوكسيد الكربون، و0.15% من الأرغون، و2.7% من الأوكسجين، و370 جزءاً من مليون مياه، وتحت ضغطٍ يعادل 1000 باسكال، كما عُرٍّض جزءٌ منها _باستخدام المرشحات الضوئية_ إلى الأشعة فوق البنفسجية بأطوال موجيةٍ أعلى من 200 نانومتر، وجزءٌ آخر بأطوال موجية أقل، بما فيها عيناتُ مراقبةٍ منفصلة.
و عُرّضت مجموعةٌ أخرى من عينات الفطريات والأشنيات إلى بيئةٍ فضائيةٍ متطرفة، مع تقلباتٍ في درجات الحرارة بين -21.5 و+59.6 درجةٍ مئوية، وبجرعةٍ ممتصةٍ من الأشعة الكونية المَجَرٍّية حتى 190 megagrays، وبضغطٍ يتراوح ما بين 10-7 حتى 10-4 باسكال، كما تم فحص تأثير الأشعة فوق البنفسجية خارج الأرض على نصف هذه العينات.
_______
نتائج الدراسة:
بعد مرور عامٍ ونصف على رحلتها وتعرضها لظروفٍ مشابهةٍ للمريخية، وجد العلماء أن أكثر من 60% من خلايا الفطريات بقيت على قيد الحياة، وحافظ حمضها النووي الخلوي (DNA) على استقرارٍ عالٍ، مما يؤكد قدرة هذه الفطريات على مقاومة الظروف المريخية.
كما أظهر صنفا الإشنيات المعرضان للظروف المريخية نشاطًا أيضيًا (استقلابيًا) مضاعفًا عن تلك التي عرضت للظروف الفضائية المُتطرفة، وقد أظهر نوع Xanthoria elegans زيادة في النشاط بمقدار 80%.
وأظهرت النتائج انخفاضاً كبيراً في النشاط الأيضي لكل من عينات الإشنيات والفطريات المعرضة للظروف الفضائية المتطرفة (2.5% ما تبقى من نشاط الإشنيات و 4.11% ما تبقى من نشاط الفطريات).
لكن 35% من الخلايا الفطرية حافظت على أغشيتها سليمة، وهي دلالةٌ أخرى على قدرة فطريات القطب الجنوبي ليس على مقاومة الظروف المريخية فحسب، بل على الظروف الفضائية المتطرفة أيضًا.
يؤكد العلماء أن هذه النتائج ستساعد على تقييم قدرة الأحياء الدقيقة وتقييم المؤشرات البيولوجية للبقاء على قيد الحياة والاستقرار طويل الأمد على سطح المريخ، كما ستساعد في تقديم معلوماتٍ هامةٍ وأساسيةٍ للتجارب المستقبلية التي ستتمحور حول البحث عن حياةٍ على سطح الكوكب الأحمر.
صورة توضيحية لتوضع المنصات في محطة الفضاء الدولية و تظهر فيها المنصة
Image: wikimedia.org
Image: livebinders.com
المصدر:
هنا
هنا