اكتشاف جزيئات خطِرة في دُخان السجائر الإلكترونية
الكيمياء والصيدلة >>>> كيمياء
بالمقارنة مع السجائرِ العاديةِ التي تعطي باحتراقها دخاناً، تُنتِج السجائرُ الإلكترونيةُ ضَبُوباً aerosol، وهي جُسَيماتٌ بالغةُ الصغرِ من السائلِ المعلّقِ في مساحةٍ من الهواء. قام الباحثون بقياس مستوى الجذورِ الحرّةِ في ضبائبِ السجائرِ الإلكترونيةِ، ووجدوا أنّ السجائرَ الإلكترونيةَ تعطي مستوياتٍ عاليةً من الجذور الحرة عاليةِ التفاعلِ، والتي تقلّ بمقدار 100 إلى 1000 مرةٍ عن المستويات الناتجةِ عن السجائرِ التقليدية.
إنّ استخدامَ السجائرِ الإلكترونيةِ آخذٌ بالازدياد، فقد جرّبها أكثرُ من خُمْسِ اليافعين، كما أنّ المدخنين الحاليين والأشخاصَ الذين أقلعوا مؤخراً عن التدخين هم الأكثرُ استخداماً لها على الأرجح، بحسب ما ورد عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقايةِ منها في الولايات المتحدة CDC.
تقوم السجائرُ الإلكترونيةُ بنقل النيكوتين إلى جسمِ المستخدِمِ بعد حلِّه في بخار الماءِ بدلاً من حرق التبغ، ويتم تسويقُ هذه الأدواتِ العاملةِ بالبطاريات كبديلٍ عن السجائر التقليدية. وعلى الرغم من شعبيتِها المتناميةِ إلا أنّ القليلين يعرفون عن المواد السامةِ التي تُنتجها تلك الأدواتُ وعن تأثيراتِها الصحية.
يقول جون ريتشيJohn Richie ، أستاذُ علومِ الصحةِ العامةِ وعلمِ الأدوية، بأنّ هناك تصوّراً سائداً بِكَونِ السجائرِ الإلكترونيةِ أقلَّ ضرراً من السجائر العادية، ولكن برغم خُلوِّ دخانِ السجائرِ الإلكترونيةِ من الكثير من الموادِّ السامة الموجودةِ في دخان السجائرِ العادية، إلا أنّ من المهم لنا معرفةَ المخاطرِ المحتملةِ التي تقترن بالسجائر الإلكترونية والتقليلَ منها.
فقد وجدت دراساتٌ سابقةٌ مستوياتٍ منخفضةً من الأَلْدَهيدات في "دخان" السجائرِ الإلكترونيةِ، والألدهيداتُ هي مركباتٌ كيميائيةٌ يمكن أن تسببَ حالةً ندعوها بالكَرْب االتأكسدي (أو الإجهادِ التأكسديِّ) oxidative stress وتلَفِ الخلايا. لكن حتى الآن، لم يقم أحدً بالبحث عن الجذور الحرةِ والتي تعتبر المصدرَ الرئيسَ للكَرْب التأكسديِّ الموجودِ في دخان السجائرِ التقليدية. والجذورُ الحرةُ عاليةُ التفاعلِ تُعتَبر عاملاً رئيسياً في التسبب بالأمراض المرتبطةِ بالتدخين وعلى رأسها السرطانُ وأمراضُ القلبِ والداءُ الرئويُّ المُسِدُّ المزمِن (COPD).
ويضيف البروفيسور ريتشي قائلاً: "تُعتَبر هذه الدراسةُ الأولى من نوعها التي تُظهِر وجودَ هذه العواملِ شديدةِ التفاعلِ في الضَبُوب أو الدخانِ الناتجِ عن السجائر الإلكترونية"، حيث نُشِرَت نتائجُ هذه الدراسةِ في مجلةِ الأبحاثِ الكيميائيةِ في علم السموم "Chemical Research in Toxicology".
وأضاف البروفيسور: "إنّ مستوياتِ الجذورِ الحرةِ التي وجدناها في ضَبُوب السجائرِ الإلكترونيةِ هي أعلى من المستويات الموجودةِ في مِنطَقةٍ ذاتِ هواءٍ شديدِ التلوّث، ولكنّها أقلُّ من تلك الموجودةِ في دخانِ السجائر؛ إذ يجري إنتاجُ هذه الجذورِ عندما تقوم اللفائفُ أو الوشائعُ المعدنيةُ coils في هذه الأداة بتسخين محلولِ النيكوتين إلى درجاتِ حرارةٍ عاليةٍ جداً، لكن تبرز هنا الحاجةُ الماسّةُ إلى مزيدٍ من البحوث لتحديد الآثارِ الصحيةِ الناجمةِ عن الجذور الحرة شديدةِ التفاعلِ التي تُنتجها هذه السجائر".
ويُكمل ريتشي قائلاً: "ما قمنا به يُعتَبر الخطوةَ الأولى فقط، فالكشفُ عن الجذورِ الحرةِ في دُخان السجائرِ الإلكترونيةِ يعني أننا لا نستطيع بعد الآن أن نقول أنها آمنةٌ لمجرد أنها لا تحتوي على التبغ، فيُمكن أن تكونَ ضارة. والآن يبقى علينا أن نكشفَ عن تلك الآثارِ الضارّةِ الناتجةِ عنها".
ويقود ريتشي حالياً دراساتٍ تهدف لقياس مجموعِ الجذورِ الحرةِ التي يحتويها ضَبوبُ السجائرِ الإلكترونيةِ بشكلٍ دقيقٍ، إلى جانب تحديدِ البُنى الكيميائيةِ لها؛ الأمرُ الذي يساعدنا على تفسيرِ البياناتِ على نحوٍ أفضلَ ومن ثَمّ معرفةِ مدى خطورةِ تلك السجائر.
أخيراً وفي ظل تنامي شعبيةِ السيجارةِ الإلكترونيةِ وتحوّلِ الكثير من مدخّني السيجارةِ التقليديةِ إليها، لا بدّ من المزيد من البحوث والدراساتِ لمعرفة الآثارِ الصحيةِ المترتّبةِ عليها على المدى القريب والبعيد.
المصادر:
هنا
هنا
هنا