لقاحٌ فعال لعلاج̗ إدمان التّدخين..هل نحن على الطريق الصحيح؟
الكيمياء والصيدلة >>>> كيمياء حيوية
على الرَّغم من أن النّيكوتين ليس فيروساً، فقد طبَّقَ الباحثونَ مبدأَ اللقاحات على النّيكوتين. حيث ظهرت هذه الفكرةُ بدايةً عام 1990، وتعتمد̛ على إنتاج̗ أضداد ترتبط̛ بالنيكوتين وتمنَعُهُ من عبورِ الحاجزِ الدَّموي الدِّماغي، وبالتالي تمنَعُهُ من إِحداثِ التّأثير المُنبِّه المُعتاد المُصاحبِ للتّدخين.
ما ميزاتُ لقاحاتِ النيكوتين مقارنةً مع أدويةِ الإقلاعِ عن التّدخين الأخرى ؟
- الاستمراريةُ لعدَّةِ سنواتٍ أو حتى مدى الحياة.
- السُميّةُ المنخفضةُ أو المعدومة.
- الوقايةُ من احتمالية الإدمان.
- نظراً لامتلاكها آليةً عمل ٍمختلقةً عن أي مجموعةٍ علاجيّةٍ مستخدمة للإقلاعِ عن التدخين، فهي تمثلُ مُكمّلاً مثاليّاً للعلاجاتِ القائمة أصلاً.
ما هي أهمُّ الدراساتِ التي أُجريت في هذا المجال؟
من أهمِّ الأبحاث، دراسةٌ أُجريت عام 2012 من قِبل مجموعةٍ من الباحثين في كليّةِ ويل كورنل الطبية الأمريكية، تعتمد على قدرةِ اللّقاح على تحويل الكليةِ عند المُتلقّي إلى مَصنعٍ مُنتِجٍ باستمرار لأضدّاد تُنقّي الجريانَ الدموي من النيكوتين قبل أن تأتيه الفرصة للوصولِ إلى الدماغ، وإحداثِ التأثيرِ المنبّهِ المسببِ للإدمان. وعلى عكس لقاحاتِ النيكوتين الأخرى التي كانت تدومُ لعدةِ أسابيعَ فقط، فإن تأثيرَ جرعةٍ واحدةٍ من هذا اللّقاح قد يدومُ مدى الحياة.
نتيجةً لعدمِ قدرة الباحثين على إنتاجِ لقاح نيكوتينيّ من نمط اللقاحاتِ الفاعلة أو المنفعلة، فقد تمّ العملُ على إنتاج لقاحٍ من نمط اللقاحاتِ الجينية، عن طريق أخذِ التسلسلِ الجيني لأضدادِ النيكوتين المُصنَّعة، ووضعِها في فيروسٍ مرتبطٍ بالفيروس الغُدّي (AAV) مُصَمَّمٍ لكي لا يكونَ مؤذيا،ً وتمّ تضمينُه معلومات توجه الفيروسَ إلى خلايا الكبد، فقامت هذه الخلايا بعد ذلك بإخراجِ تيارٍ ثابتٍ من الأضداد التي عَدَّلت النيكوتين فورَ دخولِهِ المجرى الدّموي. تمّ اختبارُ هذا اللّقاح على الفئران، إلا أن التجاربَ السّريريّة لم تكن إيجابيةً بشكلٍ كافٍ.
تمكّنت مجموعةٌ من الباحثين في معهد سكريبس للأبحاث مؤخراً من تصميمِ لقاحٍ نيكوتينيّ أكثرَ فعاليةً، يُعطي أملاً جديداً بقدرة العلمِ على صنعِ لقاحِ نيكوتين قادرٍ على النجاحِ في التجاربِ السّريريّة.
تكمنُ المشكلة في لقاحِ النيكوتين السّابق، والذي كان فعّالاً فقط على 30% من المرضى حسب رأي الباحثين أنه لم ينتقِ أكثرَ أنماطِ النيكوتين شيوعاً ليقومَ بمهاجمتها. حيث يمتلكُ النيكوتين نمطين يبدُوان كصورةِ مرآة بالنسبة لبعضهما، إحداهما النُّسخةُ اليُمنى والأخرى هي اليُسرى. وعلى الرَّغم من احتواءِ 99% من أنواع التَّبغ على النُّسخة اليُسرى، إلّا أن اللقاحَ السابق حفّزَ إنتاجَ الأضدادِ ضدَّ نمطي النيكوتين، مما يُعتبرُ هدراً للاستجاباتِ المناعيّة .
ربطَ الباحثون في هذه الدراسةِ مشتقاتَ النيكوتين المُسماةَ بالنَّواشِبِ (haptens) إلى بروتيناتٍ حاملة كبيرة، حيث يستجيبُ الجسم للُّقاح عن طريقِ تشكيلِ الأضّدادِ التي ترتبطُ بشكلٍ نوعيّ مع جزيئاتِ النيكوتين.
صمّمَ الباحثونَ اللقاحَ من النُّسخةِ اليُسرى من نواشِبِ النيكوتين، لحلِّ المشكلةِ السابقة. وللتأكد من فعاليَّتِه، تم تحضيرُ مزيجٍ بنسبة 50-50% من النُّسختين، وكذلك تم تحضير لقاحٍ من النُّسخةِ اليمنى النقيّة، ومن النُّسخةِ اليُسرى النقيّةِ للنيكوتين. قام العلماء باختبارِ النُّسختين والمزيج منهما على الفئران، فحقنُوا الفئرانَ ثلاثَ مراتٍ خلال 42 ساعة. ثم حلَّلوا الدّمَ من المجموعاتِ التجريبية الثلاث، ووجدُوا أن النَّواشبَ اليُسرى أثارت استجابةً مناعيةً أكثرَ فعاليةً مقارنة بالنّواشبِ اليمنى، فقد قامت النَّواشبُ اليُسرى بتحفيز تشكيل الأضداد أسرعَ بحوالي أربعةِ أضعاف، وكانت فعالية المزيج %50-50 تقريباً 60% من فعاليةِ النُّسخةِ اليُسرى.
يعتقدُ الباحثون أن اللقاحاتِ المُستقبليةَ يجب أن تستهدفَ النُّسخةَ اليُسرى من النيكوتين مع احتمالِ وجودِ نواشِبَ أخرى أكثرَ فعالية، وأن تنقيةَ مزائجِ نواشِبِ النيكوتين هي خطوةٌ هامّةٌ وعملية في تصميم لقاحاتِ النيكوتين مستقبلاً.
من المهمِّ أيضا تطويرُ لقاحات ضد أنواعٍ أخرى من الأدويةِ المسببةِ للإدمان كالكوكايين والهيروين.
المصادر:
هنا
هنا
هنا