حواسيب كاشفة للضَّجر
الهندسة والآليات >>>> الروبوتات
لحسن الحظ، هناك بحثٌ جديدٌ سيفتح آفاقًا عريضًة في مجال الذكاء الاصطناعيّ يتوعّدُ الضجرَ ويهدّدُ وجوده. تعالوا معنا نتابع هذا المقال:
يعتمدُ المفتاحُ الرئيسيّ لهذه التقنية على بحثٍ قام به خبيرُ لغة الجسد الدكتور "Harry Witchel"، والذي وجد فيه أنّ الإنسانَ حين يكونُ ضجِرًا يقوم بحركات لا إرادية غير فعالة "Non-Instrumental movements" ويمكنك أن تلاحظَ نفسك حين تكون ضجِرًا، فإن كنت مُمسكًا بقلمك على سبيل المثال فستفتحهُ وتغلقهُ مرارًا وتكرارًا، وقد تُحرّكه يمنًة و يسرًة دون أن تشعرَ بذلك.
تتناقص هذه الحركات الغير فعّالة كلما كان الإنسانُ مُندمجًا مع البرنامج الذي يشاهده أو الشيء الذي يسمعه، تمامًا مثلَ الطفل الصغير كثير الحركة الذي يجلسُ هادئًا مُتسمّرًا أمام شاشة التلفاز أثناء متابعته للرسوم المتحركة.
يُمكن أن يُحْدِث هذا البحثُ ثورةً في عالمِ الذّكاء الاصطناعيّ وذلك بدمج تقنيات في الحواسب تُمكّنها من ملاحظة وقياس نسبة الحركات اللاإرادية الصّادرة عن الإنسان في حالِ شعورهِ بالضجر. ستغدو برامج ومواقع التعليم عن بعد أكثرَ فعاليًة بعد توديعِ لحظات الضجر التي نهرب فيها لأحلام اليقظة والرسوم العشوائية على دفاترنا، وستتناسب هذه البرامج مع مستوى اهتمامنا بالمحتوى المعروض فتقوم بتغيير نمط العرض أو محتواه وفقًا لدرجة السأم التي نعايشها لتستعيد انتباهنا واهتمامنا الكامل مرةً أُخرى.
وستساعد هذه التقنية على تطوير الروبوت الصديق ليكونَ أكثرَ إدراكًا وتعاطفًا، والذي قد سبق وتناولناه في مقالٍ سابق للباحثون السوريون هنا
، فأيُّ صديقٍ هذا الذي لا يُميّز إن كان صديقه يشعرُ بالضجر أم لا!، وسيتمكن أيضًا صانعو الأفلام ومبتكرو الألعاب من الوصول إلى الانطباع الحقيقي الذي يحاولون الوصول إليه والذي تتركه أعمالهم في نفوس المُستَخدمين والجمهور.
و في تجربةٍ لهذه التقنية، تعرّضَ 27 متطوعًا لمحتوىً مدّتهُ ثلاثُ دقائقَ على جهاز الكمبيوتر، حيثُ تفاوتَ هذا المحتوى بين ألعابٍ مُبهرةٍ إلى قراءةٍ مُملّةٍ للائحةِ تنظيم العمل المصرفيّ للاتحاد الأوروبيّ، في حين كان كلُ متطوعٍ يحملُ في يده كرةَ تعقبٍ محمولة. وباستخدام تقنية تتبّع الحركة، تمّ تحديد وقياس كمية الحركات الغير مفيدة التي قام بها المتطوّعون لا إراديًا أثناء مشاهدتهم للمحتوى، ليجدوا أنّ المحتوى الأكثر تشويقًا نجحَ في تقليل الحركات الغير إراديّة عن المحتوى الأقل تشويقًا بنسبة 42% ممّا يُعطي انطباعًا دقيقًا عن تفاوتِ مشاعرِ الضجرِ لدى المتطوّعين خلال مدة التجربة.
قامَ العلماءُ سابقًا بالاستفادة من هذه الأبحاث من أجلِ تحسينِ إدارةِ الوقتِ والسلامة وزيادةِ الكفاءة في المصانع. حيثُ تمكّنت مجموعةٌ من الباحثين من تصنيعِ نظامِ تحكمٍ يجعل الروبوت أكثر ذكاءً وذلك من خلال استخدام أجهزة استشعار تستطيع أن تقرأ حركات ذراع الإنسان ومن ثمّ تقوم بإرسال المعلومات إلى الروبوت ليتوقّع الروبوت بدوره حركات الإنسان فيقوم بتصحيحِ حركاتِه من تلقاء نفسه. والذي تكلمنا عنه في مقالٍ سابق للباحثون السوريون هنا
أيُّ تقنيةٍ واعدةٍ تنتظرنا لتخفّف عنا الضجر والسأمَ حين يستبدّ بنا! ما رأيكم؟
وما هي المجالات الأخرى التي يمكن أن تستفيد من هذه الأبحاث؟
المصدر: هنا