بجماليون، أسطورة الفنان الذي عشق تحفته
الفنون البصرية >>>> أساطير الشعوب
تروي الأسطورة أن بجماليون عمل طويلاً على تمثاله حتى أصبح آية في البهاء و أجمل من أي امرأة عاشت على وجه الأرض أو نُحِتت في الصخر.
وحالما انتهى من رسم ملامح المرأة في التمثال وجدها قد أصبحت مبهرة على نحو غريب، فراح يُعمِل مطرقته وإزميله بحنان كبير، وعندما توقف إزميله عن النحت أخيراً وجد أمامه تمثالاً لامرأةٍ بارعة الجمال لدرجة أن بجماليون الذي صرح مراراً بكرهه للنساء وقع في حب شديد لهذا التمثال، وصار يقدم له الهدايا التي حسبها تُسعد النساء كأصداف البحر الجميلة والخرز والطيور المغردة والحليّ والزهور. وراح يتقرب من الصنم بالمداعبة والقبل، بل وألبسه أجود الأقمشة وزيّنه بالحلي من خواتم وعقود وأقراط. فيا لها من مفارقة أن يقع من احتقر النساء في غرام تمثال امرأة من صنع يديه لا يبادله مشاعر الحب!
كانت قبرص تقيم الاحتفالات كل سنة في مهرجان لتكريم أفرودايت ربة الحب عند الإغريق والتي كانوا يعتقدون أنها تفضل الجزيرة على سائر البلاد اليونانية، هنا شعر بجماليون عاشق المرأة التمثال برغبة في التضرع لأفرودايت فقرر أن يقدم لها القرابين في معبدها الشهير في قبرص، ولكن قبل ذلك لم يكن شغف بجماليون وعشقه لتمثال المرأة بعيداً عن ملاحظة إلهة الحب أفرودايت التي شعرت بالشفقة على حال النحات الشاب، وعندما زار معبدها ليضحي لها بثور، قرّرت أن تريه علامة على قبول دعواته، فبينما كانت الأضحية تحترق توهّج اللّهب مرّة ومرّتين وثلاثاً. عاد بجماليون إلى منزله حائراً فيما تعنيه تلك الإشارات التي رآها، ولكن عندما دخل مشغله وأبصر التمثال غابت عن باله كل الأفكار والخواطر، فركض إلى محبوبته وعانقها.
ولكنه شعر بشيء غريب! هل شعر بحرارة التمثال أم أنها حرارة الأثر الباقي من أشعة شمس المغيب؟ ثم قبّل التمثال فشعر برقة الشفتين! تراجع إلى الوراء مذهولاً ونظر إلى التمثال، لقد بعثت أفرودايت الحياة به وصار امرأة اسمها جالاتيا.
تردد عقل بجماليون بين الشك والفرح خشية أن يكون متوهّماً، فتحسس تمثال آماله مرارا بشغف العاشق، لقد كان حيّاً بالفعل ، وأدرك بجماليون أخيرا أن دعواته في معبد أفرودايت قد استُجيبت فركع خاضعا تحت أقدام الإلهة يشكرها.
بعد ذلك بوقت قصير تزوج بجماليون من جالاتيا دون أن ينسى شكر أفرودايت على الهبة التي منحته إياها، وبدورها أفرودايت باركت الزواج الذي صنعته والذي نتج عنه مولودٌ اسمه بافوس ومنه أخذت مدينة بافوس القبرصية اسمها.
وقد أعيد استحضار قصة هذه الأسطورة مرارا في الفن عبر العصور، فقد كتب المسرحي الإيرلندي الشهير جورج برناردشو مسرحية بعنوان "بجماليون" مستوحاة من قصة الأسطورة. وفي الأدب العربي تناول الكاتب المسرحي توفيق الحكيم القصة في مسرحية عنوانها "بجماليون" أيضا.
وأصبحت قصة الأسطورة موضوعاً للأوبرا التي ألفها جان فيليبي رامو عام 1784، كما كانت موضوع أول أوبرا ألفها جايتانو دونيزيتي.
المصادر:
هنا
هنا