هل توجد مادة قادرة على امتصاص الحرارة دون أن تصبح ساخنة؟
الهندسة والآليات >>>> اسألوا مهندسي الباحثون السوريون
إذا كانت سيارتُك أو دراجتك متوقفةً في الشمس لمدةٍ طويلة، فستعرف ذلك بسهولةٍ بمجرِّد أن تلمس مقودَ السيارة أو مقعد الدراجة وتشعرَ بسخونتهما، هذه الموادُّ المعروفة "ذات التأثُّر الحراري الملموس" مثل الحديد والألمنيوم، تزدادُ حرارتها بشكلٍ محسوس عند امتصاصها للحرارة، ولكن أيضاً كما يقول البروفيسور أدم بيكسون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا - قسم الهندسة الميكانيكية: هنالك موادُّ مثل المواد المُتغيِّرة الأطوار "phase change materials (PCMs)" والموادِّ المُخزِّنة للحرارة الكامنة التي تمتصُّ وتنشر الحرارة دون رفع درجة حرارتِها.
كل مادةٍ من المواد المتغيرة الأطوار PCMs لها درجةُ حرارةِ إشباعٍ مميَّزة وفريدة من نوعها، حيث أن درجةَ حرارة الإشباعِ هذه هي النقطة التي تتحوَّل عندها المادة من الحالة السائلة إلى البخارية أو من الصُّلبة إلى السائلة، فعند تسخينها لن تتغير درجة حرارة هذه المادة حتى تتحول كاملُ كتلةِ المادة إلى الحالة الجديدة.
كمثال على ذلك يُوضح الفكرة بشكلٍ جيد: وضعُ كوبٍ من مكعبات الثلج على موقد نار، فإن الثلج بحد ذاته سيُحافظ على درجة حرارته حتى يذوب كلُّه، فقط عندما تتحول كافةُ كمية الماء من الحالة الصُّلبة إلى السائلة، سيصبح الماء أكثر دفأً عند اللمس.
آلافُ المواد تُصنَّف كموادَّ متغيرةِ الأطوار PMCs، يقول بيكسون: من الموادِّ العضوية مثل البارافين والأحماض الدُّهنية إلى هيدراتِ الملح غيرِالعضوية والموادِّ الهيدروكربونية، شكَّلت هذه الموادُّ محورَ اهتمامِ المهندسين المختصِّين في النقل الحراري وتخزين الطاقة الحرارية، لأنها تبدأ بنشر الحرارة الكامنة داخلَها فقط عندما يتمُّ خفضُ درجةِ الحرارة إلى درجةٍ أقلَّ من درجة تجمُّد هذه المواد.
يُمكن تصميمُ أنواعٍ مختلفةٍ من الشموع لتبدأ بالذوبان والتجمُّد في درجة حرارة الغرفة العادية، وهي شكلٌ موفِّر للطاقة أثناء العزل في الألواح الجدارية، وكمثال على ذلك: في يومٍ حار من شهر آب يمتصُّ الشمعُ داخلَ الجدران حرارة الشمس الخارجية، ولكن درجة حرارتِه تبقى ثابتةً في مجال درجة حرارة ذوبان الشمع، ويُحافظ على حرارةِ البيت الداخلية باردةً ومريحة.
يُمكن لتقنية الحرارةِ الكامنة إبقاءَ النباتات سعيدةً أيضاً، فموادُّ متغيرةُ الأطوار PCMs مثل كلوريد الكالسيوم و ديكا هيدرات كبريتات الصوديوم، استُخدِمَت بنجاحٍ في البيوت البلاستيكية للحفاظ على الطاقة الحرارية للشمس، فخلال النهار تجمعُ وحداتٌ مليئةٌ بالموادِّ المتغيِّرة الأطوار PCMs داخل البيوت البلاستيكية الهواءَ الدافئ، وفي الليل يتمُّ عكسُ أتجاهِ تدفُّق الهواء، مما أدى إلى توفيرٍ في الطاقة والتكاليف، وأصبحت البندورة أو الطماطم تنمو في درجاتِ حرارةٍ ثابتةٍ ومُثلى.
Image: aiaaustin.org
على الرغم من أن البعض لا يُدركون ذلك، ولكن المتنقِّلين وأصحاب النزهات يستخدمون موادَّ الـ PCMs عندما يُخرجون الطعام من الثلاجة إلى علب الغداء الخاصة بهم، فإن مزيجاً من الماء وغليكول البروبلين وكربوكسيل صوديوم السيللوز سيؤدِّي إلى انخفاض درجة حرارة التجمُّد لها. كمثال: الموادُّ المتغيرة الأطوار PCMs ستُمكِّن المزيجَ من امتصاص الحرارة المحيطة من خزانة المدرسة أو صندوق السيارة ولكن دون أن تُصبح ساخنةً بشكلٍ يُذيب الطعام وتحافظ على السندويشات طازجة ًوالمشروباتِ الغازية مبرَّدة ريثما يرن جرس وقت الغداء.
إذاً فالإجابة هي نعم يوجد، ولها استخداماتٌ مدهشة.
شاركنا في رحلة المعرفة، ما هو التساؤل الذي طالما شغلَ تفكيرك دون أن تحصل على جوابٍ علميٍّ دقيق له؟ حان الوقت لتعرف الجواب.
المصدر: هنا