تشخيص فتاة صغيرة بسكري البالغين (النمط الثاني )
الطب >>>> مقالات طبية
وبَاءُ السُّكَّريّ يَنتَشِرُ بِسُرعَةٍ بينَ الأطفالِ كَمَا يَنتشِرُ بِسُرعةٍ بينَ البالغِينَ، والعديدُ مِن الأطفالِ يُصبحون مُصابِينَ بالسُّمنَةِ والنَّمَطِ الثَّانِي منَ السُّكري يوميَّاً. ولكنَّ التَّحديدَ البَاكِرَ للأطفَالِ المُعَرَّضينَ لِخَطرِ الإصابةِ و التَّحفِيزَ على التَّشخِيصِ المُبَكِّر والمُعالجةِ المُبَكِّرةِ هيَ عَوامِلٌ أساسيَّةٌ تُساعِدُ على عكسِ سَيرِ المَرَض.
عِندَما حَضَرتِ الفَتَاةُ ذاتُ الثَّلاثةِ أَعوامٍ والنِّصفِ، صَاحِبَةُ الأُصولِ الإسبانيَّةِ إلى عِيادَةِ الأطفال الغدِّيَّةِ حيثُ يعملُ الدكتور يافي على تَقييمِ سِمنَةِ الأطفَالِ، وكَانَت تُعانِي مِن أَعراضٍ عديدةٍ مِنها: العَطَشُ والتَّبوُّلُ الزَّائِد إلَّا أنَّ تَاريخَها الطِّبِّيَّ لَم يَكُن يَحتَوي على ما يَستَحِقُّ التَّوقّف عِندَهُ. لقد وُلِدَت بِتَمَامِ الحَملِ وكانَ وزنُها عِندَ ذَلك ٣.٢كغ. وعلى الرَّغمِ مِن أنَّ والدِيها يُعانِيانِ مِنَ السُّمنةِ إلّا أنَّهُما لَيسا مُصَابينِ بالسُّكرَيِّ.
عِندَ مُراجَعَةِ النِّظامِ الغِذَائِيّ للطِّفلَةِ تُبيَّنُ وُجودَ عَاداتٍ غِذَائِيّةٍ عَائليّةٍ سَيّئةٍ، إذ تَتَناوَل الكَثيرَ مِنَ السُّعراتِ الحراريَّةِ والدُّهُونِ دُونَ أيِّ مُراقَبةٍ لِذلك.
عِندَ الفَحصِ السَّريريّ، كانَ وزنُ الطِّفلَةِ ٣٥ كغ وهو مَا يُعتَبَرُ ضمنَ أعلى ٥٪ بينَ الأطفال مِنَ العُمر نفسِهِ، وكذلكَ الأمرُ فيما يتعلَّقُ بِطُولِها ومؤشِّر كتلة الجسمِ الخاصّ بها.
خَضَعتِ الطِّفلَةُ للعديدِ منَ الفُحوصِ المِخبَريَّةِ لِنَفيِ الأسبابِ الأُخرى المُحتَمَلَةِ لِسُمنَتِها وَوَزنِها الزَّائِد وقد كَشَفت هذه الفُحوصُ أنَّ الطِّفلَةَ تَملك سُكّر دمِ صِياميٍّ عالٍ وكذلكَ الأمرُ فيما يتعلّقُ بالخُضابِ الغلوكوزيّ وقد كانَ فحصُ الأجسامِ الضدّيّة التي تَكشِفُ وجودَ السُّكريّ من النَّمطِ الأوَّلِ سَلبيّاً.
يقول الدكتور يافي: "بناءً على أعراضِها ووجود السُّمنَةِ ونتائجِ الفحوصِ المخبريِّةِ شخَّصنا أنَّها تُعاني مِنَ السُّكريّ من النَّمطِ الثَّاني."
بَدأت مُعالجَةُ الفَتاةِ بإعطائِها دواءَ السُّكَّريّ "ميتفورمين ٥٠٠ملغ سائل" (دواء خافض لسكر الدم). كما قامَ الفريقُ الطبّيُّ المعالجُ بتوعيةِ الأهلِ مِن ناحيةِ السُّكريّ ومن ناحيةِ النِّظامِ الغذائيّ وطلبوا منهم القِيامَ بتطبيقِ تَغييراتٍ وتعديلاتٍ على أسلوبِ حياتِهم عَن طريقِ التَّحكُّمِ بكمّيّاتِ الغذاءِ والكمّيّة الكليّةِ للسعرات الحراريّة التي يتمُّ استهلاكُها يَوميّاً، وبالطَّبع زيادةُ نشاطِ الطِّفلة البدنيِّ والفيزيائيّ.
بعدَ ذلكَ خسِرتِ الفَتاةُ الكَثيرَ مِنَ الوزنِ الزَّائِدِ مِمّا أدّى إلى عَودَة مُستوياتِ سُكّر الدّم إلى الطبيعيّ، تمَّ تخفيضُ العلاجِ بالميتفورمين بنسبةِ ٥٠٪ كلَّ شهرٍ ومن ثمّ تمَّ إيقافُه. بعدَ ٦ أشهرٍ من التَّشخيص أصبحَ وزنُ الفتاةِ ٧٥٪ من وزنِها عِندما اُحضِرت للمعالجَة، كانت نِسبَةُ سُكّر الدّم لديها طبيعيّةً وكانت نِسبة الخُضابِ الغلوكوزي لديها ٥.٣٪ وتمَّ إيقافُ العلاجِ بالميتفورمين.
يَختَتِمُ الدكتور يافي بقوله: "مِنَ المُمكِن عَكسُ مَسيرةِ السُّكريّ منَ النَّمطِ الثَّاني لدى الأطفال بالفَحصِ البَاكِر للأطفال البُدُنِ والتًّشخيصِ الباكرِ والعلاجٍ المناسِب والتًّعديلاتِ المُناسبَةِ لأُسلوبِ الحياة."
إنّ نِسبَة مُصادَفَةِ السكريّ من النَّمطِ الثَّاني لَدى الأطفالِ ارتَفَعَت بِشَكلٍ دراماتيكي حَولَ العالَمِ نَتيجةَ انتشارِ السُّمنَةِ لَديهم بِشكلٍ وَبائيٍّ.
يَتوجَّبُ على الأطبّاءِ أن يكونوا واعينَ لاحتماليّةِ وُجودِ السُّكريّ من النَّمطِ الثَّاني حتى عندَ الأطفال البُدُن الصِّغارِ جدّاً، على الرَّغمِ من أنّ النَّمطَ الاوَّلَ ما زالَ وارِدَ الحُدوثِ لدى الأطفالِ البُدُنِ، بل هُوَ أكثرُ شُيوعَاً عندَ الصِّغارِ مِنَ النَّمَطِ الثَّانِي مِنَ السُّكَّريّ."
مُنذُ حوالي العَقدينِ مِنَ الزَّمنِ كانَ ما يُعرَفُ الآنَ بالسكريّ من النَّمطِ الثَّانِي يُدعَى بسُكَّري البَالغين نظراً لقِلَّةِ شُيُوعِهِ بينَ صِغارِ السِّنّ.
ولكن وخِلالَ فَترةٍ زَمنيَّةٍ قَصيرةٍ جداً وبالتَّوازي مع ارتفاعِ نِسبَةِ السُّمنة، أصبحَ الأطبَّاءُ وأخصائِّيو العنايةِ الصِّحيّةِ على إدراكٍ تامٍّ بأنَّ المَرَضَ لا يملِكُ حُدوداً عُمرِيّة.
المصدر:
هنا
هنا