لماذا لا يستطيع حديثو الولادة مقاومة الزكام؟
الطب >>>> طب الأطفال
بتسأل حالك إنه ليش الولاد الصغار يلي مولودين جديد بتكون مناعتون ضعيفة وممكن بسهولة يتعرضوا لنزلات البرد وشو الشي يلي بصير بجسمهن؟
كما نعلم يكون الأطفال الصغار في الأسابيع التي تلي الولادة معرّضين لالتقاط العدوى الجرثومية أو الفيروسية من الوسط المحيط، لأنّ أجهزتهم المناعية ما زالت غير قادرة على القيام بوظائفها بالشكل الأمثل. توجد العديد من النظريات التي اقترحت لتفسير ذلك، وأضاف الباحثون نظرية جديدة تقول أنّ كبت المناعة immune suppression في الحياة المبكّرة للطفل يشجّع على غزو أنواع معيّنة من البكتريا النافعة للأمعاء واستعمارها لها (أي أنّ جسم الطفل لا يقاوم هذه البكتريا ولا يبدي رد فعل مناعي تجاهها، سامحاً لها باستعمار منطقة المعي والبقاء فيها)، حيث تعمل الجراثيم النافعة على منع العداوى التي تسبّبها البكتيريا المُمرضة في أمعاء الأطفال (تعرف البكتريا النافعة التي تستوطن الأمعاء وتقاوم البكتريا الممرضة عادةً باسم الفلورا المعوية).
يكون الأطفال حديثوا الولادة أكثر عرضة من الأطفال الأكبر سناً لالتقاط العداوى الخطيرة والموت منها. تقول واحدة من النظريات لتفسير ذلك أنّ أجهزتهم المناعية، شأنها شأن سائر أجهزة لديهم، لم تنضج بعد إلى الدرجة الكافية. وتقول أخرى أنّ كلاً من الأمهات والأجنة تكون أجهزتهم المناعية بحالة كبت أو تثبيط في فترة الحمل، لئلّا يتم رفض أحد الجسدين للآخر (أي لتجنب حصول تفاعل مناعي خطير نتيجة وجود هذا الجنين في جسم الأم، بحيث يعتبر جسم غريب)، ومن ثَمّ بعد الولادة يحتاج الأطفال الصغار مرور شهر لتعزيز مناعتهم.
وقد تساءل أحد الباحثين، الدكتور Way "وهو طبيب مختص بالأمراض المعدية للأطفال في ولاية أوهايو" فيما إذا كان نقل خلايا مناعية من البالغين إلى حديثي الولادة يزيد من قوة أجهزتهم المناعية، ولكنه عندما قام هو وزملاؤه بإدخال خلايا مقاوِمة للإصابات المرضية إلى جِراء (فئران صغيرة) بعمر ستة أيام، مأخوذة من طحال فئران بالغة لم يقلّل ذلك من قابلية الفئران حديثة الولادة للإصابة بالأمراض المعدية، وبقيت كغيرها من الحيوانات. ومما زاد من دهشتهم أنّهم وجدوا أنّ الخلايا المناعية المنقولة توقّفت عن العمل عند الحيوانات حديثة الولادة. بعد ذلك قام الباحثون بعكس هذا النقل "أعطوا الفئران البالغين خلايا مناعية مأخوذة من حديثي ولادة - والتي كانت غير فعّالة عند الجراء- ووجدوا أنها عملت وأصبحت فعالة عند الحيوانات البالغة"، مما جعل الدكتور واي يعتقد أنّ المشكلة ليست بالخلايا الوَليديّة بحد ذاتها، وإنّما بالبيئة "أجسام حديثة الولادة أو بالغة " الحاضنة، فهي التي تقود سلوك الخلايا.
وقام الباحثون في مختبر دكتور Way بدراسة مجتمع مِجهرِيّات البُقعة المعوي (الجراثيم المستوطنة للأمعاء gut microbiome)، وهي مجموعة بكتيريا صحّية تقطن في أمعائنا. فالفئران حديثة الولادة تماماً "كالأطفال الصغار من البشر"، تولد وهي نظيفة من البكتريا، باستثناء القليل من البكتريا المعوية. ومن ثم يتغير هذا الوضع بسرعة. وهنا يتساءل د. واي فيما إذا كان هناك أي علاقة بين هذا الاستعمار الجرثومي، وما يبدو أنّه كبح مناعي هادف في الفئران.
ولاستكشاف ذلك ركّزت مجموعته على دراسة الخلايا المناعية التي تتطور في النهاية إلى كريّات دم حُمر، وتحمل على سطحها مستقبلات تدعى CD71، والتي تسبّب كبت المناعة للخلايا الأخرى. وبإقصاء 60% من خلايا CD71 من الفئران، لوحظ حدوث التهاب شديد بأمعاء صغار الفأر. كما وجد الباحثون أنّه مع نموّ الفئران يقلّ عدد الخلايا التي تظهر على سطحها المستقبلات CD71، أي أنّه لم تعد هناك حاجة للكبت المناعي مع تقدم الطفل بالعمر مبتعداً عن مرحلة الطفولة المبكرة, وبذلك تقترح نظريتهم أنّ السبب وراء تناقص الكبت هو أنّ استعمار هذه الجراثيم للأمعاء قد تحقّق بالفعل في الأيام الأولى بعد الولادة، وانتهى الأمر.
ولكن هل تنطبق النظرية على صغار البشر؟ فجهازهم المناعي يتطوّر بطريقة مختلفة عن الفئران. وقد اهتمّ الدكتور واي بالبحث عن خلايا CD71 في أطفال صغار ولدوا في موعدهم أو قبل الأوان.
يموت الأطفال الذين تكون ولادتهم مبكرة جداً عادةً جرّاء التهاب أمعاء يدعى بالالتهاب المعوي القولوني الناخِر (necrotizing enterocolitis) إذا كان جهازهم المناعي لايزال جنينياً "غير جاهز للاستعمار من قبل بكتريا الأمعاء، والذي يفترض أن يحدث بعد الولادة", ويقول الباحثون أنّ الخديج "طفل مولود قبل الأوان" من الممكن تحويل جهازه المناعي كطفل مولود قي وقته بإعطائه خلايا مناعية- وذلك نظرياً وفي المستقبل البعيد- وبذلك تبقى أمعاؤهم بصحّة جيدة.
ترجمة: إسلام قطيفاني.
المصدر: هنا