أملٌ جديدٌ لمرضى التصلب اللويحي
الكيمياء والصيدلة >>>> صيدلة
ينتمي ocrelizumab إلى عائلة الأضداد وحيدة النسيلة¹، ويقوم على الارتباط بجزيئة CD20 التي تتواجد على سطح بعض الخلايا اللمفاوية البائية B cells (نمط خاص من الكريات البيضاء يمتلك عدة وظائف أهمها تصنيع الأضداد)، وينتج عن هذا الارتباط إزالة هذه الخلايا من مجرى الدم على اعتبار أنها تساهم في إحداث أذيةٍ لكل من الميالين والمحاور العصبية وما يليه من إعاقاتٍ عصبيةٍ مختلفة النوع والشدة. غير أن ما يميز هذا الدواء هو إمكانية تأثيره على النمط الأوليّ المترقي من التصلب اللويحي، والذي ليس له أي علاجٍ معتمدٍ حتى يومنا هذا.
وقبل الخوض في الدراسات التي تناولت هذا الدواء، لابد من الحديث قليلًا عن التصلب اللويحي وأنماطه الرئيسة. التصلب اللويحي (المتعدد) Multiple Sclerosis(MS) مرضٌ مزمنٌ يصيب حوالي 2.3 مليون شخص حول العالم، يقوم الجهاز المناعي في سياق المرض بمهاجمة الميالين التابع للجملة العصبية المركزية (الدماغ، النخاع الشوكي، والعصب البصري)، وبحسب المنطقة المصابة تتطور أعراضٌ وعلاماتٌ مختلفة. كما يمكن تمييز أربعة أشكالٍ مميزةٍ للمرض، أكثرها شيوعاً النمط الناكس الهاجع Relapsing Remitting(RRMS) الذي يمتاز بظهور هجماتٍ تسوء فيها حالة المريض العصبية ثم تليها فترة من الهجوع والتحسن الجزئي أو الكلي. تتخذ الحالات المترقية من MS شكلين، أولهما يشكل 85% منها، وهو المترقي بشكل ثانوي Secondary Progressive(SPMS) والذي يبدأ بتناوبٍ من هجماتٍ يليها تحسنٌ نسبيٌّ ثم يحدث تراجعٌ مترقٍ في الحالة العصبية، أما 15% المتبقية فتمثل النمط الأوليّ المترقي Primary Progressive(PPMS) والذي لا يتخلل سيره أي هجماتٍ وإنما يتظاهر بتدهورٍ مستمرٍ وإن كان ذلك بسرعةٍ متفاوتة. أخيراً يُعدُّ النمط المترقي-الناكس Progressive-Remitting(PRMS) الأقل انتشاراً، وفيه يترقى المرض تدريجياً مع وجود فتراتٍ من اشتداد الأعراض دون أن يليها أي تحسنٍ أو تراجع. ويمكنكم أيضاً الاطلاع على مقالنا حول التصلب اللويحي على الرابط التالي :
هنا
منذ عام 2008 بدأت تقارن الدراسات بين كل من ocrelizumab والإنتيرفيرون بيتا Interferon-ß1a (العلاج الرئيس للتصلب اللويحي)، وذلك عند المرضى الذين يعانون الشكل الناكس من MS، حيث تم جمعُ 1656 مريضٍ من 40 دولةٍ مختلفةٍ وتم إعطاؤهم 600 ميلي غرام من ocrelizumab تسريباً وريدياً كل 6 أشهر مقابل 44 ميكروغرام من الانترفيرون بيتا حقن تحت الجلد ثلاث مراتٍ في االأسبوع، وتمت مراقبة عدد حالات النكس لمدة عامين (96 أسبوع)، حيث تبين أن ocrelizumab قادرٌ على خفض عدد حالات النكس بالإضافة إلى مدى ترقّي الإعاقة السريرية، كما وُجد تناقصٌ واضحٌ في عدد الإصابات الدماغية (يمكن تحرّيها بواسطة الرنين المغناطيسي MRI) في صفوف المرضى الذين تناولوا هذا الدواء الجديد. وفيما يتعلق بسلامة هذا الدواء، فقد كانت التأثيراتُ الجانبية الواردة من استخدام ocrelizumab مشابهةً لتلك المرتبطة بالإنترفيرون، علماً أن التأثير الجانبي الأكثر شيوعاً ارتبط باستجاباتٍ متعلقةٍ بالتسريب الوريدي للدواء تراوحت ما بين خفيفة ومتوسطة الشدة.
كما قامت الشركة الدوائية السويسرية ROCHE المُصنّعة للدواء عام 2011 ببحثٍ آخر لإثبات فعاليته في علاج الشكل الأولي المترقي PPMS، وقد أثمر عن هذا البحث منح Breakthrough therapy designation من قِبل FDA الذي أشرنا إليه سابقاً. قامت هذه الدراسة المسمّاة Oratorio بجمع 732 من مرضى PPMS (تراوحت أعمارهم ما بين 18 و55 عاماً) وتمت المقارنة ما بين دواء غفل (يخلو من المادة الفعالة) placebo وocrelizumab، وقد أظهر الأخير انخفاضَ خطورةِ ترقي الإعاقة السريرية بنسبة 24%. وقد أشار الدكتور فريد لوبلن Dr.Fred Lublin رئيس مركز ديكنسون للتصلب اللويحي Corinne Goldsmith Dickinson Center for MS أنه لابد من تقديم بياناتٍ أكثر وضوحاً حول طرائق اختيار المرضى الأنسب للاستفادة من هذا العلاج الجديد.
وأخيراً لابد من التأكيد أن ocrelizumab لم يُمنح بعد موافقة التسويق والتطبيق، إلا أن مجموعة Genentech (إحدى المجموعات العاملة في شركة روش) تؤكد على استمرار جهودها لتحصيل موافقة التسويق لتقديم هذا الدواء بأسرع وقتٍ ممكن. وكلنا أملٌ أن يحقق هذا الدواء نجاحاً فعلياً في التخفيف من معاناة مرضى التصلب اللويحي.
¹ الأضداد وحيدة النسيلة: نوعٌ من العلاجات البيولوجية، تقوم هذه الأضداد بالارتباط ببروتينات محددة على سطوح الخلايا، بحيث يُصمم كل نوع من هذه الأضداد للارتباط بنوع واحد فقط من البروتينات.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا